الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القواسم
(مفردها قاسم، ويصير بياء النسب قاسمى) وهى الأسرة الحاكمة للشارقة ورأس الخيمة، وهما الإمارتان التابعتان لدولة الإمارات العربية المتحدة. والقواسم أشراف نزحوا من العراق إلى الساحل العربى فى منتصف القرن السادس عشر الميلادى، وأسس القاسم دولته على ذلك الساحل الممتد من الشارقة إلى رأس الخيمة والذى كان يعرف بالصير، واتخذ الشارقة عاصمة له.
كانت رأس الخيمة باسمها القديم "جلفار" حينئذ تحت الاحتلال البرتغالى، وعندما حرر شاه عباس ملك فارس سنة 1620 م جزيرة هرمز انتقلت قواته إلى الساحل العربى، فتقابلت مع الملك محمد بن القاسم فى مواقع عدة انتهت بالتحكيم والصلح.
فى سنة 1646 م برز زعيم آخر للقواسم وهو الشيخ سيف بن على بن صالح القاسمى، شيخ الصير وهو ابن عم الحاكم السابق. . قام الشيخ سيف فى تلك السنة بالتوسط بين اليعارية والبرتغاليين وعقد بينهما صلحًا ووقعت اتفاقية بذلك خطها الشيخ سيف بن على بن صالح القاسمى بيده.
بعد خروج البرتغاليين من المنطقة سنة 1650 م أصبحت جلفار عاصمة للقواسم لما لها من سمعة تجارية وقربها من مدخل الخليج والساحل الفارسى، حيث التجارة رائجة. وفى بداية القرن الثامن عشر الميلادى انتهت الدولة الصفوية وتبع ذلك الاحتلال الأفغانى لإيران، مما أعطى فرصة للقواسم باحتلال أجزاء من ساحل فارس وبعض الجزر واستطاع أحد اقربائهم ويدعى الشيخ راشد، تأسيس قاعدة تجارية فى باسيدوه على جزيرة قشم الأمر الذى أغاظ بريطانيا حيث أخذت تجارتها فى الكساد، فشنت حملة عسكرية على باسيدوه، وحطمت قاعدته.
فى تلك الفترة عصفت بعمان حرب أهلية انقسمت فيها البلاد إلى معسكرين الهناوية بقيادة الهنائى والآخر يتبع محمد بن ناصر، ويدعى الغافرية بقيادة الغافرى، فانضم القواسم إلى معسكر
الغافرية وكان قائد جيش القواسم زعيمهم الشيخ رحمة بن مطر بن رحمة ابن محمد بن القاسم وكان تعداد جيشه خمسة آلاف مقاتل وعُدته مدافع بعجلات تجرها الدواب. وكان يعتبر فى تلك الفترة أغنى رجل فى منطقة الخليج.
فى بداية سنة 1737 م نزلت القوات الفارسية فى خورفكان واتجهت إلى مسقط لمساعدة الإمام سيف بن سلطان ضد بالعرب الذى كان ينازعه السلطة ونزلت قوات أخرى فى خصب شمالى رأس الخيمة فتصدى لها الشيخ رحمة ابن مطر فهُزم وأخذ أسيرًا هو وأربعمائة من جنوده، ونقل إلى بندر عباس ومن هناك إلى شيراز حيث بقى فى الأسر مدة أربع سنوات، حتى إذا ما انسحبت القوات الفارسية من عمان وجلفارو اعترف نادر شاه بالشيخ رحمة ابن مطر القاسمى حاكما لجلفار مُلك أجداده، ونقل من شيراز إلى جلفار حيث سلمت له البلاد.
فى فترة الحروب الأهلية فى إيران (1747 - 1760 م) استغل الشيخ رحمة بن مطر القاسمى تلك الأوضاع فاستطاع أن يسيطر على أجزاء من الساحل الفارسى وكثير من الجزر، وفى نهايتها اختفى الشيخ رحمة بن مطر القاسمى من التاريخ حيث كان رجلًا مسنا وقد تكون وفاته نتيجة الشيخوخة، وقد تابع الشيخ راشد بن مطر القاسمى شقيقه تلك السياسة وهى السيطرة على مضيق هرمز مما دفع العمانيين إلى التحالف مع الإنجليز وبنى معين، وقبل اتخاذ أىّ ترتيبات قام القواسم بالهجوم على بندر عباس وتخريب الوكالة البريطانية هناك، كما نفكنت قوات القواسم من إلحاق الهزيمة بناصر خان حاكم "لار" فى هجومه المضاد ضد "لنجة" أحد معاقل القواسم على ساحل فارس.
