الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القانون وتشبهوا بالغساسنة فاعتنقوا المسيحية على المذهب المونوفستى.
وكان أول صدام بين الكلبيين والمسلمين حين أرسل النبى [صلى الله عليه وسلم] حملة إلى دومة الجندل انتهت بإسلام الأصبغ بن عمر مع عقد معاهدة بين الجانبين (راجع ابن سعد، 1/ 2/ 36) وكان رهط من الكلبيين ممن يعيشون فى مكة قد أسلموا، وكان من هذا الرهط زيد بن حارثة الذى تبناه النبى [صلى الله عليه وسلم]، ومنهم دحية الكلبى، كما جاء وفد منهم إلى النبى [صلى الله عليه وسلم] عام الوفود يبايعونه على الطاعة (راجع فى ذلك الطبرى والمسعودى وابن الأثير وابن دريد وكتاب (الاشتقاق) والأغانى والعقد لابن عبد ربه والهمدانى والبكرى وياقوت ونقائض جرير والفرزدق والكامل للمبرد وجمهرة النسبى.
بدرية الدخاخنى [ج. و. فك J. W. FUCK]
الكلبيون فى الإسلام: أما فى الإسلام فترجع علاقتهم بالأمويين إلى زمن الخليفة عثمان بن عفان وإلى زواج معاوية بن أبى سفيان من ميسون بنت أنيف، وكان معاوية يرمى من وراء هذا الزواج إلى دعم موقفه والاعتماد عليهم فى محاربته للإمام على بن أبى طالب، ومن هنا كان اليمنيون (لاسيما الكلبيون) أكثر القبائل نفوذًا فى الشام زمن معاوية وولده يزيد الذى تزوج هو الآخر امرأة من بنى كلب
.
ولقد وقف الكلبيون إلى جانب الأمويين يؤيدونهم، على حين أخذ القيسيون يشدون أرز بن الزبير، ويشير المسعودى فى كتابه مروج الذهب (جـ 5 ص 200) إلى أن اليمنيين بزعامة حسان بن مالك بن بحدل الكلبى اشترطوا على مروان قبل أن يؤيدوه كل التأييد أن يكون لهم من الامتيازات ما كان لهم زمن معاوية ويزيد ومعاوية الثانى فيجرى على كل واحد منهم سنويا ما كان من قبل من دفع ألفى درهم فإذا مات الواحد منهم حل ولده أو ابن عمه محله فى تناول هذا القدر من المال، واشترطوا أن تكون لهم
الصدارة فى البلاط وأن يستشاروا فى كل أمر من الأمور فقبل مروان شروطهم هذه كلها ومن ثم لم يكن من المستغرب أن ترمى قيس بكل ثقلها فى وقعة مرج راهط (64 هـ) إلى جانب ابن الزبير، على حين وقف الكلبيون وبقية اليمن إلى جانب مروان ومع ذلك فقد انتهت هذه المعركة بهزيمة ساحقة للقيسيين وهى هزيمة لم ينسوا أبدا مرارتها بل زادت حدة الصراع بينهم وبين الكلبيين زمن عبد الملك بن مروان إذ رأى القيسيون فى الاضطرابات السائدة زمن استخلافه فرصة لأخذ ثأرهم، وجاءت هذه الفرصة فى المعركة التى وقعت على نهر الخازر سنة 67 هـ (= 686 م) حين انسحب عمر بن الحباب السلمى بمن معه من القيسيين من ساحة القتال مما أدّى إلى انتصار العراقيين، ولقد أخذ كل من ظُفر وعمير فى شن سلسلة من الهجمات على هؤلاء الكلبيين الذين كانوا يعيشون فى بادية السماوة (الواقعة فى سورية والعراق)، ورد عليها الكلبيون بقيادة حميد بن حريث بن بحدل.
كانت هذه المعارك فاتحة سلسلة من الوقائع أشهرها معركة "بنات قين" التى انتصر فيها القيسيون، وإن كانت بنات قين هذه آخر المعارك بين الجانبين بفضل تدخل عبد الملك بن مروان وحكمته، فلما شب الصراع الحربى بين العباسيين والأمويين (سنة 132 هـ - 750 م) جاء من الكلبيين ألفان لمعاونة مسلم بن قتيبة والى البصرة الأموى، ووقفوا إلى جانب العباسيين وربما كان هذا التصرف هو الذى أدّى إلى اعتماد مروان الثانى على القيسيين اعتمادًا كليًا أو لأن الكلبيين أيقنوا أن الأمويين قد خسروا المعركة فأرادوا أن يكسبوا عطف النظام الجديد عليهم، ومع ذلك فقد قام الكلبيون فى نفس السنة مع آخرين من اليمن وشاركوا أبا الورد فى ثورته ضد الجيش العباسى الذى كان بقيادة عبد اللَّه بن على وربما كان تغير موفقهم هذا راجعا إلى عدم استرضاء النظام الجديد لهم، وشهدت دمشق زمن هارون الرشيد اضطرابات عنصرية بين اليمنيين والمضَريين، واستمرت هذه الاضطرابات زمن
المأمون بالنسبة إلى اليمنيين فى مصر وجدت أحداث فى أخريات أيام بنى العباس.
