المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المفردات اللغوية: {وَكَذلِكَ} أي كما متعنا عصاة الإنس والجن - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٨

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌من مظاهر تعنّت المشركين والإياس من إيمانهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القرآن الكريم دليل صدق رسالة النّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ضلالات المشركين والمنع من أكل ذبائحهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (118):

- ‌نزول الآية (121):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مثل المؤمن المهتدي والكافر الضال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعنت المشركين ومطالبتهم بالنبوة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سنّة الله في المستعدّين للإيمان وغير المستعدّينوجزاء الفريقين بعد بيان الحق ومنهجه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تولية الظلمة على بعضهم وتقريع الكافرين على عدم إيمانهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التهديد بعذاب الاستئصال والإنذار بعذاب القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌شريعة الجاهليةفي الزروع والثمار والأنعام وقتل الأولاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأدلة الواضحة على قدرة الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المطعوم المحرّم على المسلمين والمحرّم على اليهود

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الميتة:

- ‌والدّم المسفوح:

- ‌ولحم الخنزير:

- ‌والفسق:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نسبة المشركين الشرك والتحريم إلى الله تعالىوإقامة الحجة عليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المحرّمات العشر أو الوصايا العشر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌1 - نبذ الشرك بالله:

- ‌2 - الإحسان إلى الوالدين:

- ‌3 - تحريم وأد البنات:

- ‌4 - تحريم اقتراف الفواحش:

- ‌5 - منع قتل النفس بغير الحق:

- ‌6 - المحافظة علي مال اليتيم:

- ‌7 و 8 - إيفاء الكيل والميزان بالقسط:

- ‌9 - العدل في القول أو الحكم:

- ‌10 - الوفاء بالعهد:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌السبب في إنزال التوراة والقرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنذار أخير للكفار بسوء العذاب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عاقبة الاختلاف في الدين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الحسنة والسيئة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتباع ملة إبراهيمفي التوحيد والعبادة والتبعة الشخصية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستخلاف في الأرض

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الأعراف

- ‌تسميتها:

- ‌صفة نزولها:

- ‌موضوعها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌اتباع القرآن الكريم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عاقبة تكذيب الرسل في الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عاقبة الكفر في الآخرة والحساب الدقيق على الأعمال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كثرة نعم الله على عباده

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تكريم البشرية بالسجود لآدموإغواء الشيطان وطرده من الجنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة آدم في الجنة وخروجه منها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توفير حوائج الدنيا لبني آدم وتحذيرهم من فتنة الشيطان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تشريع المشركين تقليد الآباء وتشريع الله الوحي إلى رسوله

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إباحة الزينة والطيبات من المآكل والمشارب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصول المحرّمات على النّاس

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أجل كلّ أمّة وفرد

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما خوطبت به كلّ أمّة على لسان رسولها وإنذار المكذّبين بآيات الله

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عاقبة الكذب ومشهد دخول الكفار إلى النّار

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الكافرين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المؤمنين المتقين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌محاورة بين أهل الجنة وبين أهل النار والأعراف

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المناظرة بين أصحاب الأعراف وأصحاب النار

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما يقوله أهل النار لأهل الجنةأو استغاثة أهل النار بأهل الجنة لإمدادهم بالطعام والشراب

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فضل القرآن على البشر وحال المكذبين يوم القيامة بإظهارالندم وطلب الشفاعة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات الربوبية والألوهية لله بالخلق والأمر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مشروعية الدعاء وآدابه وتحريم الإفساد في الأرض

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنزال المطر وإخراج النباتودلالتهما على القدرة الإلهية وإثبات البعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة نوح عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء على قصة نوح من التاريخ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة هود عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة وتاريخ القصة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة صالح عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة لوط عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة شعيب عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌ ‌المفردات اللغوية: {وَكَذلِكَ} أي كما متعنا عصاة الإنس والجن

‌المفردات اللغوية:

{وَكَذلِكَ} أي كما متعنا عصاة الإنس والجن بعضهم ببعض {نُوَلِّي} من الولاية والإمارة، أو نجعل بعضهم أنصار بعض {بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً} أي على بعض {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} من المعاصي {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} أي من مجموعكم، ويصدق ذلك على بعض الإنس: لأن الرسل من الإنس، ولم يكن من الجن رسول، فهذا من باب التغليب، كقوله تعالى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} [الرحمن 22/ 55] وإنما يخرجان من البحر المالح لا العذب. {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ} يخبرونكم بها مع التوضيح والتبيان.

{شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا} أن قد بلّغنا {وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا} أي خدعتهم الدنيا بزخارفها فلم يؤمنوا.

{ذلِكَ} أي إرسال الرسل {وَأَهْلُها غافِلُونَ} لم يرسل إليهم رسول يبين لهم.

{وَلِكُلٍّ} من العاملين {دَرَجاتٌ} مراتب جزاء على وفق أعمالهم {مِمّا عَمِلُوا} من خير أو شر.

‌المناسبة:

لما حكى الله تعالى عن الجن والإنس أن بعضهم يتولى بعضا، بيّن أن ذلك إنما يحصل بتقديره وقضائه، فقال:{وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً} أي مثل ما ذكر من استمتاع الجن والإنس ببعضهم في الدنيا، لتماثلهم في الاتجاه والوسائل والغايات والأعمال، نولي بعض الظالمين ولاية بعض، فنجعلهم أمراء عليهم، أو أنصارا لهم.

‌التفسير والبيان:

مثل تولي الجن والإنس بعضهم لبعض نولي الظالمين بعضهم ببعض، بأن نجعل بعضهم أنصار بعض بمقتضى التقدير والسنة الكونية، كما أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، كما قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} [التوبة 71/ 9] وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} [الأنفال 73/ 8].

