الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 108 «رفيع بن مهران» «أبو العالية الرّياحي البصري» ت 90 ه
ـ (1)
الإمام- المقرئ- الحافظ- المفسر- الورع- صاحب المنزلة العالية.
أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شاب، وأسلم في خلافة «أبي بكر» رضي الله عنه.
أخذ «القرآن» عرضا على: أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن عباس، رضي الله عنهم. وصحّ أنه عرض «القرآن» على «عمر» فقد روى «الدارقطني» أن أبا العالية قال: قرأت «القرآن» على «عمر بن الخطاب» أربع مرات اهـ (2). حفظ «أبو العالية» «القرآن» وتصدر للإقراء والتعليم، وبعد صيته، وأصبح من مشاهير القراء.
(1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 7/ 112، والزهد لأحمد 302، وطبقات خليفة 202، والتاريخ الكبير 3/ 326، والمعارف 454، والمعرفة والتاريخ 1/ 237، و 2/ 35، و 3/ 23، والجرح والتعديل 3/ 510، والثقات لابن حبان 4/ 239، ومشاهير علماء الأمصار 95، وأخبار أصبهان 1/ 314، وحلية الأولياء 2/ 217، وطبقات الفقهاء للشيرازي 88، وتاريخ ابن عساكر 6/ الورقة 131/ أ، واللباب 1/ 483، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 1/ 251، وتهذيب الكمال، الورقة 417، و 1625، وتاريخ الاسلام 3/ 319، و 4/ 79، وتذكرة الحفاظ 1/ 61، تذهيب التهذيب 1/ الورقة 226/ ب و 4/ الورقة 219/ ب، وسير أعلام النبلاء 4/ 207، والعبر 1/ 108، والكاشف 1/ 312، وميزان الاعتدال 2/ 54، و 4/ 543، ووفيات ابن قنفذ/ 99، وغاية النهاية 1/ 284، والاصابة 1/ 528، وتقريب التهذيب 1/ 252، وتهذيب التهذيب 3/ 284، ولسان الميزان 6/ 548، وطبقات الحفاظ للسيوطي 22، وخلاصة تذهيب الكمال 119، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 172، وشذرات الذهب 1/ 102، ومعرفة القراء الكبار: 1/ 60.
(2)
انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 285.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى على «أبي العالية» «القرآن» عدد كثير، منهم: شعيب بن الحبحاب، والحسن بن الربيع، والأعمش، وأبو عمرو بن العلاء، اللغوي والقارئ المشهور، الذي لا زالت قراءته يقرأ بها المسلمون حتى الآن (1). قال «أبو بكر بن أبي داود»: ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من «أبي العالية» وبعده «سعيد ابن جبير» وبعده «السدّي» وبعده «الثوري» اهـ (2). وقال «مغيرة» : كان «أبو العالية» إماما في «القرآن» والتفسير، والعلم، والعمل، وكان أشبه أهل البصرة علما «بإبراهيم النخعي» اهـ (3). وقال «قتادة»: صح أن «أبا العالية» قال: «قرأت القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين» (4).
وروى «حماد بن زيد» عن «شعيب بن الحبحاب» قال: قال «أبو العالية» اشترتني «امرأة» فأرادت أن تعتقني، فقال بنو عمها: تعتقينه فيذهب إلى الكوفة فينقطع، فأتت بي مكانا في المسجد فقالت:«أنت سائبة» تريد لا ولاء لأحد عليك، قال:«فأوصى أبو العالية بماله كله» اهـ (5).
وروى «الربيع بن أنس» عن «أبي العالية» قال: أرحل إلى الرجل مسيرة أيام، فأول ما أتفقده من أمره، صلاته، فإن وجدته يقيمها، ويتمها، أقمت وسمعت منه، وإن وجدته، يضيعها رجعت ولم أسمع منه. وقلت: «هو لغير
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 285.
(2)
انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 285.
(3)
انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 61.
(4)
انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 208.
(5)
انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 212.
