الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 186 «عثمان بن عفّان» رضي الله عنه ت 35 ه
ـ (1)
ذكره «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ في كتابه «القراءات» ضمن الصحابة الذين رويت عنهم قراءات صحيحة. كما عده «الذهبي» ت 748 هـ في كتابه «معرفة القراء الكبار» ضمن علماء الطبقة الأولى لحفاظ «القرآن الكريم» .
وقد أطلق المسلمون اسمه على رسم المصحف المعتدّ به لدى علماء المسلمين، وذلك تقديرا لجهوده العظيمة في خدمة «القرآن» .
وهو أحد السابقين إلى الإسلام، وصاحب الهجرتين: الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة المنورة، وكاتب الوحي، وحافظ القرآن، ومعلمه، وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد المبشرين بالجنة، ومجهّز جيش العسرة، وصاحب بئر رومة، وهو الذي كانت تستحي منه الملائكة، وكان رضي الله عنه من الصادقين، والقائمين، والصائمين، والمتصدقين، الواصلين الارحام.
قرأ عليه القرآن «المغيرة بن أبي شهاب المخزومي» شيخ «ابن عامر» أحد القراء السبعة المشهورين. وحدث عنه بنوه، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين. وكان رضي الله عنه معتدل الطول، حسن الوجه، كبير اللحية، أسمر اللون، بعيد ما بين المنكبين.
قال «السائب» : رأيته فما رأيت شيخا أجمل منه. وعثمان بن عفان رضي
(1) انظر ترجمته فيما يأتي: الكامل لابن الأثير: حوادث سنة 35، وحلية الأولياء: 1/ 55، وصفة الصفوة: 1/ 112، والرياض النضرة 2/ 377، وتاريخ الطبري 5/ 145، وتاريخ اليعقوبي: 2/ 139، ومعرفة القراء 1/ 24 وغاية النهاية: 1/ 507 وتذكرة الحفاظ: 1/ 8.
الله عنه هو الآمر بجمع القرآن في المرّة الثانية والأخيرة، وهو المشرف على كتابته في عهد خلافته بمعرفة كل من: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، رضي الله عنهم أجمعين.
وكان ذلك سنة خمس وعشرين من الهجرة حيث اجتمع أهل الشام وأهل العراق في غزوة «أرمينية وأذربيجان» .
وكان ضمن هذه الغزوة «حذيفة بن اليمان» ت 36 هـ، فرأى اختلافا كثيرا بين المسلمين في وجوه القراءات، وسمع ما كانت تنطق به ألسنتهم من كلمات التجريح، والتأثيم، فاستعظم ذلك «حذيفة» ففزع إلى «عثمان» رضي الله عنه، وأخبره بما رأى، وقال له: أدرك الناس قبل أن يختلفوا في كتابهم الذي هو أصل الشريعة، ودعامة الدين، كما اختلف اليهود والنصارى اهـ.
فأدرك «عثمان» رضي الله عنه بثاقب نظره، وحصافة رأيه أن هذه الفتنة إن لم تعالج بالحكمة والحزم، ستجرّ لا محالة إلى أسوأ العواقب، ففكر في علاجها قبل أن يستفحل خطرها، ويتفاقم شرها. فجمع أعلام الصحابة، وذوي الرأي منهم، فأجمعوا رأيهم على أن تنسخ الصحف الأولى التي جمعها «زيد بن ثابت» رضي الله عنه في عهد الخليفة الأول «أبي بكر الصديق» رضي الله عنه في مصاحف متعددة، ثم يرسل إلى كل مصر مصحف منها، يكون مرجعا للناس عند الاختلاف، وموئلا عند التنازع، على أن يحرق كل ما عدا هذه المصاحف، وبذلك يستأصل دابر الخلاف، وتجتمع الكلمة، وتوحد الصفوف.
ومناقب «عثمان» رضي الله عنه كثيرة ومتعددة، أذكر منها ما يلي: فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من يحفر بئر رومة فله الجنة، فحفرها «عثمان» ومن جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزها «عثمان» اهـ (1).
(1) رواه البخار، وأحمد والترمذي.
وقال «عبد الرحمن بن سمرة» رضي الله عنه: جاء «عثمان» رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة، فنثرها النبي صلى الله عليه وسلم في حجره، وأخذ يقلبها ويقلبها ويقول: ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين اهـ (1).
قتل رضي الله عنه شهيدا في داره مظلوما، ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين هـ وله اثنتان وثمانون سنة. رحم الله «عثمان بن عفان» وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) رواه الترمذي.