الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإدراك فى دراية الأفلاك "والتحفة الشاهية فى الهيئة" وكلاهما يشبه الآخر إلى حد بعيد -ما يعد أفضل وصف عربى لعلم الفلك مع استخدام الصيغ الرياضية. وينهج هذا الوصف نهج رسالة "تَذْكرة النصيرية" التى ألفها استاذه نصير الدين الطوسى ولكن رسالة قطب الدين أكثر تفصيلا وتعالج مسائل لم يتطرق لها نصير الدين. ومن هنا يعد الكتابان السالفان أكثر من مجرد تعليق أو شرح فى علم الفلك. فعلى سبيل المثال نجد أن كتاب "النهاية" يناقش تفاصيل فلكية وردت عند الخِرَكى أو ابن الهيثم وهى تفاصيل سوف نعثر عليها مرة أخرى عند روجر بيكون. وألف قطب الدين كتابا بعنوان "شرح التذكرة النصيرية" وملحقا لكتاب "النهاية" بعنوان فى حركات الدحرجة والنسبة بين المستوى والمنحنى. كما ألف كتبا أخرى مثل "التبصرة فى الهيئة" وكتابا بعنوان غريب هو "كتاب فعلت فلا تَلُمْ فى الهيئة" وإلى جانب هذه الكتب ثمة مقالة عن أمراض العين وحاشية على "أرجوزة" ابن سينا. وكتاب فى آداب مهنة الطب سماه "كتاب بيان الحاجة إلى الطب وآداب الأطباء ووصاياهم". وكتاب فى النحو كان تعليقا على السكاكى وابن الحاجب، ودائرة معارف للفلسفة "درة التاج" وهى تتضمن فصلا هاما عن الموسيقى. وبعد وفاته كتب زين الدين بن الوردى شعرا عن قطب الدين يعبر فيه عن دهشته من أن رَحَى المعرفة لازالت تدور بعد أن فقدت قُطْبها.
المصادر:
(1)
تقى الدين بن شُهْبة: طبقات الشافعية، جوتا 1763.
(2)
السبكى: الطبقات، جزء 6 - 248.
(3)
خواند مير: حبيب الشّيعَة، بومباى 1837 جزء 3 - 1، 67 - 112.
(4)
السيوطى: بغية الوعاة، 389.
سعيد عبد المحسن [أ. فيدمان E. Wiedemann]
قطرى بن الفجاءة
من زعماء الخوارج الأزارقة، وقد اشتهر كشاعر وخطيب، ويرجع نسبه
إلى بطن من بطون تميم وهى القبيلة التى أنجبت واحدا من أبرز وأشهر الرجال الذين أمدوا هؤلاء الثوار.
وإذا كان أبوه هو ابن الفجاءة فإنه يقال إن هذا الاسم ليس سوى نعت ممانما اسمه الحقيقى هو "جَعْوانه"، وكان لقطرى بن الفجاءة كنيتان شأنه فى ذلك شأن الكثيرين من زعماء العرب: فكان يكنى فى أيام السلم بأبى محمد، وإن كان الوقت وقت حرب سموه بأبى مَعامه (انظر فى ذلك البيان والتبيين للجاحظ تحقيق هارون)، وإن كل ما نعرفه عنه أيام شبابه لا يزيد عن أنه حارب تحت قيادة عبد الرحمن بن سَمُره مع كثير من غيره من الزعماء كان من بينهم المهلب بن أبى صفرة الأزدى الذى شاء القدر أن يصبح بعد ذلك خصمه اللدود، وكانت محاربته تحت قيادة سمرة فى سبيل إخضاع سجستان 42 هـ (= 662 م) وذلك ما يقرره كل من البلاذرى فى فتوحه وابن عبد البر فى الاستيعاب وابن حجر فى الإصابة ولابد أنه كان قد بلغ من النضج والبلوغ إذ ناداه أصحابه فى سنة 69 هـ (= 689 م)"بخليفة" الأزارقة حين كانوا يمرون بأزمة شديدة