أعقب تلك الفترة هدوء فى المنطقة نتيجة دعوة التصالح بين تلك القوى المتحاربة وفى سنة 1777 م برز زعيم آخر للقواسم وهو الشيخ صقر بن راشد القاسمى.
شعرت شركة الهند الشرقية التابعة للإنجليز بأن تجارتها أخذت تتدهور
نتيجة للنشاط التجارى لتبو سلطان حاكم ميسور فى الهند، فقررت احتلال ميسور، وقد كان ذلك بعد حروب استمرت مدة من الزمن، حيث قتل تبو سلطان وضمت ميسور للممتلكات البريطانية فى الهند. أما فى الخليج فقد استعملت بريطانيا أسلوبًا آخر وهو السيطرة على الخليج بإجبار جميع السفن العاملة فيه بحمل جوازات مرور تُمنح من قبل السلطات البريطانية، الأمر الذى رفضه القواسم فمنعوا من الوصول إلى الهند؛ كان ذلك فى بداية عهد الشيخ سلطان بن صقر القاسمى (1804 - 1866 م).
وفى سنة 1806 م قامت بريطانيا بمحاصرة أسطول القواسم حول جزيرة قشم فاستطاع الإفلات من ذلك الحصار، فقامت بريطانيا بقصف مدينة "لفت" على جزيرة قشم أحد معاقل القواسم ثم طلب قائد الحملة ديفيد سيتون من كثير من الشخصيات التوسط له لدى الشيخ سلطان بن صقر القاسمى للقاء به، الأمر الذى رفضه الشيخ سلطان بن صقر القاسمى، وجرت عدة لقاءات تم بعدها توقيع إتفاقية بين الإنجليز والقواسم وهى الإتفاقية الأولى يطلب الإنجليز فيها من القواسم حماية السفن البريطانية من الاعتداءات الوهابية -[التى أخذت تنتشر فى المنطقة وكان القواسم حلفاءهم]- والسماح للقواسم بالمتاجرة مع الهند.
كتب ديفيد سيتون المقيم البريطانى فى مسقط سنة 1807 م عن القواسم فقال: "إن القواسم لم يمتلكوا ساحل الصير العربى فقط وإنما امتلكوا أيضَا جزيرتى قشم وقيس قرب الساحل الفارسى، وامتلكوا كذلك تشارك ولنجة وشناص على الجانب الفارسى. وقد أضافت سفن هذه الأماكن كثيرًا لأسطول القواسم الهائل والذى بلغ تعداد سفنه 500 مركب".
كما أكد سيتون أن القواسم كانوا يستطيعون بعون حلفائهم فى الداخل أن يحشدوا ما لا يقل عن 20.000 رجل.
فى سنة 1809 م قامت بريطانيا بحملة كبيرة على رأس الخيمة،
وقصفتها بمدافع سفنها الحربية ثم احتلتها وحرقت كل سفنها المتواجدة هناك وهدمت مبانيها ونهبت كل ممتلكاتها، وتحت ضغط مقاومة القواسم انسحبت بريطانيا بعد يومين من الاحتلال بعد أن خلفت وراءها كثيرًا من القتلى والجرحى نتيجة القصف الهمجى على المدينة.
اتجهت الحملة بعد ذلك إلى معاقل القواسم على ساحل فارس وهى لنجة ولفت وقصفتهما بالمدافع فتهدمتا واحترقتا، ثم اتجهت الحملة إلى شناص على ساحل الباطنة وهى أحد معاقل القواسم فهدمت واحتلت من قِبل القوات البريطانية والعمانية.
