الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القبائل إليهم فى الجوار قبائل كلب وبَلى وعذرة، وقد كان فريق من بنى القين حلفاء للنبى عليه الصلاة والسلام حيث التمس المسلمون منهم العون فى غزوة ذات السلاسل التى كانت فى السنة الثامنة للهجرة، ويقرر هذه الحقيقة الواقدى. على أن هناك رهطا من بنى بلقين قاتلوا المسلمين فى "مُؤتة" حوالى هذا الوقت، كما قاتلوهم فى اليرموك وربما فى "فحْل" أيضًا، وليس هناك بين الأخبار الإسلامية ما يشير إلى أنهم أرسلوا وفادة لمحالفة الرسول عليه الصلاة والسلام.
ولما كانت حرب ابن الزبير وقفوا إلى جانب مروان، وهذا ما نستفيده مما هو وارد فى كتاب التنبيه والإشراف للمسعودى، غير أنه لم يمض وقت طويل حتى وقف منهم عبد الملك بن مروان موقف العداء فى أثناء نزاع كان بينهم وبين الكلبيين حول مكان يسمى "بقراقر". ولما بعث الأمويون فى سنة 119 هـ (= 737 م) جيشا لمحاربة الخارجى بهلول انخرط من بنى القين فى هذا الجيش ستمائة رجل، وهذا ما يُجْمع عليه ويؤكده كل من الطبرى وابن الأثير، على أن آخر ما نسمعه عنهم هو مساهمتهم فى القتال القبائلى بدمشق سنة 176 هـ (= 792 م)
ويقال إن أخوين من بنى القين هما مالك وعقيل كانا يعرفان بندمانى جذيمة بن الأبرش ملك الحيرة ولم يكونا يفارقانه أبدًا، يؤكد ذلك ما ورد فى المفضليات لابن الضبى، غير أن أشهر رجل من هذه القبيلة كان هو الشاعر "أبو الطمحان" الذى كان فى الجاهلية صديقا للزبير بن عبد المطلب ولعبد اللَّه بن جُدْعان.
مها سيد معبد [و. مونتجمرى وات W. M. Watt]
قينقاع، بنو
إحدى قبائل اليهود الثلاثة الكبيرة فى يثرب، وليس فى الاسم صلة ما بالعبرية، وليس ثم شئ مؤكد حول هجرتهم إلى يثرب، ولم يكن لهم أرض يملكونها ولكنهم كانوا يعيشون على التجارة والمتاجرة، وليس هناك من
أسباب قوية للشك فى ما قد يكون لهم من أصل يهودى.
وكانوا يعيشون فى الجزء الجنوبى الغربى من يثرب، قرب "المصلى" وملاصقين فى مساكنهم للجسر الذى على وادى بطحان، حيث كان فى أيديهم اثنان من الأطم التى تختص بها هذه البلدة، وكان من بين الأعمال التى يشتغلون بها الصاغة فكانوا صاغة ذهب، وقد أشار إليهم البخارى مرتين فى موضعين من كتابه أحدهما فى باب الخمس والآخر فى المغازى، فنعتهم بأنهم "صاغة قينقاع"، ولما أخرجوا من المدينة تركوا وراءهم السلاح وأدوات الزراعة فقسمها النبى [صلى الله عليه وسلم] بين المسلمين بعد أن استبقى الخمس، ويختلف الناس فى تقدير عدد محاربيهم فمنهم من يجعلونهم أربعمائة رجل ومنهم من يغالى فيقول بل كانوا سبعمائة وخمسين.
ولما انتقلت السلطة العليا فى مدينة يثرب القديمة من يد اليهود إلى بنى فَيلة تحالف بنو قينقاع مع الخزرج، ولما أعطى النبى محمد [صلى الله عليه وسلم] العهد فى صورة العلاقات التى تكون بين المؤمنين وبين غيرهم من الطوائف التى تعيش فى المدينة لا نجد ذكرا بعدئذ لبنى قينقاع أكثر مما ورد ذكره عن بنى النضير وقريظة، ومن هنا جاز لنا أن نرجح -كما رجح وات فى كتابه: محمد فى المدينة -أن هذا العهد- فى صورته الحالية إنما كتب فى الفترة التى أعقبت التخلص من بنى قريظة وذلك فى نهاية السنة الخامسة للهجرة (= أبريل 627 م).
ولقد اضطربت العلاقات بين النبى [صلى الله عليه وسلم] واليهود بعد وقعة بدر التى جرت فى رمضان من السنة الثانية للهجرة (مارس 624 م)، إذ اتخذ اليهود كجماعة اتجاها لا ينطوى على الود نحو الرسول [صلى الله عليه وسلم] ذلك أنهم أصبحوا من وجهة النظر الدينية مصدر إزعاج للمسلمين، كما أنهم من الناحية السياسية صاروا خطرا شديدا باعتبارهم حينذاك طائفة أجنبية قوية داخل المدينة التى اهتدت منذ قريب،
ولابد أن النبى محمد [صلى الله عليه وسلم] قد أجمع العزم على إخراج أعدائه بعد أن أدرك ما بلغه موقفه من القوة والثبات بعد وقعة بدر، وإذ كان بنو قينقاع يعيشون فى المدينة ذاتها فقد كانوا أول طائفة تتطلع للتخلص منها، وعلى ضوء هذا الرأى يمكن تفسير هجومه [صلى الله عليه وسلم] على بنى قينقاع ذلك الهجوم الذى وقع على الأرجح فى مستهل شوال من السنة الثانية للهجرة (= أبريل 624 م)، وإن ما يسوقه الكتاب المسلمون من أسباب معينة للهجوم إنما هى أدخل فى باب الأخبار، وضمن ما قيل إن بنى قينقاع سلكوا سلوكا مستهجنا، كما يقال إن ما ورد فى سورة آل عمران الآية 12 فى قوله تعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} إنما فيه إشارة إلى هذه الأحداث. ونستفيد من الواقدى وابن سعد أن الآية 58، 59 من سورة الأنفال تشير إلى هذا الموضوع فى قوله تعالى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ} كما أن الآية الثالثة عشرة من آل عمران {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} إنما تشير إلى نصر المسلمين ببدر لتكون لهم عبرة وتحذيرا، كما أن الآية الثامنة والخمسين من الأنفال (الواردة أعلاه) تتكلم عن الثأر من قوم يخشى غدرهم وخيانتهم.
أقام المسلمون على حصار بنى قينقاع أربعة عشر يوما استسلم بعدها بنو قينقاع دون أن يضربوا ضربة واحدة، وقيد الرجال إذ خافوا أن يقع بهم ما أشد وأنكى من ذلك، ولقد كان للتدخل الكبير من جانب عبد اللَّه بن أبىّ (كبير الخزرج وقائد المنافقين) من أجل بنى قينقاع أثر فى تحسين مصيرهم، واكتفى فى هذا الموقف