الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 273 «هشام بن عمّار» ت 245 ه
ـ (1)
هو: هشام بن عمّار بن نصر بن ميسرة أبو الوليد السلمي، إمام أهل دمشق ومقرئهم، ومحدثهم، ومفتيهم.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ولد «هشام بن عمّار» سنة ثلاث وخمسين ومائة من الهجرة.
وقد أخذ «هشام» القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم: «أيوب بن تميم، وعراك بن خالد، وسويد بن عبد العزيز» . وروى الحروف عن «عتبة بن حمّاد» ، وغير هؤلاء كثير (2).
وقد أخذ «هشام» حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، يقول:«الذهبي» : «وسمع من مالك، ومسلم الزنجي، وعبد الرحمن بن أبي الرّجال، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عينية، وسليمان بن موسى الزّهري، وغيرهم كثير» (3).
قال «محمد بن الفيض الغساني» : «سمعت «هشاما» يقول: باع
(1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 7/ 174، وتاريخ البخاري الكبير 8/ 199، والصغير 2/ 382، والجرح والتعديل 9/ 66، وسير أعلام النبلاء 11/ 420، ومعرفة القراء الكبار 1/ 195، وتذكرة الحفاظ 2/ 451، ودول الاسلام 1/ 107، والعبر 1/ 445، والكاشف 2/ 223، وميزان الاعتدال 4/ 302، والبداية والنهاية 10/ 345، وغاية النهاية 2/ 354، وتهذيب التهذيب 11/ 51 وانظر «تهذيب الكمال» للمزي.
(2)
انظر طبقات القراء ج 2 ص 354.
(3)
انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 420.
«أبي» بيتا بعشرين دينارا وجهزني للحج، فلما صرت إلى «المدينة المنورة» أتيت مجلس «مالك» ومعي مسائل، فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام، والناس يسألونه، وهو يجيبهم، فقلت: ما تقول في كذا؟ فقال: حصلنا على الصبيان يا غلام احمله، فحملني كما يحمل الصبيّ، وأنا يومئذ مدرك، فضربني بدرّة مثل درّة المعلمين سبع عشرة درّة، فوقفت أبكي، فقال: ما يبكيك أوجعتك هذه؟ قلت: إن «أبي» باع منزله، ووجّه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني، فقال: اكتب، فحدثني سبعة عشر حديثا، وأجابني عن المسائل» (1).
ويقول «الذهبي» : لقد كان هشام بن عمّار من أوعية العلم، وكان ابتداء طلبه للعلم وهو حدث قبل السبعين ومائة، وفيها قرأ «القرآن» على أيوب بن تميم، وعلى الوليد بن مسلم وجماعة (2).
وقد كان «هشام بن عمّار» من الذين أوقفوا حياتهم لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.
يقول «ابن الجزري» : قد روى القراءة عن «هشام» ، أبو عبيد القاسم ابن سلام قبل وفاته بنحو أربعين سنة، وأحمد بن يزيد الحلواني، وأحمد بن أنس، وإسحاق بن أبي حسّان، وأحمد بن المعلّى، وإبراهيم بن عباد، وإسحاق بن داود، وغيرهم كثير (3).
لقد كان «هشام بن عمّار» من رجال الحديث الثقات، فقد وثقه يحيى ابن معين، وابن الجنيد، وأحمد العجلي، والنسائي. وقال «الدارقطني»: صدوق كبير المحلّ (4).
(1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 196.
(2)
انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 422.
(3)
انظر طبقات القراء ج 2 ص 354.
(4)
انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 424.
وقد حدث عن «هشام بن عمّار» عدد كثير، وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: حدث عن «هشام» من كبار شيوخه: «الوليد بن مسلم، ومحمد بن شعيب» .
وحدث عنه من أصحاب الكتب: «البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة» ، وروى الترمذي عن رجل عنه، ثم يقول «الذهبي»: وحدث عنه بشر كثير، أذكر منهم: ولده «أحمد» وأبا زرعة الدمشقي، والرازي، وأبا حاتم، ويعقوب الفسوي، وإسحاق بن إبراهيم، وغيرهم كثير (1).
قال «أبو القاسم بن الفرات» : أخبرنا «أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني» المقرئ. قال: لما توفي «أيوب بن تميم» يعني: مقرئ دمشق، رجعت الإمامة حينئذ إلى رجلين أحدهما مشتهر بالقراءة والضبط، وهو «ابن ذكوان» فائتم به الناس، والآخر مشتهر بالنقل، والفصاحة، والرواية، والعلم، والدراية، وهو «هشام ابن عمّار» وكان خطيبا بدمشق، رزق كبر السنّ، وصحة العقل والرأي فارتحل إليه في نقل القراءة، والحديث اهـ (2).
ولقد كان «هشام بن عمّار» خطيبا بارعا، وفي هذا المعنى يقول «عبدان الأهوازي» قال «هشام بن عمّار»: ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة (3).
وهذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على فصاحة «هشام بن عمّار» وكثرة علمه، وشدّة ذكائه.
وكان «هشام بن عمّار» مع فصاحته وبلاغته، وعلوّ منزلته في العلم، ينطق بالحكمة ويعلمها الناس، وفي هذا المعنى يقول «محمد بن خريم الخريمي»:
(1) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 422.
(2)
انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 425.
(3)
انظر القراء الكبار ج 1 ص 196.
سمعت «هشام بن عمّار» يقول في خطبته: «قولوا الحقّ، ينزلكم الحقّ منازل أهل الحقّ، يوم لا يقضي إلا بالحقّ» اهـ (1) ولقد احتلّ «هشام بن عمّار» بين العلماء مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، حول هذه المعاني السامية يقول «يحيى بن معين»: هشام بن عمار كيّس (2).
وقال «هشام بن مرثد» : سمعت «ابن معين» يقول: «هشام بن عمّار أحبّ إليّ من «ابن أبي مالك» اهـ (3).
كما كان «هشام بن عمّار» من المقرّبين إلى الله تعالى، ومن مستجابي الدعوة، وفي هذا المعني يقول «أبو عبيد الله الحميدي»:«أخبرني بعض أهل الحديث «أن هشام ابن عمّار» قال: سألت الله سبع حوائج فقضى لي منها ستّا، والواحدة ما أدري ما صنع فيها: سألته أن يغفر لي ولوالديّ، فما أدري ما صنع في هذه، وسألته أن يرزقني الحج ففعل، وسألته أن يعمّرني مائة سنة، ففعل، وسألته أن يجعلني مصدّقا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، وسألته أن يجعل الناس يغدون إليّ في طلب العلم ففعل، وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل، وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالا ففعل» اهـ (4).
توفي «هشام بن عمّار» في آخر المحرّم سنة خمس وأربعين ومائتين بعد حياة حافلة بخدمة الكتاب والسنة. رحمه الله رحمة واسعة أمين.
(1) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 429.
(2)
انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 424.
(3)
انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 425.
(4)
انظر القراء الكبار ج 1 ص 197.