وكان السبب الرئيسى لهذا النزاع القبلى هو ما كان من ميل قبائل عرب الشام إلى بنى أمية وساعد على توفر هذا الميل سياسات الحكام العباسيين الذين كانوا يحرضون كل قبيلة ضد الأخرى وظهر هذا التنازع مرة ثانية زمن المأمون (سنة 313 هـ/ 828 م) فيما يتعلق باليمنيين الموجودين فى مصر.
فلما كان العصر العباسى المتأخر نجد أن تاريخ كلب أصبح أقل خطورة، واتخذ شكل مناوشات بدوية وهجمات على السلطات المركزية، وهذا بيان عن الأحداث الهامه التى كان أولها مساهمة الكلبيين (بقيادة عطيف بن نعمة) فى الثورة التى اضطرمت بحمص ضد حاكمها "الفضل بن قارن" فوثبوا عليه وقتلوه (سنة 250 هـ/ 884 م) ولكن استطاع موسى بن بغا الكبير قائد المستعين أن يقضى على المتمردين ويستولى على حمص، فلما كانت سنة 294 هـ (906 م) تعاون عرب كلب مع النمر بن قاسط ومع أسد وحاربوا حاكم الموصل الحسين بن همدان وطاردوه حتى أبواب حلب، غير أن ابن همدان هذا نجح فى السنة ذاتها فى التغلب على عرب كلب وطيئ وهزمهم ولكنه وقع أسيرا فى أيديهم فى نهاية الأمر كذلك شارك الكلبيون فى النزاع الذى شب بين والى دمشق وبين دبيس ابن صدقه وإلى حلب.
على أنه قد يكون من الطريف أن نشير إلى أن الدعوة للقرامطة وجدت استجابة لها بين بعض الجماعات من بنى كلب لاسيما بين بنى العليص بن ضمضم ومواليهم الذين كانوا يعيشون فى بادية السماوة! بل إنهم أعلنوا معاونتهم وطاعتهم ليحيى بن ذكرويه الداعية القرمطى ونعتوه "بالشيخ"، كما انضم إلى "الشيخ" بنو الإصبغ (وهم فرع آخر من كلب)، وأيدوه تأييدًا قويا حتى لقد نعتوا أنفسهم "بالفاطميين" فلما فاجأوا جيش المعتضد الذى كان يطاردهم ودبروا قتل قائده "سبوك الديلمى" ونجحا فيما دبروه ثم انطلقوا
يخربون جميع القرى التى مروا بها كذلك هاجم ابن زكرويه وأتباعه طغج ابن جف والى دمشق وحاصروه هو ومدينته وظل القرامطة سادرين فى طغيانهم حتى بعثت مصر جيشًا بقيادة بدر الكبير وكان مولى لابن طولون فأنزل القرامطة الهزيمة بهذا الجيش وبشيخهم ابن زكرويه الذى مات قتيلًا على أيدى المصريين.
ومن المهم أن نشير إلى أن هناك رأيا يرجع ما لاقاه ابن زكرويه من مصير إلى سياسة المساواة التى تبناها نحو أنصاره الموالى.
أدى موت يحيى إلى قيام بنى العليس وبنى الاصبغ للسير فى ركاب أخيه الحسين بن زكرويه الذى تمكن من هزيمة المصريين وعسكر حمص وغيرها من عسكر الشام الذين وقفوا ضده، كذلك فإنه تمكن من فرض سيطرته حتى لقد خطب باسمه يوم الجمعة على المنابر مع تلقيبه بأمير المؤمنين فى جميع مساجد الشام وذلك سنة 289 هـ (901 م) وعلى الرغم من ذلك إلا أن الخليفة المكتفى تمكن من القبض عليه واعدامه سنة 291 هـ (903 م).
ولما مات الحسين بن زكرويه قام بنو العلبس وبنو الأصبغ وبنو زياد (وكلهم كلبيون) وانضموا إلى داعية قرمطى آخر يسمى بأبى غانم نصر الذى هاجم بهم بصرى وأذرعات ودمشق وطيدية ولما صار فى طبرية انضمت إليه قوات من دمشق اشتركت معه فى قتال إبراهيم بن "بوغامردى" نائب والى الأردن وهزموه وقتلوه مما اضطر معه الخليفة المكتفى لارسال جيش ضدهم بقيادة الحسين بن حمدان، ثم زحفوا بعد ذلك إلى السماوة وهِيت التى عاثوا فيها فسادًا وتدميرًا.
وقدم جيش آخر بقيادة محمد بن اسحق بن "كندا جيك" لقتالهم، فلما رأى الكلبيون أنهم غير قادرين على مواجهة هذا الجيش المشترك غدروا بصاحبهم القائد نصر القرمطى ووثبوا عليه فقتلوه وحملوا رأسه إلى الخليفة دليلا على طاعتهم له، وبذلك تجنبوا كل