الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قونية
تعرف فى التاريخ القديم باسم أيكونيم Iconium، مدينة مهمة تقع على حافة هضبة الأناضول، على خط قطرى يصل بين الدردنيل وممرات طوروس المؤدية إلى سوريا.
1 -
التاريخ:
كانت المدينة قاعدة بيزنطية أثناء قرون التوسع الإسلامى، ولعل تجنب مهاجمتها هو ما جعلها لا تحتل قدرا كبيرا من التاريخ العسكرى. وقد تكون قونية قد تعرضت كغيرها من المدن لغزو فارسى فى فترة سابقة، ومن الصعب فى غيبة أبحاث أثرية وصف تاريخها بدقة، ولكن إعادة استخدام مخلفات من العصر السلجوقى يبين أن أغلب بنايات المدينة قد تهدمت وأنه قد أعيد بناؤها جزئيا. ولكنها تظهر مرة أخرى فى فترة التوسع التركى فى القرن الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى وعبور القوات الصليبية خلالها عام 1097 م. ويبدو أنهم لم يجدوا فيها تحصينات تفيدهم، فاكتفوا بالاستفادة بما حولها من حدائق.
ويمثل عصر سلاجقة الروم أقصى ازدهار للمدينة. فموقعها الغزير المياه بالنسبة للصحراء المجاورة كان يتحكم فى الطريق الجنوبى فى الوقت الذى حرمهم السلاجقة الدانيشمانديين Danishmendids من الطريق الشمالى المؤدى للدردنيل، وبالتأكيد وجدت المدينة قبولا عند السادة الجدد كقاعدة سياسية وعسكرية وكمكان تمركز لشعبهم الذى كانت تغلب عليه البداوة. وقد اتخذت عاصمة فى عهد مسعود (512 - 550 هـ/ 1118 - 1155 م)، كما كانت لا تزال مدينة ذات شأن حين عبرها فردريك برباروسا عام 1190 م على رأس جيش من الجنود الألمان. وقد كانت المدينة تزداد رفاهية مع خطوات توحيد آسيا الصغرى على يد سلاجقة الروم فانتشرت بها المدارس والمساجد والخانقاوات، كما انتعشت الأسواق وأعيد بناء الأسوار. وانعكس تزايت قوة السلاطين فى القرن السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى على المدينة. ويبدو أن التمايز الاجتماعى تمثل فى أهمية وارتفاع الدور وليس فى أحياء متميزة للطوائف المختلفة، ووجد فى قونية
اليونانيون والأرمن وبعض اليهود، ولا توجد إلا إشارات قليلة فى الوثائق للترك وهو مصطلح اقتصر استخدامه فى ذلك الوقت للدلالة على تركمان السهول وإلا فإن السلاجقة أنفسهم أتراك بالمعنى الشامل للكلمة. ولكن الوثائق تشير إلى المسلمين وهو ما يضم الترك.
وتجدر الإشارة بالذات لثلاث طوائف اجتماعية: الإدجش والأخيس والصوفيين أو الدراويش. أما الطائفة الأولى فهى من المخلطين من أمهات تركيات وآباء من أهل البلاد الأصليين (البيزنطيين) تحولوا للإسلام وكانوا ينخرطون فى الجندية. أما الطائفة الثانية فهم يمثلون الفتوة التركية، وسيلعبون دورا مهما فى فترة المغول ومن جاء بعدهم. أما الصوفية أو الدراويش فكانوا ينتمون إلى عدة طوائف، ولكن الطريقة المولوية المنسوبة لجلال الدين الرومى أخذت فى الانتشار فى منتصف القرن السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى، وإن كانت لم تصبح طريقة منظمة إلا فى القرن الثامن الهجرى.
وقد حوت قونية بالطبع حامية عسكرية، كانت تضم أسارى من البيزنطيين. وكان السلاطين يقطنون قصورا فى المدينة وما حولها، كما قويت الأسوار فى زمن علاء الدين كيقباد. وتحكى المصادر عن وفرة المدارس والمستشفيات والخانقاوات والخانات وما وصلت إليه المدينة من تطور فى عهد السلاجقة.
وكان لوضع الحماية المغولية على الأناضول السلجوقى فى منتصف القرن السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى أثر سلبى على وضع المدينة، ولكن بصورة بطيئة وجزئية. وتمثل النزاع بين الأخوين عز الدين كيقاءوس وركن الدين قلج أرسلان فى صراع بين المناصرين للمغول ومقرهم شرق آسيا الصغرى وراء كيسرى وبين المقاومين لهم والذين اتخذوا من قونية مقرا لهم واعتمدوا أساسا على التركمان من المناطق الجنوبية والغربية. وكان لانهيار السلطة المركزية أثر فى انتقال الأهمية لإمارات التركمان الحدودية على حساب قونية على وجه الخصوص. وأول إرهاصة لهذا الاتجاه