الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القزوينى، زكريا
زكريا بن محمد بن محمود أبو يحيى، جغرافى عربى شهير وعالم بحث فى أصل الكون ونشأته وترجع جذوره إلى أسرة عربية استقرت بقزوين بفارس. ولد فى قزوين فى حوالى عام 600 هـ/ 1203 م، ويبدو أنه تلقى هناك تعليمه الفقهى.
ترك القزوينى مسقط رأسه فى تاريخ يصعب تحديده وذهب إلى بغداد كما استقر بعض الوقت فى دمشق حيث قابل الفيلسوف والصوفى الشهير ابن العربى وذلك فى حوالى عام 630 هـ/ 1233 م. ويبدو أنه زار الموصل فى هذه الفترة نفسها حيث قابل ضياء الدين ابن الأثير وربما يكون قد زار مدينة سنجار أيضًا وسافر القزوينى أيضًا، إلى بلاد فارس وأقام مدة طويلة فى واسط والحلَّة حيث تولى القضاء فى عهد الخليفة المستعصم آخر الخلفاء العباسيين. ولا نعرف أين تقابل الجغرافى والعالم بفقيه اللغة ابن سعيد الغرناطى الذى زار المشرق الإسلامى فى عام 648 هـ/ 1250 م.
وبعد سقوط بغداد فى أيدى المغول (656 هـ/ 1258 م) اعتزل القزوينى الحياة العامة وتفرغ للأنشطة العلمية. وكان الجوينى، المؤرخ الفارسى، حاكما لبغداد بالنيابة عن هولاكو وخليفته أبافا. ويعتقد أن القزوينى وجد فى الجوينى الراعى لأعماله العلمية، وربما بسبب هذه الحماية المفترضة أهدى له كتابه عن أصل الكون وتكوينه. وقد مات القزوينى فى عام 682 هـ/ 1283 م.
وكتب القزوينى عملين أحدهما فى مجال الكون والمخلوقات والآخر فى مجال الجغرافيا. وينقسم كتابه "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" إلى جزءين:
الجزء الأول يعالج الأشياء السماوية فى حين يعالج الجزء الثانى الأشياء الأرضية.
يصف القزوينى فى الجزء الأول الظواهر السماوية، أى القمر والشمس والنجوم ويتكلم عن سكان السماء، والملائكة.
وفى نهاية هذا الجزء يشرح مشاكل التاريخ للكون ومعرفة تكوينه والتقويم العربى والسريانى. ويستهل الجزء الثانى ببحث عن العناصر الأربعة، والظواهر الجوية والرياح، ثم يصف تقسيم الأرض إلى سبعة أقاليم مناخية، ويعطى وصفا لكل البحار والأنهار المعروفة. وبعد أن شرح أسباب الزلازل وتكوين الجبال والآبار استعرض ممالك الطبيعة الثلاث: المعدن والنبات والحيوان. ويسبق وصف المملكة الحيوانية وصف مملكة الإنسان، وصفاته وتشريحه وكذلك وصف الصفات المميزة للقبائل الإنسانية. وقبل مناقشة الكائنات الحية الأخرى تناول الجن والغيلان.
وحظى كتاب "عجائب المخلوقات" للقزوينى بشعبية كبيرة فى كل العالم الإسلامى، وهو يعتبر أول عرض منهجى للكوزموغرافيا فى الأدب الإسلامى. وزينت مخطوطات الكوزموغرافيا، سواء العربية أو الفارسية أو التركية، بجداول هندسية وصور مصغرة تمثل نباتات وحيوانات وأنواع المسوخ المختلفة، وبعض هذه الرسومات لها قيمة فنية عالية.
لكن مصادر "عجائب المخلوقات" لم تنل بعد نصيبها من الدراسة. ففى نسخة Wustenfeld يمكن اكتشاف حوالى 21 كاتبا استخدم القزوينى أعمالهم ابتداء من الجاحظ وابن الفقيه إلى ابن الأثير، ومن أكثر الأعمال التى استشهد بها أعمال أبو حامد الأندلسى وبحث مجهول المؤلف بعنوان "تحفة الغرائب".
العمل الثانى للقزوينى جغرافى عرف من عدة مخطوطات ترجع إلى نسختين مخللفتين، النسخة الأقدم بعنوان "عجائب البلدان" كتبت فى عام 661 هـ/ 1262 - 1263 م. أما النسخة الثانية وقد نقحت بالكامل فترجع إلى عام 664 هـ/ 1265/ 1266 م. وهى تحمل عنوان "آثار البلاد وأخبار العباد".
قسم القزوينى الأرض فى "آثار البلاد" إلى سبعة أقاليم مناخية واتبع فى ذلك التقسيم البطلميوسى. ووصف
المدن والبلدان والجبال والأنهار التى تقع فى كل من هذه الأقاليم طبقا لترتيب هجائى. ويتضمن وصف كل مدينة أو بلد وقائع وحقائق جغرافية وتاريخية ونبذات عن أشهر الشخصيات التى يرجع أصلها إلى هذه المدن أو البلدان. ومن ثم يوجد تشابه بين كتابه هذا و"معجم البلدان" لياقوت من حيث ترتيب المادة. (باستثناء أن القزوينى وزع مادته على سبعة معاجم مختلفة تبعا لتقسيم الأقاليم المناخية). وبعض الموضوعات التى تضمنها كتاب "القزوينى والخاصة مثلا بمختلف الجبال والأنهار الخ. . جاءت كما فى كتاب "عجائب المخلوقات" وغالبا بذات المضمون تماما.
وبالإضافة إلى المخطوطات العربية هناك عدة نسخ فارسية منقحة وأخرى تركية موجزة لكتاب عن البلدان وعلى نقيض كتاب عجائب المخلوقات فإن مصادر "آثار البلاد" كانت موضوعًا لعدة دراسات. لقد جمع Wustenfeld قائمة -وإن كانت ناقصة جدا- للمصادر التى استخدمها القزوينى.
وعاد إلى هذه القضية فى الطبعة التى أصدرها عن "معجم البلدان" لياقوت حيث قال إن القزوينى استخدم بشكل كبير هذا العمل دون الإشارة إلى ذلك. وفى عام 1967 م نشرت M.Kowolska أول دراسة جادة عن مصادر كتابه الجغرافى فى مقال بعنوان "مصادر آثار البلاد للقزوينى"، حيث قدمت تحليلًا مفصلًا لهذه المصادر. ويتضح من هذه الدراسة أن كتاب ياقوت "معجم البلدان" يمثل المصدر الرئيسى "لآثار الباود" للقزوينى كما وضعت قائمة كاملة تقريبًا للأجزاء التى استخلصها القزوينى من مصادر عربية أخرى نذكر منها هنا أعمال إبراهيم بن أحمد الطرطوشى والبيرونى والعذرى وأبو حامد الأندلسى وبحث فى تكوين الكون ونشأته مجهول المؤلف يرجع إلى القرن الثانى عشر ببنوان "تحفة الغرائب". وأخيرا جمعت قائمة بالرواة الذين سمع منهم القزوينى. فلقد استقى مؤلف "آثار البلاد" بعض معلوماته عن عرب غرب افريقيا.