الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعراب:
{اللهُ أَعْلَمُ} جملة من مبتدأ وخبر، وهو كلام مستأنف للإنكار عليهم، والإخبار بألا يصطفي للنبوة إلا من علم أنه يصلح لها، وهو أعلم بالمكان الذي يضعها فيه منهم.
{صَغارٌ} فاعل مرفوع لفعل: يصيب.
المفردات اللغوية:
{وَإِذا جاءَتْهُمْ} أي أهل مكة. {آيَةٌ} أمارة وحجة ودليل قاطع على صدق النّبي صلى الله عليه وسلم.
{حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ} من الرسالة والوحي إلينا، لأننا أكثر مالا وأكبر سنا.
{حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ} مفعول به لفعل دلّ عليه أعلم، أي يعلم الموضع الصالح لوضعها فيه، فيضعها، وهؤلاء ليسوا أهلا لها. {أَجْرَمُوا} ارتكبوا جرما بقولهم ذلك. {صَغارٌ} ذل وهوان، بسبب الكفر والطغيان. {وَعَذابٌ شَدِيدٌ} في الدارين من الأسر والقتل، وعذاب النار.
سبب النزول:
نزلت هذه الآية في الوليد بن المغيرة قال: لو كانت النبوة حقا، لكنت أولى بها من محمد؛ لأني أكبر منه سنا، وأكثر منه مالا وولدا
(1)
.
المناسبة:
بعد أن أبان الله تعالى سنته في البشر بأن يكون في كل بلد أو جماعة زعماء مجرمون يقاومون دعوة الرسل والإصلاح، أوضح أن هذه السنة موجودة في زعماء مكة الذين دفعهم المكر والحسد إلى أنه متى ظهرت لهم معجزة قاهرة تدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: لن نؤمن حتى يحصل لنا مثل هذا المنصب من عند الله.
التفسير والبيان:
إذا جاءتهم، أي المشركين، آية وبرهان وحجة قاطعة من القرآن تتضمن
(1)
تفسير القرطبي: 80/ 7
صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغه وحي ربه، قالوا حسدا منهم وتعنتا وغرورا وظنا منهم أن النبوة منصب دنيوي: لن نؤمن حتى يكون لنا مثل محمد منصب عند الله، وتظهر على أيدينا آية كونية أو معجزة مثلما أوتي رسل الله كفلق البحر لموسى، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى لعيسى؛ لأنهم أكثر مالا وأولادا وأعز جانبا ورفعة بين الناس.
وقال ابن كثير: حتى تأتينا الملائكة من الله بالرسالة، كما تأتي إلى الرسل، كقوله جلّ وعلا:{وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا} [الفرقان 21/ 25].
وهكذا يظهر أن مشركي مكة أكابر قريش طمحوا أن تكون النبوة في بعضهم، كما حكى تعالى عنهم:{وَقالُوا: لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} [الزخرف 32/ 43] والقريتان: مكة والطائف. وفي آية أخرى: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً} [المدثر 52/ 74].
فردّ الله عليهم بقوله: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ} أي هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه. فالرسالة منصب ديني له مقومات خاصة، وفضل من الله يمنحه من يشاء من عباده، لا ينالها أحد بكسب أو جهد، أو بسبب أو نسب، أو بخصائص دنيوية عادية كالمال والولد والزعامة والنفوذ، وإنما تؤتى من هو أهل لها لسلامة فطرته، وطهارة قلبه وقوة روحه، وحسن سيرته، وحبه الخير والحق.
ثم أوعد الله المتخلفين عن الإيمان بدعوة النّبي صلى الله عليه وسلم فقال: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ..} . أي سيلحق المجرمين يوم القيامة ذل وهوان دائمان، ويدركهم العذاب المؤلم الشديد، جزاء بما كانوا يمكرون، وعقوبة لتكبرهم عن