الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 275 «ورش» ت 197 ه
ـ (1)
هو: عثمان بن سعيد بن عدي المصري المقرئ المشهور بورش، والورش:
شيء يصنع من اللبن، ونافع شيخه في القراءة هو الذي لقّبه بورش لشدة بياضه.
وقيل: إن نافعا لقبه «بالورشان» وهو طائر معروف، فكان يقول له، اقرأ يا ورشان، ثم خفف وقيل ورش، وكان لا يكرهه ويقول أستاذي نافع سماني به.
ولد ورش سنة عشر ومائة من الهجرة.
وكان «ورش» رحمه الله تعالى أشقر، سمينا، مربوعا، وإليه انتهت رئاسة الاقراء بالديار المصرية في زمانه.
ذكره «الذهبي» 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من علماء القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
وقد قرأ ورش القرآن وجوّده عدة مرات على شيخه «نافع» القارئ المدني، والإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءات. ولقراءة ورش المصري، على «نافع» المدني قصة لطيفة يرويها المؤرخون، وهذا موجزها.
قال «الداني» : أخبرنا «علي بن الحسن، وعلي بن إبراهيم» عن «محمد ابن سلمة العثماني» قال: قلت لأبي: أكان بينك وبين ورش مودّة؟
قال: نعم، حدثني «ورش» قال: خرجت من مصر لأقرأ على «نافع»
(1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 3/ 153، وإرشاد الاريب 5/ 33، ووفيات ابن قنفذ 154، ومعرفة القراء الكبار 1/ 152، وغاية النهاية 1/ 502، والتحفة اللطيفة 3/ 383، وحسن المحاضرة
1/ 485، وشذرات الذهب 1/ 349، وتاج العروس ج 4 ص 364.
فلما وصلت إلى المدينة المنورة صرت إلى مسجد «نافع» فإذا هو لا تطاق القراءة عليه من كثرتهم، وإنما يقرئ ثلاثين، فجلست خلف الحلقة، وقلت لإنسان من أكبر الناس عند «نافع»؟ فقال لي: كبير الجعفريين، فقلت: كيف به، قال: أنا أجيء معك إلى منزله، وجئنا إلى منزله فخرج شيخ، فقلت: أنا من «مصر» جئت لأقرأ على «نافع» فلم أصل إليه وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه، فقال: نعم وكرامة، وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى «نافع» وكان لنافع كنيتان:«أبو رويم، وأبو عبد الله» فبأيّهما نودي أجاب، فقال له الجعفري:
هذا وسيلتي إليك جاء من «مصر» ليس معه تجارة، وإنما جاء للقراءة خاصّة، فقال: أي «نافع» : ترى ما ألقى من أبناء المهاجرين والأنصار، فقال صديقه الجعفري: تحتال له، فقال لي «نافع» أيمكنك أن تبيت في المسجد؟ قلت:
نعم، فبتّ في المسجد، فلما أن كان الفجر جاء «نافع» فقال: ما فعل الغريب؟ فقلت: ها أنا رحمك الله، قال: أنت أولى بالقراءة.
قال أي «ورش» : وكنت مع ذلك حسن الصوت مدّادا به، فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأت ثلاثين آية، فأشار بيده أن اسكت، فسكتّ، فقام إليه شابّ من الحلقة فقال: يا معلّم أعزّك الله نحن معك وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك وقد جعلت له عشرا، واقتصرت على عشرين، أي تنازلت له عن عشر آيات من المقدار المخصّص لي وسأكتفي بقراءة عشرين آية فقط. ولعلّ السبب في ذلك هو حسن قراءة «ورش» وجمال صوته.
يقول «ورش» قرأت عشر آيات فقام فتى آخر فقال كقول صاحبه، فقرأت عشر آيات، وقعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة.
فقال «نافع» : «اقرأ فأقرأني خمسين آية، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمتان قبل أن أخرج من المدينة المنورة» اهـ (1).
(1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1 ص 154 - 155.
ومما تجدر الإشارة إليه أن قراءة «ورش» اشتهرت بين المسلمين، واستفاضت، ولا زال المسلمون في كل مكان يتلقونها بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
ونظرا لشهرة قراءة ورش بين المسلمين فهناك مصاحف قرآنية تطبع طباعة خاصة متضمنة أصول قراءة ورش.
ومن أصول قراءة ورش أنه يقرأ بالمدّ الطويل في كل من المدّ المنفصل والمتصل، ويقرأ أيضا بمدّ حرفي اللين إذا وقع بعدها همز، كما يقرأ بنقل حركة الهمز إلى الساكن الصحيح الذي قبله، إلى غير ذلك من الأحكام، وكلها مبيّنة ومدوّنة في الكتب المختصة بذلك.
وبعد أن رجع ورش من المدينة المنورة إلى موطنه «مصر» جلس يقرئ الناس حتى وافته منيته.
قال «إسماعيل النحاس» : قال لي «أبو يعقوب الأزرق» : إن «ورشا» لما تعمّق في النحو وأحكمه، اتخذ لنفسه مقرئا يسمّى مقرئ ورش (1). ومما لا شك فيه أن «ورشا» رحمه الله تعالى كان مدرسة وحده، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: أحمد بن صالح الحافظ، وداود بن أبي طيبة، وأبو يعقوب الأزرق، وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم، ويونس بن عبد الأعلى، وسليمان بن داود، وآخرون.
وكما اشتهر ورش بقراءة القرآن، اشتهر أيضا بالثقة والأمانة، وكان حجة في القراءة.
توفي «ورش» بمصر سنة سبع وتسعين ومائة من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم وتجويده. رحم الله «ورشا» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. والله أعلم.
(1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1 ص 153.