الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 197 «عليّ بن حمزة الكسائيّ» ت 189 ه
ـ (1)
الإمام الحجة، شيخ قراء الكوفة، وإمام المسلمين في القراءات والعربية، فريد عصره في لغة العرب، وأعلم أقرانه بالغريب. هو أبو الحسن مولى بني أسد، وكان من أولاد الفرس من سواد العراق، إليه انتهت رئاسة القراءة بالكوفة بعد وفاة شيخه «حمزة» .
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من علماء القراءات.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القرآن.
قال «ابن الجزري» : كان الكسائي إمام الناس في القراءة في زمانه، وأعلمهم بالقراءات اهـ (2).
وقال «ابن معين» : ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي، وقال «الذهبي»: ولد «الكسائي» في حدود سنة عشرين ومائة، وسمع من
(1) انظر ترجمته فيما يأتي: التاريخ الصغير 2/ 247، والتاريخ الكبير 6/ 268، والجرح والتعديل 6/ 182، ومراتب النحويين 120، وطبقات النحويين 127، ونور القبس 283، والفهرست لابن النديم 29، وتاريخ بغداد 11/ 403، والمقتبس 283، والأنساب 482، ونزهة الألباء 58، واللباب 3/ 40، وإرشاد الاريب 13/ 167، ووفيات الأعيان 3/ 295، ودول الاسلام 1/ 120، والعبر 1/ 302، وسير أعلام النبلاء 9/ 131، معرفة القراء الكبار 1/ 120، ومرآة الجنان 1/ 421، البداية والنهاية 11/ 201، ووفيات ابن قنفذ 147، والبلغة في أئمة اللغة 156 وغاية النهاية 1/ 535، وتهذيب التهذيب 7/ 313، والنجوم الزاهرة 2/ 230، وبغية الوعاة 2/ 162، والمزهر 2/ 407، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 399، وشذرات الذهب 1/ 321 وروضات الجنات 6/ 471.
(2)
انظر النشر في القراءات العشر ج 1 ص 172.
«جعفر الصادق، والأعمش، وزائدة، وسليمان بن الارقم» ، وقرأ «القرآن» وجوّده على «حمزة الزيات، وعيسى بن عمر الهمداني» اهـ (1).
وروى «أبو عمرو الداني» وغيره أن «الكسائي» قرأ على: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واختار لنفسه قراءة، ورحل إلى «البصرة» فأخذ العربية عن «الخليل بن
أحمد» (2).
وقال «الذهبي» : وأخذ «الكسائي» الحروف أيضا- أي حروف القراءات- عن «أبي بكر بن عياش» وغيره، وخرج إلى البوادي، فغاب مدّة طويلة، وكتب الكثير من اللغات، والغريب، عن الأعراب «بنجد» وتهامة، ثم قدم وقد أنفد خمس عشرة «قنّينة» حبر، وقرأ عليه «أبو عمر الدوري، وأبو الحارث، ونصير بن يوسف الرازي، وقتيبة بن مهران الأصبهاني، وأبو عبيد القاسم بن سلام» وخلق سواهم اهـ (3).
وأقول: لقد تلقى «الكسائي» القراءات على خلق كثير منهم: «حمزة بن حبيب الزيات» وهو الإمام السادس، وسند حمزة صحيح ومتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما قرأ «الكسائي» على «محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى» أحد شيوخ «حمزة الكوفي» وعلى «عيسى الهمداني» .
وقرأ «عيسى الهمداني» على «عاصم بن بهدلة أبي النّجود» وهو الإمام الخامس، وعاصم سنده صحيح ومتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم. ومن هذا يتبين أن قراءة «الكسائي» صحيحة ومتواترة ومتصلة السند حتى رسول الله صلى
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 120.
(2)
انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 120.
(3)
انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 121.
الله عليه وسلم، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة «الكسائي» بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما تتلمذ على الكسائي عدد كثير، لأنه كان مدرسة وحده منهم: أبو الحارث: الليث بن خالد البغدادي، وحفص الدوري، وقتيبة بن مهران الأصبهاني، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وأبو عبيد القاسم بن سلام ت 224 هـ وغيرهم كثير. قال «خلف بن هشام» كنت أحضر بين يدي الكسائي، وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم اهـ.
وقال «أبو عبيد القاسم بن سلام» كان «الكسائي» يتخيّر القراءات، فأخذ من قراءة «حمزة» ببعض وترك بعضا، وكان من أهل القراءات، وهي كانت علمه وصناعته، ولم نجالس أحدا كان أضبط ولا أقوم بها منه اهـ ولقد كان «الكسائي» رحمه الله تعالى ثقة، وأمينا في نقله قراءات القرآن، وتاريخه الناصع خير شاهد على ذلك. قال «أبو العباس بن مسروق»: حدثنا «سلمة بن عاصم» قال: قال «الكسائي» : صليت «بهارون الرشيد» فأعجبتني قراءتي، فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبيّ قط، أردت أن أقول:
«لعلهم يرجعون» فقلت: «لعلهم يرجعين» فو الله ما اجترأ «هارون الرشيد» أن يقول أخطأت، ولكنه والله لما سلم قال: أيّ لغة هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد، قال: أما هذه فنعم اهـ فهذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على شجاعة «الكسائي» وأمانته، وقال «الفراء» ، إنما تعلم «الكسائي» النحو على كبر، لأنه جاء إلى قوم، وقد أعيا، فقال: قد عييت، فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن؟ قال: كيف لحنت؟
قالوا له: إن كنت أردت من التعب فقل: «أعييت» وإن كنت أردت انقطاع الحيلة والتحيّر في الأمر، فقل «عييت» فأنف من ذلك وقام من فوره فسأل
عمن يعلّم النحو، فدلّ على «معاذ الهرّاء» فلزمه، ثم خرج إلى البصرة، فلقي «الخليل بن أحمد» ثم خرج إلى بادية الحجاز اهـ (1).
ولقد بلغ «الكسائي» مكانة سامية في العلم، مما استحق ثناء العلماء عليه:
قال «أبو بكر بن الأنباري» : اجتمعت في الكسائي أمور: كان أعلم الناس بالنحو، وواحدهم في الغريب، وكان أوحد الناس في القرآن فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليه، فيجمعهم، ويجلس على كرسي، ويتلو القرآن من أوله إلى آخره وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع، والمبادئ اهـ (2).
وقال «الإمام الشافعي» : من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على «الكسائي» اهـ (3).
وقال «الذهبي» : كان في «الكسائي» حشمة، لما نال من الرئاسة بإقراء «محمد الأمين ولد الرشيد» وتأديبه، وتأديبه أيضا للرشيد، فنال ما لم ينله أحد من الجاه، والمال، والإكرام، وحصل له رئاسة العلم والدنيا اهـ (4).
ولقد خلّف الكسائي للمكتبة الاسلامية، والعربية، الكثير من المصنفات، منها كتاب معاني القرآن، وكتاب القراءات، وكتاب العدد، وكتاب النوادر، وكتاب في النحو، وكتاب الهجاء، وكتاب مقطوع القرآن وموصوله، وكتاب المصادر، وكتاب الحروف وكتاب الهاءات، وغير ذلك كثير.
توفي الكسائي ببلدة يقال لها «رنبويه» بالريّ سنة تسع وثمانين ومائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وعلومه. رحم الله «الكسائي» وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 125.
(2)
انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 122.
(3)
انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 122.
(4)
انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 123.