الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستمر ليو الأفريقى (الحسن الوزان) فى الحديث عنها فيشير إلى أن جوها غير صحى ولكنه يمتدح اقمشتها وصناعاتها الخزفية وأثمارها وكثرة ما بها من أشجار البرتقال والزيتون.
وتنقضى فترة لا نجد لقفسة ذكرا إلا فى أثناء القرن التاسع عشر وذلك فيما تركه بعض الرحالة أمثال "جيرين" وزاكون، وماييه. من أهم المراجع فى هذا الشأن مصادر التاريخ الإسلامى للمقدسى واليعقوبى والبكرى والإدريسى.
د. حسن حبشى [م. طالبى M. Tailbi]
قفط
" قِفْطْ"، قُفْطْ، وقفْطْ، واسمها القديم " Coptos"(قبطيو)، وهى مدينة صغيرة بأعالى صعيد مصر، تقع حيث يدنو النيل من أقرب نقاطه إلى البحر الأحمر (على بعد حوالى 40 كم شمالى أطلال طيبة، وحوالى 2 كم شرقى النهر).
ارتبطت فى العصور الفرعونية باستغلال المعادن فى التلال الواقعة بين النيل والبحر الأحمر، وبالتجارة عبر الجزء الشرقى لمصر، وقد تمتعت قفط بأعظم درجات الازدهار فى فترتى اليونان والرومان. ويصف الجغرافى والمؤرخ اليونانى سترابو (64 ق. م - 23 ق. م) تنظيم وسائل النقل عبر النيل حتى "قفط"، ثم بالقوافل عبر الصحراء حتى البحر الأحمر، ويسميها "المدينة التى يسكنها المصريون والعرب معًا". والواقع أنها كانت مركز جذب لأهالى الصحراء الغربية القادمين للتجارة بها، وقبل كل شئ، من أجل القبائل البدوية المعروفة باسم "بِجَه"(أو البجاه -بضم الباء) التى اعتنقت النصرانية من هناك دون أدنى شك، وقد أقام مطران البِجَه فى قبطيو "قفط" وصارت قفط بعدئذ نقطة بداية للطرق المؤدية إلى البحر الأحمر (فى سنة 132 هـ/ 750 م، فرَّ بعض أفراد أسرة بنى أمية إلى هناك على نحو مؤقت ربما بقصد الهرب) وفقدت قفط أهميتها حين بدأ التيار الرئيسى للتجارة الشرقية فى استخدام الخليج العربى بدلا منها.
وبدأت قبائل صحراوات النيل - البحر الأحمر، تهاجم وادى النيل، ونهبت قفط نهبًا بدون حصانة فى سنة 204 هـ/ 819 م على أيدى قبائل البِجَه التى كانت لا تزال نصرانية، وحتى سنة 212 هـ/ 828 م، لم يكن قد بنى حولها سور واقٍ ليحميها. وفى النصف الأول من القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى، كتب المسعودى مبينا أن قوص كانت أهم من قفط، ويربط أفول نجمها، وانقضاء زمانها، والنفور منها إلى بعد مجرى النيل عنها، والواقع أن تجار قوص المهرة كانوا قادرين على الاستفادة بالنهر، المحور التجارى الوحيد الذى كان لا يزال آخذًا فى الازدهار بسبب التجارة مع بلاد النوبة، بينما هجرت كل الطرق الأخرى؛ وحين استفيد بها مرة ثانية مع إحياء التجارة الشرقية فى ظل الفاطميين إبان القرن الخامس الهجرى الحادى عشر الميلادى، انتعشت قفط من جديد، إلا أن قوص احتلت المركز الأول وقتذاك، وصارت عاصمة إقليمية. وعلى الرغم من ذلك، استوطن "قفط" مزيج متعدد من السكان وبخاصة حين أدت العلاقات مع الحجاز لفترة طويلة إلى إستقرار أسر العلويين فيها. ولم يكن ثمة شك فى تأثيرهم الذى يفسر الانتشار الكبير للمذهب الشيعى هناك، وفى إخلاصهم للفاطميين بعد تولى صلاح الدين للسلطة، فقد دبرت مؤامرة أدت إلى "ثورة" فى سنة 572 هـ/ 1177 م، تم قمعها بوحشية. ونتيجة لذلك، أوكلت قفط إلى قوص مهمة فرض الثورة السنية المضادة على الصعيد. وربما يكون رحيل بعض الأسر منها (على سبيل المثال، أسرة ابن القفطى) مرتبطًا بهذه الأحداث؛ ولا يبدو أن قفط قد كان بها مدرسة أسوة بمدن صعيد مصر الصغيرة الأخرى، وسرعان ما فقدت قاضيها (تحولت إلى السلطان القضائى لممثل قاضى قوص). وبقى إقليم قفط وقفًا يذهب ريعه لمساندة أشراف مكة. ولم تكن قفط فى الفترة المملوكية سوى مركز زراعى صغير فى الريف حيث وفرت زراعة