فى سنة 1820 م قامت بريطانيا بحملة أخرى على القواسم وبدون مبرر حيث احتلت رأس الخيمة والجزيرة الحمراء وأم القيوين وعجمان والشارقة وهدمت كل حصونها وقلاعها وأسوارها، واستولت بريطانيا على كل السفن فى تلك الموانئ والمدافع، وباعتها بثمن بخس ووزعت أثمانها على ضباطها. كما قام ضباطها وعلى زوارقهم الحربية بالتجوال فى البحر بين الساحل العربى والساحل الفارسى بالاعتداء على كل السفن العابرة فى الخليج وضربها بالمدافع وقتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال. أجبرت بريطانيا كل الشيوخ على الساحل العربى على توقيع اتفاقية أملت فيها كل شروط السيطرة على ذلك الساحل ثم وقعت اتفاقيات عديدة خلال الفترة اللاحقة تمنح بريطانيا مزيدا من السيطرة.
ثم ازدادت سيطرة الإنجليز على الإمارات التى تعاهدوا معها بواقع الاتفاقية التى أبرمت مع حكام القواسم فى الشارقة ورأس الخيمة والإمارات الأخرى عام 1309 هـ/ 1892 م والتى فرضت على هذه الإمارات عدم إبرام اتفاقيات مع أى قوى أخرى خلاف بريطانيا وفى عام 1322 هـ/ 1904 م، حاولت فارس ضم جزيرة أبى موسى وإحدى جزيرتى طنب إلى أملاكها كما فعلت من قبل باستيلائها على بعض ممتلكات القواسم إلا أن الإنجليز أحبطوا هذه المحاولة.
منذ بداية القرن العشرين تحولت زعامة الإمارات الخليجية من القواسم إلى "أبو ظبى" و"دبى" وقد صارت دبى الميناء الرئيسى للتجارة. أما أبو ظبى فقد ازدهرت تحت قيادة حاكمها الفعّال زايد بن خليفة (توفى 1326 هـ/ 1908 م) الذى جعل منها قوة سياسية وعسكرية. ثم تراجعت أبو ظبى بعض الشئ إبان تعاقب أبناء زايد الأربعة على الحكم، ولكن فى عهد حفيده "شخبوط" تم اكتشاف البترول بكميات اقتصادية كبيرة عام 1379 هـ/ 1959 م، وكان هذا هو أول اكتشاف للبترول فى أراضى الإمارات الخليجية. ومع تطور الصناعات البترولية سبقت أبو ظبى سائر الإمارات الأخرى فى هذا المجال لتحقق أعلى مستوى دخل للفرد فى العالم. وفى عام 1386 هـ/ 1966 م، اكتشف البترول عند شواطى دبى واحتلت دبى المركز الثانى بين إمارات الخليج وإن ظلّ البون شاسعًا بينها وبين "أبو ظبى" ثم اكتشف الغاز فى مناطق الشارقة البرية عام 1984 م.
ومع خلول نهاية عام 1391 هـ/ 1971 م، أنهت بريطانيا نفوذها على الخليج الذى امتد قرابة قرن من الزمان؛ بسحب كافة قواتها وتسليم القاعدة العسكرية بالشارقة، وقبيل مغادرة الإنجليز للخليج، احتلت إيران جزيرة "أبو موسى" وكذلك جزيرتى طنب الصغرى والكبرى" وتم تسوية هذه الجزر باتفاقيات مع الشارقة، ولكن رأس الخيمة حاولت مقاومة الاحتلال الإيرانى لجزيرتى طنب، وفى عام 1972 م تم اكتشاف البترول فى مياه جزيرة "أبو موسى" واتفقت كل من إيران والشارقة على توزيع الأرباح مناصفة.
وعقب خروج الإنجليز، اتحدت الإمارات السبع معا لتكون دولة الإمارات العربية المتحدة وطالبت أبو ظبى ودبى أغنى الإمارات بأن يكون الحاكم ونائب الحاكم منهما. أما سلطان ابن محمد بن صقر القاسمى حاكم الشارقة وابن عمه صقر بن محمد بن سالم القاسمى فقد حصلا على مناصب أخرى فى الوزارات المتعاقبة، وأخيرًا