الصلاة أضيع» (1). فهذا الخبر إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على مدى حرصه على أن يكون سنده في العلم، قويّا صحيحا. قال «أبو نعيم»: حدثنا «عبد الله بن محمد» عن «أبي العالية» أنه كان إذا أراد أن يختم «القرآن» من آخر النهار أخره إلى أن يمسي، وإذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره إلى أن يصبح (2).
وكما كان «أبو العالية» عالما بالقرآن صحيح السند، فقد كان أيضا عالما بالسنة وصحيح السند، فقال تلقى الحديث وسمعه من «عمر- وعليّ- وأبيّ- وأبي ذرّ- وابن مسعود- وعائشة- وأبي موسى- وأبي أيوب- وابن عباس- وزيد بن ثابت» رضي الله عن الجميع (3).
وكان «أبو العالية» يختم «القرآن» كل جمعة، يدلّ على ذلك الخبر التالي:
قال «أبو خليدة» خالد بن دينار: سمعت «أبا العالية» يقول: كنّا عبيدا مملوكين، منا من يؤدي الضرائب، ومنا من يخدم أهله، فكنا نختم كل ليلة، فشق علينا، حتى شكا بعضنا إلى بعض، فلقينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمونا أن نختم كل جمعة، «فصلينا ونمنا ولم يشق علينا» اهـ (4).
ولقد كان «لأبي العالية» المكانة السامية عند «ابن عباس» رضي الله عنهما يدلّ على ذلك الخبر التالي: فعن «أبي العالية» قال: كان «ابن عباس» يرفعني على «السرير» وقريش أسفل من السرير، فتغامزت بي قريش، فقال «ابن عباس»: هكذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الأسرّة» (5).
وكان «أبو العالية» من الذين يخشون الله تعالى حق خشيته، ويخافون عقابه وعذابه، وهناك أكثر من دليل على ذلك، ولكنني أكتفي بذكر ما يلي: فقد قال
(1) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 220.
(2)
انظر حلية الأولياء ج 2 ص 220.
(3)
انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 207.
(4)
انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 209.
(5)
انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 208.
صاحب الحلية: حدثنا «أبو حامد بن جبلة» عن «أبي العالية» قال: «لما كان قتال «عليّ و «معاوية» كنت رجلا شابّا، فتهيأت ولبست سلاحي ثم أتيت القوم فإذا صفان لا يرى طرفاهما، إذا كبّر هؤلاء كبّر هؤلاء وإذا هلّل هؤلاء، هلل هؤلاء، فراجعت نفسي فقلت: أي الفريقين أنزّله كافرا؟ ومن أكرهني على هذا، فتلوت هذه الآية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها (1) أمسيت حتى رجعت وتركتهم» اهـ (2).
ولقد كان «أبو العالية» من الحكماء، ومن مأثور قوله ما يلي: قال «أبو نعيم» في الحلية: حدثنا «سليمان بن أحمد» عن «أبي العالية» قال: «تعلموا الإسلام فإذا علمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الاسلام، ولا تحرفوا الصراط يمينا أو شمالا، وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإياكم وهذه الأهواء المتفرقة فإنها تورث بينكم العداوة والبغضاء» (3).
وقال «أبو نعيم» : حدثنا إبراهيم بن عبد الله، عن الربيع بن بدر عن سيّار أبي المنهال قال: رأيت «أبا العالية» يتوضأ فقلت: «إن الله يحبّ التوابين ويحبّ المتطهرين» فقال: ليس المتطهرين من الماء، ولكن المتطهّرين من الذنوب اهـ (4).
توفي «أبو العالية» في شوال سنة تسعين من الهجرة. بعد حياة حافلة بالعبادة، وتعليم القرآن والسنة المطهرة. رحم الله «أبا العالية» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) سورة النساء الآية 93.
(2)
انظر حلية الأولياء ج 2 ص 219.
(3)
انظر حلية الأولياء ج 2 ص 218.
(4)
انظر حلية الأولياء ج 2 ص 222.