الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد صمم بيبرس على إقامة خط دفاع جديد على امتداد سفوح الجبال فى الإقليم ذاته تقوم بالدفاع فيه قوات إسلامية وذلك من سلسلة التحصينات الساحلية التى تم تدميرها عن آخرها، ومن ثم أعيد بناء قلعة "قاقون" لتحل محل قيصرية وأرسوف (انظر السلوك جـ 1 ص 557).
ولقد ظل موقع قيصرية مهجورا فترة من الزمن قاربت أربعة قرون (صبح الأعشى جـ 3 ص 237) حتى إذا كان القرن الحادى عشر الهجرى (السابع عشر الميلادى) حاول جماعة من صيادى الأسماك الاستقرار هناك واستعملوا أنقاض البلد فى البناء لاسيما حين شيد الجزار باشا مسجده فى عكا فى نهاية القرن الثانى عشر الهجرى (الثامن عشر الميلادى) وفى سنة 1884 م استقدمت الحكومة التركية من هناك الفارين وأسكنتهم قيصرية ولكن تفشى وباء الملاريا فيهم جعلهم فى أشد حالات البؤس.
ولقد كان أول مسح آثارى للموضع فى سنة 1873 م وقد تم على يد Palestine expination Fund ولكن الحفريات المنتظمة كانت خلال الخمسينيات والستينيات بواسطة علماء الآثار الإسرائيليين والايطاليين، وأعيد بناء أجزاء من البلدة وتم ترميم جزء من السور الذى كان الصليبيون قد شيدوه، كما رمموا المسرح الرومانى الذى كان يستعمل للعروض الموسيقية.
د. حسن حبشى [م. شارون M. Sharon]
القين
القين مشتقة من "ق. ى. ن" التى تعنى فى الأصل الحداد، ثم اتسع معناها فأصبح يشمل "الصانع" هذا على الرغم من أن العادة قد جرت على أن يقصد به "الحداد"، انظر فى ذلك لسان العرب مادة "قين"، ولم ترد هذه الكلمة فى القرآن الكريم، ولكنها وردت -من ناحية أخرى- فى كثير من الأحاديث النبوية، ومؤنث "قين":"قينة" ويقصد بها "المغنية"، ولما كان العاملون فى مهنة الحدادة من أدنى طبقات
المجتمع فقد أصبح لفظ "قين" تعبيرًا مستهجنا يطلق على "العبيد"، ونرى جريرا الشاعر فى قصائده التى يهجو فيها خصمه الفرزدق ينعته بعض الأحيان بابن القين، وكان هذا اللفظ ينظر إليه فى المجتمع الصحراوى كسبة بالغة حتى أن الأخطل -وقد أراد أن يرثى سماكا الأسدى- هجاه عن غير قصد -إذ أشار إلى أن واحدا من أسلافه كان حدادا.
ولقد استمرت هذه النظرة المستهجنة للصانع سارية بين البدو ونعرف ذلك مما ورد فى كتاب جزيرة العرب فى القرن العشرين لحافظ وهبة وفى قاموس العادات الأردنية للعزيزى، ذلك أنهم يعتبرون الصانع دخيلًا حتى ولو كان هو وأسرته قد عاشوا بينهم من أعقاب موغلة فى القدم، فالصانع لا يمكن قط أن يندمج فى القبيلة، ومحال لأى بدوى عربى -مهما كانت ضعة أصله ومولده- أن يرتبط بالصانع بروابط زواج، وقد أوضحت هذه الظاهرة الدراسة التى قام بها مونتان فى Vie Sacilre et Pabitique de l، Qralre du Nord (1932)، p 74
أما الحدادون (جمع حداد)، فكانوا فى الأصل سكان الواحات وهذا ما يقرره مونتان مرة أخرى فى دراسته السابقة، وكان الحدادون ينتمون فى بعض الأحيان إلى تلك القبائل المنبوذة المشردة مثل جماعات النور أو الصلبة، والذين كانوا يؤلفون فيما بينهم طبقة منفصلة قائمة بذاتها ويعتبرون أنفسهم "بنى عم" (راجع فى ذلك Joussen latumes des Or abes au Pays du moab; Qaugbty: aralra Qeserta; musil mamers lgust ams of Rwala Bedouis وكان وصفهم الوضيع حاميا لهم من عواقب الغارات، ومن ثم فإنهم كانوا يتمتعون بحصانة تامة حيث يوجدون، فكانوا إذا أغارت قبيلة على القبيلة التى آثروا القين فى ظلها ووقفوا بمعزل عن القتال، لا يفعلون شيئا للدفاع عن أنفسهم أو عما يملكون اعتمادا على ما لهم من حق الحماية التى يتمتعون بها، فإن أخذت بضاعتهم وما يملكون
بطريق الخطأ كانوا على تمام الثقة من استردادهم إياها سريعا. فكان لكل حداد فى قبيلة "أخ" فى القبيلة الأخرى يكون لزاما عليه أن يرد كل ما نهب خطأ.
ومن الأمور الجديرة بالملاحظة هو أن "القين" فى المجتمع السبئى حدَّ من أى انتقاص من قدره كما هو الحال فى شمال شبه الجزيرة العربية، ويظهر أنه كان من المتفق عليه أن معناه هنا هو "الشخص الذى يرتب شيئا" مما يتفق ومعناه الأصلى فى اللغة العربية، ومن هذا يظهر أن اللفظ كان يطلق على موظف كبير أو مشرف رفيع القدر أو مسئول تتعلق واجباته بالدين وكل ما هو مقدس، ويوجد ما يشير إلى هذا الإحساس بالعظمة فى آية من القرآن الكريم.
كما ينسب القرآن الكريم اختراع الزرد من الحديد وصناعتها إلى داود عليه السلام، ويُذكر الحديد فى كثير من الأحاديث النبوية، فقد ذكر ابن عمر أنه قال "إن اللَّه نزل للناس أربعة عناصر هى الحديد والنار والماء والملح"، (انظر فى ذلك الطبرى: مجمع البيان فى تفسير القرآن) ويزيد ابن عباس فى الشرح فيما يورده إذ يقول "إنه جاء مع آدم المطرقة والسندان والكير"، وأخيرا ففى الحديث الشريف الذى ينهى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام عن قطع الزرع الموجود فى حرم مكة يستثنى من ذلك "الاذخر" وهو نبات ذو رائحة عطرة يزينون به الدور والقبور ولكن يستعمله أيضا الحدادون، وقد ورد ذلك فى صحيح البخارى كتاب الجنائز، (وانظر لسان العرب مادة: قين) gaudefeay gem amlynes. le helerinage a la merre وهكذا يبدو وضع "القين" متضاربا، فبينما هو موضع الازدراء والاحتقار إذا بنا نراه فى الوقت ذاته يتمتع بميزات هامة حيث يرتبط بالشخصيات ذات السمو الدينى، وتذهب معتقدات قبيلة "رَوَله" إلى القول بأن اللَّه خلق أول حداد فى الوقت الذى خلق فيه أول بدوى، وأن الأمور التى تبعد الناس عنه والتى تحوطه لا