الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{وَإِلى مَدْيَنَ} أي وأرسلنا إلى مدين، ومدين قبيلة عربية كانت تسكن أرض معان في شرقي الأردن، من طريق الحجاز، وهم من سلالة مدين بن إبراهيم، وكانوا يكفرون بالله، وعبدوا الملائكة من دونه، وكانوا يبخسون الناس في الكيل والوزن. وكما تطلق مدين على القبيلة، تطلق -كما ذكر ابن كثير-على المدينة المعروفة قرب معان، بدليل قوله تعالى:{وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ، وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ} [القصص 23/ 28] وهم أصحاب الأيكة، كما ذكر ابن كثير.
{أَخاهُمْ شُعَيْباً} أي ليس أخا في الدين، وإنما هو من قبيلتهم أو من جنسهم البشري، لا من جنس الملائكة، فهي أخوة في النسب لا في الدين، وشعيب: هو ابن ميكيل بن يشجر، واسمه بالسريانية «يثرون» بعثه الله إلى أهل مدين.
{بَيِّنَةٌ} حجة ظاهرة أو معجزة. {مِنْ رَبِّكُمْ} على صدقي. {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ} أتموه.
{وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ} لا تنقصوهم حقهم. {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} شامل لإفساد نظام المجتمع بالظلم وأكل أموال الناس بالباطل، وإفساد الأخلاق، بارتكاب الفواحش، وإفساد العمران بالجهل وعدم النظام. {بَعْدَ إِصْلاحِها} إصلاح الأرض: هو إصلاح أهلها وما فيها بغرس العقيدة الصحيحة، والأعمال الصالحة، وإعمارها بما يرقي الحالة المعيشية.
{بِكُلِّ صِراطٍ} طريق. {تُوعِدُونَ} تخوفون الناس بأخذ ثيابهم وأموالهم أو أخذ المكس منهم. {وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} تصرفون عن دين الله من آمن به بتوعدكم إياه بالقتل.
{وَتَبْغُونَها عِوَجاً} تطلبون الطريق معوجة. {فَكَثَّرَكُمْ} أي بارك في نسلكم. {عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} أي من كان قبلكم بتكذيب رسلهم، كان آخر أمرهم الهلاك.
أضواء من التاريخ:
هذه هي القصة الخامسة من قصص الأنبياء بعد نوح وهود وثمود ولوط عليهم السلام، وهي قصة شعيب عليه السلام مع قومه شعب مدين.
أما شعيب فهو ابن ميكيل بن يشجر، وهو من أنبياء العرب، وذكر في القرآن عشر مرات: في سورة الأعراف في الآيات 92، 90، 88، 85 وفي سورة هود في الآيات 95، 90، 87، 84، وفي سورة الشعراء في الآية 177، وفي سورة العنكبوت في الآية 36. وكانت بعثته قبل زمن موسى عليه السلام؛ لأن
الله تعالى قال بعد ذكر قصص هؤلاء الأنبياء الخمسة: {ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ} [الأعراف 7/ 103].
وأما مدين أو مديان؛ فهم من سلالة مدين بن إبراهيم عليه السلام، كانوا يسكنون مدينة مدين قرب معان جنوب شرقي الأردن على طريق الحجاز.
وكانوا يعبدون غير الله تعالى، ويبخسون المكيال والميزان، فنهاهم شعيب عن كل ذلك، وحذرهم بأس الله، بما أوتي من قوة البيان والبراعة في إيراد الحجة عليهم، حتى إنه يسمى «خطيب الأنبياء» وهم أصحاب الأيكة في رأي ابن كثير.
وكانوا يقعدون على الطرق يصدون الناس عن دين الله، قال ابن عباس:
كانوا يجلسون في الطريق، فيقولون لمن أتى إليهم: إن شعيبا كذاب، فلا يفتننّكم عن دينكم. ويقولون أيضا:{لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ} [الأعراف 7/ 90].
وقد حاولوا إبطال دعوته، وإلحاق الأذى به، واحتقار شأنه، وتهديده:
{قالُوا: يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمّا تَقُولُ، وَإِنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً، وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ، وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ} [هود 11/ 91]. بل عابوا عليه صلاته التي تأمره بنهيهم عن عبادة غير الله، والعدل في الكيل والميزان:{قالُوا:}
ولما أفحمهم بدعائهم إلى الإيمان بالله وحسن المعاملة، هدده الملأ (السادة) من قومه بإخراجه ومن معه من المؤمنين من القرية إذا لم يعتنقوا دين قومهم، فعاتبهم بقوله:{أَوَلَوْ كُنّا كارِهِينَ؟!} [الأعراف 7/ 88].
ولما أصروا على كفرهم، واشتطوا في مجادلة شعيب وإيذائه بالقول والفعل، أهلكهم الله بالرجفة وهي الزلزال مثل قبيلة ثمود، فبادوا جميعا: {فَكَذَّبُوهُ