الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 119 «سعد بن أبي وقّاص» رضي الله عنه ت 55 ه
ـ (1)
علم من حفاظ «القرآن الكريم» وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد من شهد «بدرا» والحديبية.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات.
وقال: وردت عن «سعد بن أبي وقاص» الرواية في حروف القرآن.
وكان «سعد» قصيرا- أشنّ الأصابع- ذا هامة- آدم- جعد الشعر.
أسلم «سعد» رضي الله عنه وهو ابن سبع عشرة، ولنستمع إليه وهو يقول: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت، ولقد مكثت سبع ليال وإني لثلث الإسلام (2).
ولقد كان «لسعد» المكانة المرموقة في العلم والمعرفة، مما جعل الكثيرين يأخذون عنه: فقد حدث عنه عدد كثير أذكر منهم: ابن عمر- وعائشة- وابن عباس- والسائب بن يزيد- وقيس بن أبي حازم- ومجاهد- وشريح- وأبا عبد الرحمن السلمي- وعروة بن الزبير- وهناك عدد كثير.
(1) انظر ترجمته فيما يأتي:- مسند أحمد 1/ 168 - 187، فتوح البلدان: 315، طبقات ابن سعد: 3/ 1/ 97. طبقات خليفة: 15، 126، تاريخ خليفة: 223، التاريخ الكبير: 4/ 43، التاريخ الصغير: 1/ 99، مشاهير علماء الأمصار: ت 10، حلية الأولياء: 1/ 92، الاستيعاب: 4/ 170، تاريخ بغداد: 1/ 144، تاريخ ابن عساكر 7/ 66/ 2، أسد الغابة: 2/ 366، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 213، تهذيب الكمال 476، تاريخ الاسلام 2/ 281، العبر 1/ 60، نكت الهميان 155، العقد الثمين 4/ 537، غاية النهاية 1/ 304، تهذيب التهذيب 3/ 483، الاصابة 4/ 160، النجوم الزاهرة 1/ 147، تاريخ الخلفاء 250، خلاصة تهذيب الكمال 135، كنز العمال: 13/ 213، شذرات الذهب 1/ 61.
(2)
أخرجه البخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 97.
وكان «سعد» أول من رمى بسهمه في الإسلام، ولنستمع إليه وهو يقول:
«ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه لأحد قبلي، ولقد رأيته يقول: «يا سعد ارم فداك أبي وأمي» وإني لأول المسلمين رمى المشركين بسهمه، ولقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة ما لنا طعام إلا ورق السّمر (1).
كما كان «سعد» من الشجعان وكان سهمه لا يخطئ إلا نادرا، يدل على ذلك قوله عن يوم أحد: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولني النبل ويقول: «ارم فداك أبي وأمي» حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل فأرمي به اهـ (2).
وقال «الزهري» : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة فيها: «سعد ابن أبي وقاص» إلى جانب من الحجاز يدعى «رابغ» وهو من جانب «الجحفة» فانكفأ المشركون على المسلمين فحماهم «سعد» يومئذ بسهامه، فكان هذا أول قتال في الاسلام، فقال سعد:
ألا هل أتى رسول الله أني
…
حميت صحابي بصدور نبلي
فما يعتدّ رام في عدوّ
…
بسهم يا رسول الله قبلي (3)
ولقد أحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يفاخر به، يدلّ على ذلك ما يلي:
فعن «جابر» رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل «سعد» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خالي فليريني امرؤ خاله» (4)
(1) أخرجه أحمد، والبخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 98.
(2)
أخرجه أحمد، والبخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 99.
(3)
أخرجه ابن سعد وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 101.
(4)
أخرجه الترمذي، وابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 110.
وعن «يحيى القطان» قال «سعد» : اشتكيت بمكة، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فمسح وجهي وصدري وقال:«اللهم اشف سعدا» فما زلت يخيّل إليّ أني أجد برد يده صلى الله عليه وسلم على كبدي حتى الساعة» اهـ (1).
وكان «سعد» رضي الله عنه حينما أسلم صادقا في إسلامه لم تؤثر فيه العواطف، يوضح ذلك ما يلي: فعن «مسلمة بن علقمة» أن «سعدا» رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية فيّ: وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما (2).
قال: كنت برّا بأمي، فلما أسلمت، قالت: يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعنّ دينك هذا، أو لا آكل، ولا أشرب حتى أموت، فتعيّر بي، فيقال: يا قاتل أمه. قلت: لا تفعلي يا أمه إني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوما وليلة لا تأكل ولا تشرب وأصبحت وقد جهدت، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا، ما تركت ديني، إن شئت فكلي أو لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت اهـ (3).
كما كان رضي الله عنه من المتواضعين الذين لا يحبون الظهور: فعن «عامر ابن سعد» قال: كان أبي في غنم له، فجاء ابنه «عمر» فلما رآه قال: أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب، فلما انتهى إليه قال: يا أبت أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة، فضرب صدر «عمر» وقال:
اسكت فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل يحب العبد التقيّ الغنيّ الخفيّ» اهـ (4)
(1) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 110.
(2)
سورة العنكبوت الآية 8.
(3)
انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 109.
(4)
أخرجه مسلم وأحمد.
ولصدق «سعد» في إسلامه، وقوة إيمانه بشرّ النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة يدلّ على ذلك الخبران التاليان: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة» فطلع «سعد بن أبي وقاص» اهـ (1).
وعن «عبد الله بن عمرو» رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة» فدخل «سعد بن أبي وقاص» اهـ (2).
ولمكانة «سعد» عند النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بأن يكون مستجاب الدعاء، يوضح ذلك الحديث التالي: فعن «ابن عباس» رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يوم أحد» : «اللهم استجب لسعد ثلاث مرّات» 1 هـ (3).
ومنذ دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم «لسعد» باستجابة الدعاء، كان لا يدعو بشيء إلا استجاب الله له، وهناك أكثر من دليل على ذلك، ولكني أكتفي بالدليل التالي: فعن «مصعب بن سعد» أن رجلا نال من «عليّ» رضي الله عنه، فنهاه «سعد» فلم ينته، فدعا عليه، فما برح حتى جاء بعير نادّ فخبطه حتى مات اهـ.
توفي «سعد» سنة خمس وخمسين من الهجرة، وهو ابن اثنتين وثمانين وكان «سعد» آخر المهاجرين وفاة. رضي الله عن «سعد بن أبي وقاص» وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) أخرجه الحاكم وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 108.
(2)
ذكره صاحب الكنز وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 108.
(3)
ذكره صاحب الكنز وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 111.