الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عادت قيصرية إلى النفوذ العثمانى المباشر عام 1814 م.
ولقد صارت قيصرية فى ظل الخلافة العثمانية لواء أو سنجقا تابعا لايالة قرمان، وظلت كذلك حتى عام 1864 م حيث أصبحت تابعة لولاية أنقرة وصارت تركيا جمهورية وصارت مدينة "قيصرية الأناضول" ولاية.
التجارة والصناعة والزراعة:
تستمد قيصرية أهميتها كمركز تجارى من موقعها عند ملتقى طرق تجارية هامة تربط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وأهم من هذا أنها تقع فى ناحية مزدحمة بالسكان، حسنة الرى وخصبة، وتعتمد قيصرية فى رخائها الزراعى على القمح والشعير كما تتوفر بها زراعة الفاكهة والخضروات لحسن توزيع مياه الرى فتجود هذه الزراعات كلها على سفوح الجبال، ولقد كانت سيواس وقونية وقيصرية أيام سلاجقة الروم الزاهرة مراكز التجارة فى الأناضول وتشير دفاتر الضرائب المعروفة باسم الماشية والأغنام ومصانع لصنع البوظة والخمور والشموع وقَلَّ أن كانت ناحية من النواحى فى البلد تخلو من بساتين الكروم والعنب والفاكهة والحدائق المتناثرة هنا وهناك، كما كانت الحنطة والشعير يزرعان على أطرافها، هذا بالإضافة إلى أن القرى المجاورة لها كانت تنتج الحبوب وكثيرا من أنواع الفاكهة والخضروات لاسيما العنب بالذات الذى يستعمل فيه صناعة النبيذ كما يشمل منه الزبيب، كذلك يحتل القطن وعسل النحل مكانا مهما فى انتاجها وتكثر بها اشجار الجوز وتجود بها زراعة الأرز، ونرى أن كلا من سيمون البولندى وأوليا جلبى يثنى على بساتينها وقمحها وشعيرها وفاكهتها المتنوعة التى لا تضارعها أية فاكهة فى أى ناحية من نواحى الأناضول فى الوفرة وغزارة الإنتاج ويمتدح ذلك كله من باركلى وأنيزوورث وموردتمان.
وكان القطن والأقمشة القطنية من أهم منتجاتها منذ العصر السلجوقى
فصاعدا، ويشير "كينر" إلى أنه وجد بها تجارا من جميع أرجاء الشام والأناضول ممن جاءوا فى طلب المنسوجات والقطن الخام، كما اشتهرت قيصرية بخيلها، واهتمت هى بتربية الماشية والأغنام والجاموس لصناعة البسطرمة التى ذاعت شهرتها بها ويشير أوليا جلبى إلى أنه شاهد فى أستانبول إقبالا كثيفا على هذه اللحوم ومصنعاتها حتى لم تعد قيصرية تجد كفايتها منها، وكان للجلود سوق فى شتى أرجاء الأمبراطورية لاسيما فى صناعة الأحذية، كما أن قيصرية لا تزال حتى اليوم تنتج كميات هائلة من أجمل وأحسن أنواع السجاد والأكلمة.
ويشير سيمون البولندى لكثرة الخانات والنزل والحوانيت والأسواق والصاغة والجوازجية، ويذكر الرحالة "أنسيات" ما فى أسواقها من سلع أستانبول والهند، ويسميها، "كينر" بسوق الأناضول والشام التجارى ويقرر "هاملتون" ما عليه أسواقها من الضخامة وأنها خاصة بالواردات التى تباع بأرخص الأثمان، ويشير "نردتمان" إلى أن التجارة بحوالى سنة 1850 م كانت بأكملها فى أيدى المسيحيين الكابوتيين من أهل البلد، إلا أن ذلك لا يمنع من أن التجار المسلمين بها كانوا من أنشط الجماعات التجارية.
وكان للملح اهمية عظمى إذ توجد بها بحيرة مليحة إلى جانب مناجمه فى "حاجى بكتاش"، ويكثر بها الجص ونترات البوتاسيوم (ملح البارود) والكلس مما جعل مواد البناء رخيصة.
ولقد مد خط سكة حديد من أنقرة إلى قيصرية سنة 1927 م وخرجت منه فروع إلى سامسون وغيرها من البلاد مما جعل قيصرية البلد مركز خطوط سكك حديدية، وتأسس بها عام 1935 م مصنع حكومى للغزل والنسيج يعمل فيه ما يقرب من ألفين وخمسمائة عامل، وقد ساعد فى إنشائه قرض سوفييتى، كما أنها أصبحت ملتقى خطوط الطيران وأصبح بها فى سنة 1965 م ستة عشر مصنعا (منها
خمسة حكومية وأحد عشر برؤوس أموال خاصة). ومن الصناعات الهامة بها نسج الصوف والمصنوعات الجلدية والمعدنية وتكثر بها الأفران ومصانع بسترة الألبان، ولقد ترتب على ذلك كله ارتفاع مستوى معيشة الفرد بها ارتفاعا لم تبلغه معظم المدن التركية من الناحية الديموجرافية للسكان
يستفاد من مراجعة سجلات نفوسها أنه كان بها 2287 شخصا (أو نفرا كما هو وارد فى مصطلحهم) من الذكور ممن يدفعون الضرائب منهم 86 % مسلمون 14 % ذميون، وقد ارتفع عدد غير المسلمين عام 1500 من 14 % إلى 22 % ارتفع عدد الأرمن من 82 % إلى 89 % سنة 1583 م، وكانت الزيادة فى أعدادهم أكبر من الزيادة فى عدد أهلها من اليونان الذين يعيشون بها، ولا ترد الإشارة فى هذه السجلات الضرائبية المعروفة باسم دفترى خاقانى إلى أحد من اليهود وإن كان "أولياجلبى" يشير فى سنة 1059 م إلى وجود معبد لليهود ولقد أدى زلزال 1835 م الفظيع إلى تدمير كثير من الدور وبلغ عدد ضحايا 665 نسمة، كما أفنت الكوليرا فى سنة 1848 م ما يقرب من ثلاثة آلاف من أهل قيصرية، فلما كانت السنة التالية (1849 م ذكر مورد تمان أن عدد سكانها هو 18413 ذكرا (منهم 12344 من المسلمين و 5002 من المسيحيين التابعين للكنيسة الأرمنية، و 11067 من المسيحيين التابعين للكنيسة اليونانية ولقد عقد بقيصرية فى سنة 1922 مؤتمر لمسيحيى الأناضول الأرثوذكس أكدوا فيه أنهم مسيحيون أناضوليون وترك فى قوميتهم ورفضوا كل صلة مذهبية باليونان وأسسوا لهم بطريكية تركية. وحدث بعد المذبحة الأرمنية وتبادل السكان اليونان أن تضاءل عدد سكان قيصرية كما يتضح ذلك من أول إحصاء جمهورى فقد بلغوا 39544 نسمة ولم يبق بالبلد سوى ألف ومائتين وسبع وسبعين أرمنيا على المذهب الكاثوليكى وستة فقط من الأغريق الأرثوذكس.