الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيتان على ما يأتي من الأحكام:
1 -
الأمر بالدعاء والتعبد به، وهو نوع من أنواع العبادة، ويفيد معرفة ذل العبودية، ومعرفة عزة الربوبية، ويكون سببا لجلب الخير ودفع الضر؛ لأن هناك أمورا معلقة بالأسباب، والدعاء سبب.
2 -
للدعاء آداب وصفات تحسن معه: وهي الخشوع والاستكانة والتضرع، وكونه سرا في النفس ليبعد عن الرياء، وأن يكون الإنسان في حالة بين الرجاء والخوف، فيدعو خوفا من عقاب الله، وطمعا في ثوابه، قال الله تعالى:
{وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً} [الأنبياء 90/ 21].
قال بعض أهل العلم: ينبغي أن يغلب الخوف الرجاء طوال الحياة، فإذا جاء الموت غلب الرجاء.
أخرج مسلم عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله» .
وينبغي عدم الاعتداء في الدعاء: بالجهر الكثير والصياح، أو يدعو الإنسان أن تكون له منزلة نبي، أو يدعو في محال ونحو هذا من الشطط، أو يدعو طالبا معصية وغير ذلك، أو يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظا مفقّرة، وكلمات مسجّعة، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء، والأولى ترك كل ذلك.
ومجمل آداب الدعاء: أن يكون على طهارة، وأن يستقبل القبلة، وتخلية القلب من الشواغل، وافتتاحه واختتامه بالصلاة على النّبي صلى الله عليه وسلم، ورفع اليدين نحو السماء، وإشراك المؤمنين فيه، وتحري ساعات الإجابة كثلث الليل الأخير، ووقت إفطار الصائم، ويوم الجمعة، وحال السفر والظلم وغير ذلك
(1)
.
(1)
روح المعاني للالوسي: 140/ 8
3 -
ودل قوله تعالى: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} على أن كل من خالف أمر الله ونهيه، فإنه يكون معاقبا إذا ارتكب محرما، فإن لم يكن من المحرمات فالأولى تركه.
4 -
استدل الحنفية بقوله تعالى: {اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} على أن إخفاء التأمين «آمين» أولى من الجهر بها؛ لأنه دعاء. وقال الشافعي رحمه الله:
إعلانه أفضل.
وأما رفع اليدين في الدعاء، فكرهه طائفة من العلماء مثل عطاء وطاوس ومجاهد وجبير بن مطعم وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير عملا بحديث أنس أن النّبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا عند الاستسقاء، فإنه كان يرفعهما حتى يرى بياض إبطيه.
وأجاز جماعة آخرون من الصحابة والتابعين رفع الأيدي،
ذكر البخاري عن أبي موسى الأشعري: دعا النّبي صلى الله عليه وسلم، ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه.
ومثله عن أنس.
وقال ابن عمر: رفع النّبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» . وفي صحيح مسلم عن عمر قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين، وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة مادّا يديه، فجعل يهتف بربه.
وروى الترمذي عن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه، وقال: هذا حديث صحيح غريب. وهذه الأحاديث-كما ذكر القرطبي-أصح طرقا، وأثبت من حديث أنس المتقدم. ثم قال: والدعاء حسن كيفما تيسر، فإن شاء استقبل القبلة ورفع يديه فحسن، وإن شاء فلا، فقد فعل ذلك النّبي صلى الله عليه وسلم حسبما ورد في الأحاديث.
5 -
نهى سبحانه عن كل فساد قل أو أكثر بعد صلاح قل أو كثر. ودل قوله