ص: 45

قال قتادة في تفسير الآية: إنما يولي الله الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان، وحيث كان، والكافر ولي الكافر أينما كان وحيثما كان، ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي. واختاره الطبري، ويكون معنى الآية: وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجن والإنس أولياء بعض، يستمتع بعضهم ببعض، كذلك نجعل بعضهم أولياء بعض في كل الأمور، بما كانوا يكسبون من معاصي الله ويعملون

(1)

.

وقال السيوطي في الإكليل: الآية في معنى

حديث «كما تكونوا يولّى عليكم»

(2)

وقال الفضيل بن عياض: إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم، فقف وانظر متعجبا. وروى أبو الشيخ ابن حيان عن منصور بن أبي الأسود، قال: سألت الأعمش عن قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً} ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم، أي أن الولاية والإمارة تكون لأشرارهم، كما قال تعالى:{وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها، فَفَسَقُوا فِيها، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ، فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً} [الإسراء 16/ 17].

أي أن التولية بين الظالمين إما بالتعاطف والتناصر فيما بينهم، وإما بتسلط بعضهم على بعض وتأمّرهم عليهم، فما من ظالم إلا سيبلى بأظلم منه. والظلم عام يشمل الظالمين لأنفسهم، والظالمين للناس من الحكام وغيرهم، فكل فريق يتولى شبهه في الخلق والعمل، وينصره على غيره. قال ابن عباس:«إذا رضي الله على قوم ولى أمرهم خيارهم، وإذا سخط على قوم ولى أمرهم شرارهم» .

وهذا تهديد عام لكل ظالم في الحكم والسلطة أو غير ذلك.

(1)

تفسير الطبري: 26/ 8، تفسير ابن كثير: 176/ 2

(2)

رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي بكرة، ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي إسحاق السبيعي مرسلا، وهو حديث ضعيف.

ص: 46

وتابع الله تقريع الظالمين وتهديد كافري الجن والإنس، وبيان حالهم يوم القيامة، حيث يسألهم، وهو أعلم، هل بلّغتهم الرسل رسالاته، وهذا استفهام تقرير وتقريع وتوبيخ، فقال:{يا مَعْشَرَ الْجِنِّ..} . أي يا جماعة الجن والإنس، ألم يأتكم رسل منكم؟ أي من جملتكم، والرسل من الإنس فقط، وليس من الجن رسل، كما قرر جمهور السلف والخلف، وقد عبر بذلك من باب التغليب، كما قال تعالى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} [الرحمن 22/ 55] واللؤلؤ والمرجان إنما يستخرجان في عرف المتقدمين من المالح، لا من الحلو، ثم ثبت أن بعض الأنهار الحلوة الماء قد استخرج منها اللؤلؤ.

ويمكن أن يكون المراد رسل الإنس المعروفين، ورسل الجن: وهم الذين كانوا يستمعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يذهبون لإنذار قومهم بما سمعوا:{وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف 29/ 46]{قُلْ: أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ، فَقالُوا: إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً..} . [الجن 1/ 72].

ومهمة هؤلاء الرسل: أنهم يتلون على أقوامهم آيات الإيمان والأحكام والآداب، وينذرونهم لقاء يوم الحشر وما فيه من الحساب والجزاء لمن يكفر بها ويجحدها.

فأجابوا عن السؤال، وقالوا يوم القيامة: أقررنا بأن الرسل قد بلغونا رسالاتك، وأنذرونا لقاءك، وأن هذا اليوم كائن لا محالة، ونظير الآية قوله تعالى:{قالُوا: بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ، فَكَذَّبْنا وَقُلْنا: ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك 9/ 67].

وخدعتهم الحياة الدنيا بزينتها ومتاعها من الشهوات والأموال والأولاد وحب السلطة ورفعة الجاه، ففرطوا في حياتهم الدنيا، وهلكوا بتكذيبهم الرسل، وإنكار المعجزات، كبرا وعنادا.

ص: 47

وشهدوا على أنفسهم يوم القيامة أنهم كانوا كافرين في الدنيا، بما جاءتهم به الرسل عليهم السلام.

ذلك أي إرسال الرسل وإنذارهم الناس، وإنزال الكتب، بسبب أن من سنة الله ألا يؤاخذ أحد بظلمه إذا لم تبلغه الدعوة، وألا تهلك الأمم بعذاب الاستئصال، إلا بعد إرسال الرسل إليهم، كما قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ} [فاطر 24/ 35] وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ، وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ} [النحل 36/ 16] وقال عز وجل:

{وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء 15/ 17].

وقوله تعالى: {بِظُلْمٍ} يحتمل-كما ذكر الطبري-وجهين: الأول-بشرك ونحوه، أي أن الظلم فعل للكفار. والثاني-لا يكون الهلاك ظلما بغير حق دون التنبيه والتذكير بالرسل والآيات والعبرة، أي أن ذلك عائد إلى فعل الله تعالى والوجه الأول أقوى، كما قال الطبري

(1)

والرازي وغيرهما، والخلاصة: إن الله لا يظلم أحدا من خلقه، ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فكل ما نزل وينزل بالمسلمين إنما هو لسوء أعمالهم، وتركهم دينهم، والعيب فيهم لا في نظام شرعهم.

ولكل عامل في طاعة الله أو معصيته مراتب ومنازل من عمله، يبلغه الله إياها، ويثيبه بها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

والله مطلع على كل الأعمال، فما من عمل لهم إلا يعلمه، وهو محصيه ومثبته لهم عنده، ليجازيهم عليها عند لقائهم إياه، ومعادهم إليه.

وهذا دليل على أن مناط السعادة والشقاء: هو عمل الإنسان ومشيئته، أو كسبه وإرادته واختياره.

(1)

تفسير الطبري: 28/ 8

ص: 48