الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}: ينهى عن ذبائح كانت تذبحها قريش للأوثان، وينهى عن ذبائح المجوس.
والمتبادر من المقام تخصيص ما لم يذكر اسم الله عليه بالحيوان، فيكون ذلك نهيا عن الأكل من الحيوان الذي لم يذكر اسم الله عليه، فتحرم الميتة وما ذكر عليه اسم غير الله.
ثم ردّ الله تعالى على مجادلات المشركين في إباحة الميتات فقال: {وَإِنَّ الشَّياطِينَ..} . أي إن شياطين الإنس والجن ليوسوسون إلى أوليائهم وأعوانهم من المشركين ليجادلوا محمدا وصحبه في أكل الميتة، كما تقدم، وإن أطعتموهم فيما يزعمون من استحلال الميتة، إنكم لمشركون مثلهم؛ لأنكم عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه غيره، وهذا هو الشرك؛ كقوله تعالى:
{اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ} [التوبة 31/ 9]
وقد روى الترمذي في تفسيرها عن عدي بن حاتم أنه قال: يا رسول الله، ما عبدوهم؟ فقال:«بلى، إنهم أحلوا لهم الحرام، وحرموا عليهم الحلال، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم» .
قال الزجاج: وفيه دليل على أن كل من أحلّ شيئا مما حرم الله تعالى، أو حرم شيئا مما أحل الله تعالى، فهو مشرك؛ لأنه أثبت مشرّعا سوى الله، وهذا هو الشرك بعينه.
وقوله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ..} . على تقدير القسم، وحذف اللام الموطئة للقسم، أي ولئن أطعتموهم إنكم لمشركون، فيكون جواب القسم أغنى عن جواب الشرط.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت الآيات على ما يلي:
1 -
إباحة ما ذبحه المسلم وذكر اسم الله عليه.
2 -
الأمر بذكر اسم الله على الشراب والذبح وكل مطعوم.
3 -
إن الإيمان بأحكام الله والأخذ بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها.
4 -
عدم إباحة ما لم يذكر اسم الله عليه كالميتات وما ذبح على النصب (الحجارة حول الكعبة) وغيرها.
5 -
إباحة المحرّمات حال الضرورة الشرعية بقدر ما تقتضيه الضرورة.
6 -
عدم الالتفات لآراء المشركين الزائفة من استحلالهم الميتات وما ذكر عليه غير اسم الله تعالى.
7 -
تحريم ارتكاب جميع المعاصي، سواء في السرّ أو في العلن، وسواء أفعال الجوارح كاليد والرجل، وأفعال القلوب كالحسد والحقد.
8 -
الجزاء أمر محتم واقع يوم القيامة على كل معصية، والعصاة معذبون يجازيهم الله تعالى لا محالة.
9 -
كل من استحل حراما أو حرم حلالا، واتبع غير أحكام الله في شرعه ودينه، فهو كافر ومشرك؛ لأنه أشرك بالله غيره، وأثبت مشرّعا سوى الله، بل آثر حكمه على حكم الله.
أما ما يذبح عند استقبال الحاكم أو الحاج فهو في رأي الحنفية حرام أكله، لأنه مما أهلّ به لغير الله. ورأى بعض الشافعية أن المقصود من الذبح الاستبشار بقدومه، فهو كذبح العقيقة لولادة المولود، وهذا لا يوجب التحريم، وهذا هو المعقول.
لكن لو كان الذبح بين رجلي القادم أو مرّ عليه من فوقه، فلا يؤكل؛ لأنه ذبح أهل لغير الله به، أي ذكر اسم غير الله عليه.
10 -
استدل بعض العلماء بقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} على أن الذبيحة لا تحل إذا لم يذكر اسم الله عليها، وإن كان الذابح مسلما. وهذه مسألة متروك التسمية عمدا أو سهوا، وقد اختلف فيها العلماء:
أ-فقال داود الظاهري: لا تؤكل ذبيحة المسلم إن تعمد ترك التسمية أو نسي التسمية، لظاهر هذه الآية الكريمة.
ب-وقال الشافعية: متروك التسمية حلال مطلقا؛ لقوله تعالى:
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} إلى قوله: {إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ} [المائدة 3/ 5] فأباح المذكى ولم يذكر التسمية، وليست التسمية جزءا من مفهوم الذكاة، فإن الذكاة لغة: الشق والفتح، وقد وجدا، واستدلوا أيضا
بحديث البخاري وأبي داود والنسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنهم قالوا: يا رسول الله، إن قومنا حديثو عهد بالجاهلية، يأتون بلحمان، لا ندري اذكروا اسم الله عليها أم لم يذكروا، فنأكل منها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سموا وكلوا» : و
روى أبو داود حديثا مرسلا عن الصلت السدوسي: «ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله، أو لم يذكر» .
وروى الدارقطني عن البراء بن عازب:
«اسم الله على قلب كل مؤمن، سمّى أو لم يسمّ» .
لكن التسمية سنة مستحبة عند أكل كل طعام وشراب.
والمراد من الآية: ما ذبح للأصنام؛ لأن من أكل متروك التسمية ليس بفاسق، وقد قال الله:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ولأن الله تعالى وصف من أكل ذبيحة الأصنام ورضي بها بالشرك، ولأن قوله:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} مخصوص بما أهل به لغير الله، بدليل آية أخرى:{أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [الأنعام 145/ 6].