الصعوبة لما نالهم على يد المهلب ورجاله من هزيمة نكراء، ونظرا لما كان قطرى مطبوعا عليه من النشاط الجم وعدم الاكتراث بالأخطار فقد استطاع أن يثير نخوة رجاله كما استطاع أن يرد بقايا جيشه ويسير بهم إلى جبال كرمان وأخد فى ترتيب صفوفهم للقتال، فلما فرغ مما فى يده من هذه الأمور ذهب ثانية إلى العراق واحتل الأهواز وهدد البصرة، ومع أن المهلب استطاع أن يقيد من حركاته إلا أنه نجح فى تدعيم موقفه على الشاطئ الدجيل الأسير حتى بعد أن سقط العراق فى يد عبد الملك وذلك نتيجة هزيمة مصعب ابن الزبير عند مَسْكن (72 هـ = 691 م) فلما ولى الحجاج بن يوسف الثقفى العراق عزم على إعادة تعيين المهلب ليقود الجيوش ضد الأزارقة، وما كاد المهلب يتولى القيادة حتى زحف ضد المتمردين وطاردهم حتى كرمان التى كانت مركز قوتهم، ومع ذلك فقد استطاع قطبرى أن يصمد طويلا فى مواضعه، ولدينا عملة فضية ترجع إلى
هذا الوقت مسكوكة عام 75 هـ (= 694 م) تحمل اسم قطرى وعليها نعته بأمير المؤمنين (راجع فى ذلك مجلة Zdmg 12/ 2 هـ لسنة 1858 م) ولقد أدى الشقاق الذى دب فى صفوف عسكر الأزارقة بين العرب والموالى إلى تمزق وحدة الصف وكان مظهر ذلك مغادرة قطرى بن الفجاءة مدينة "جيرفت" التى كانت مركز عمليات الأزارقة الحربية، والتجاؤه مع من معه من العرب إلى طبرستان، أما الموالى فقد استمروا فى أخذهم جيرفت فى أيديهم بقيادة كبيرهم "عبد رب" أو "عبد ربه"(وهناك شخصان يسمى كل منهما هذا بعبد ربه، أما أحدهما فينعت بالكبير وأما الآخر فبالصغير، ويرد ذكر هذا تارة وذاك تارة أخرى منعوتا بالقائد فى المصادر التى بين أيدينا، وأحيانا نجد تفرقة بين طائفتين من الموالى انفصلتا عن قطرى ونعت أمير أحدهما بعبد ربه الكبير وأمير الأخرى بعبد ربه الصغير)، ولقد كان هذا الحدث من الشقاق وخيم العاقبة لما أدى إليه من أن المهلب بن أبى صفرة لم يجد أدنى مشقة فى استئصال الموالى وقتل شيخهم، أما الحجاج فقد قام حينذاك بإرسال المحارب الكلبى سفيان بن الأبرد لقتال قطرى، وتمكنت جيوش سفيان أن تفاجئ الأزارقة وتحصرهم فى أحد الممرات الجبلية وأنزلت بالأزارقة هزيمة نكراء حاسمة فقد سقط قطرى من فوق صهوة جواده، وفرّ عنه أتباعه فلما اكتشف الأهالى أمره وعرفوه وثبوا عليه وفتكوا به، وقطعوا رأسه وأخذت رمزا للانتصار على الأزارقة وحملوها إلى الكوفة ثم إلى دمشق ليراها الخليفة.
أما بقية الأزارقة الذين كانوا بقيادة "عبيد بن هلال اليشكرى" فقد فروا على وجوههم ولجأوا إلى "سذوار" وهى موقع حصين قرب "كوميس"، وضموا صفوفهم المبعثرة فحاصرهم سفيان حصارا طويلا لكنهم احتملوه بصبر، حتى إذا نضبت مؤنهم لجأوا إلى القتل وقد استبد بهم اليأس ولكنهم غلبوا على أمرهم.
إن أخبار هذه الأحداث بعيدة عن اليقين، إذ لا يمكن الركون إلى المصادر التى تقول إن ابن الفجاءة تولى القيادة