الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النفس وتصفية آثارها منها، من طريق التزام قواعد الشرع وآدابه وأخلاقه.
ثم أكد التحذير من الشيطان، فأبان أنه تعالى جعل الشياطين أنصارا وأعوانا للكفار الذين لا يؤمنون بالله تعالى إيمانا حقا تزكوا به نفوسهم وتصلح أعمالهم، وذلك بسبب استعدادهم لقبول وسوسة الشيطان، كاستعداد ضعفاء الأجسام لتقبل الأمراض بسرعة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت آية: {يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ} على وجوب ستر العورة؛ لأنه قال: {يُوارِي سَوْآتِكُمْ} أي أنه تعالى جعل لذرية آدم لباسا يسترون به عوراتهم، وفيه دلالة على الأمر بالتستر. ولا خلاف بين العلماء في وجوب ستر العورة عن أعين الناس.
واختلفوا في العورة ما هي؟ فقال الظاهرية والطبري: هي من الرجل الفرج نفسه: القبل والدّبر، دون غيرهما؛ لقوله تعالى:{لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ} ، {بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما} . {لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما}
وفي البخاري عن أنس: «فأجرى-ركض-رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر-وفيه-ثم حسر الإزار عن فخذه، حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم» .
وقال مالك: السرة ليست بعورة، وأكره للرجل أن يكشف فخذه بحضرة زوجته. وحجة مالك
قوله صلى الله عليه وسلم لجرهد: «غطّ فخذك، فإن الفخذ عورة» خرّجه البخاري تعليقا، وقال: حديث أنس أسند، وحديث جرهد
(1)
أحوط، حتى يخرج من اختلافهم، يعني أن الفخذ على الصحيح عند المالكية ليس بعورة، لأنها ظهرت من النّبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، ولكن يكره كشفها، لحديث جرهد.
(1)
هو جرهد بن خويلد، وهو صحابي.
وقال أبو حنيفة: الركبة عورة.
وقال الشافعي: ليست السرة ولا الركبتان من العورة على الصحيح، لكن يجب سترهما عند الشافعية من قبيل: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وأما المرأة الحرة: فعورة كلها إلا الوجه والكفين، عند أكثر أهل العلم، بدليل قول جمهور الفقهاء: من أراد أن يتزوّج امرأة فلينظر إلى وجهها وكفّيها ولأن ذلك واجب كشفه في الإحرام.
ودلت آية {أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً} .. {وَرِيشاً} على مزيد نعمة الله تعالى بتوفير ما يحتاجه الإنسان في الدنيا، وليعينه على أمر الدين والآخرة.
لكن لباس التقوى: وهو الإيمان والعمل الصالح والسّمت الحسن في الوجه هو خير وأبقى، وأخلد وأنقى، وبه النجاة عند الله، وهو طريق القربى إلى الله عز وجل، لأن المعنى: ولباس التقوى المشار إليه، الذي علمتموه، خير لكم من لبس الثياب التي تواري سوءاتكم، ومن الرياش التي أنزلنا إليكم؛ فالبسوه.
وقوله تعالى: {يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ} يدل على تحذير الناس من قبول وسوسة الشيطان؛ لأن المقصود من ذكر قصص الأنبياء عليهم السلام حصول العبرة لمن يسمعها، فكأنه تعالى لما ذكر قصة آدم، وبيّن فيها شدة عداوة الشيطان لآدم وأولاده، أتبعها بأن حذر أولاد آدم من قبول وسوسة الشيطان؛ بدليل تأثيره على آدم وحواء وإيقاعهما في الزلة الموجبة لإخراجهما من الجنة، فإذا أثر على آدم فكيف يكون حال آحاد الناس؟ واللباس الذي نزعه الشيطان عن آدم وحواء: هو ثياب الجنة.
وقوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} يدل على أن الإنس لا يرون الجن، ويؤكده
الخبر الذي أخرجه أحمد: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى