الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأكراد تحت حكم الخلفاء والبويهيين:
لقد جاء اتصال العرب المسلمين بالأكراد بعد فتح العرب تكريت وحلوان سنة 16 هـ/ 637 م. ولقد سار سعد ابن أبى وقاص إلى الموصل، وفتح المناطق الكردية فى هذه الأنحاء. ثم أتم عياض بن غَنم وعتبة فتح الإقليم، وتم إقرار بطريق الزوزان سنة 19 هـ/ 640 م فى منصبه على أن يدفع الخراج. وفى سُسيانا حارب العرب الأكراد الذين غضبوا لمقتل الهرمزان، حاكم الأهواز الفارسى. ولقد أرسل الخليفة عمر عدة حملات إلى أكراد الأهواز. ونجح العرب الفاتحون سنة 22 هـ/ 643 م، بعد قتال عنيف -فى الاستيلاء على شهر زور، ودربانج والصمغان، وفى الجنوب كان على والى البصرة "أبو موسى الأشعرى" أن يقضى على ثورات الأكراد فى بيروض وبلسجان سنة 25 هـ/ 645 م، لكن الأكراد تحولوا آنذاك إلى الإسلام. وفى خلافة على شارك الأكراد الفرس والمسيحيين فى الثورة التى نشبت فى الخريت al-khirrit بالقرب من الأهواز وفى فارس.
ولقد عُين المختار بن أبى عبيد (الثقفى)، الذى كان قد حاصر أرمينيا وآذربيجان فى عهد حكم الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان، حاكما على حلوان سنة 66 هـ/ 685 م، الذى كان عليه أن يحارب الأكراد، ولكن موته أى المختار حال دون تنفيذ ذلك. وتحالف الثائر عبد الرحمن بن الأشعث فى عهد هذا الخليفة الأموى سنة 83 هـ/ 702 م مع أكراد سابور فى فارس. وفى سنة 90 هـ/ 708 م قام الأكراد بنهب فارس وعاقبهم الحجاج (الثقفى) على ذلك. وفى سنة 129 هـ/ 746 م قاوم خوارج سابور تحالف سليمان الخارجى الذى ثار ضد الخليفة مروان الثانى وحاصر سابور. ولقد كان الخليفة مروان نفسه ابنا لجارية كردية ورث عنها العيون الزرقاء والمظهر العام الوسيم.
وفى عهد الخليفة العباسى "المنصور"، أسفر غزو الخزر لأرمينيا سنة 147 هـ/ 764 م عن العديد من
الثورات. وبعد سنوات قليلة ذكر انتشار الأكراد متصلًا بالثورة فى الموصل وبأصدائها فى همدان. ولقد كان جعفر بن المنصور، ابنا لجارية كردية (الطبرى).
وفى عهد المستعصم، تحدثت المصادر عن قيام ثورة كردية فى الموصل بقيادة جعفر بن فهارجيز وهو سليل عائلة كردية أصيلة. ولما هزم جعفر بن فهادجيز، لجأ إلى جبال دازين، وتحصن بها وتمكن من هزيمة قوات الخليفة. ولقد أرسل جيش آخر بقيادة القائد التركى "إيتاخ" نجح فى وضع حد لهذه الثورة والقضاء عليها. واندلعت ثورة كردية أخرى سنة 231 هـ/ 845 م فى أقاليم أصفهان، والجبل وفارس، ولكن سرعان ما قضى عليها القائد التركى "وصيف".
ولقد انضم أكراد الموصل للخارجى "مساور" الذى استولى على الموصل.
وفى سنة 262 هـ/ 875 م لشعب الأكراد دورًا مهما فى ثورة الزنج، التى قادها على بن محمد، الذى عرف بعلى الخبيث، وفى ثورة يعقوب الصَّفار مؤسس الدولة الصفارية. وفى الأهواز، اختار يعقوب بنفسه قائدًا كرديًا، هو محمد عبيد اللَّه بن هازارمارد، الذى أجرى سرًا اتصالات مع على الخبيث.
وبتعزيزات أرسلها له الخبيث، سار محمد إلى سوس، ولكنه هزم على يد أحمد بن الليثويا، وهو كردى أيضًا وقائدًا للحامية الكردية كان الخليفة قد أرسله للقضاء على ثورة يعقوب. ولقد أنهى موت يعقوب والخبيث هذه الأعمال.
وحوالى سنة 281 هـ/ 894 م كان الأكراد من بين الموالين لحمدان بن حمدون حين ثبت نفسه فى حكم الموصل. وقد قام الأكراد بثورة سنة 284 هـ/ 897 م بقيادة أبو ليلى لكن هذه الثورة لم تستمر طويلًا. وفى سنة 293 هـ/ 906 م قام أكراد هذبانى بثورة بقيادة رئيسهم محمد بن بلال فى نينوى. وقد تبعهم عبد اللَّه بن حمدان، حاكم الموصل الجديد، وبفضل الإمدادات التى أرسلها الخليفة له استعاد فى العام التالى ولاء خمسة
آلاف عائلة كردية هذبانية، واضطر أكراد هذبان للاستسلام. وفى عهد الخليفة المقتدر، قام الأكراد بنهب ضواحى الموصل لكن عبد اللَّه بن حمدان عاقبهم على ذلك. وفى سنة 337 هـ/ 948 م، حدثنا ابن مسكويه فى كتابه "تجارب الأمم" عن حملة حسين الحمدانى على آذربيجان.
وحوالى ذلك الوقت ظهر على مسرح الأحداث "ديْسم بن إبراهيم" ارتبطت حياته المتسمة بالمغامرة بالتاريخ الكردى.
وقد كان ابنًا لرجل عربى من جارية كردية. وكان أتباعه من الأكراد باستثناء قلة قليلة من الديلم. ولقد كان ديسم خارجيًا. استولى على آذربيجان بعد يوسف بن أبى الساج وفى سنة 327 هـ/ 938 م استخدم الأكراد التابعين له لإبعاد لشكارى بن مردى، وهو أحد قواد وشمكير. لكن المرزبان، وهو شيعى شهير، نجح فى الاستيلاء على آذربيجان من ديْسم الذى التجأ عند صديقه حاجك بن الديرانى. وفى سنة 337 هـ/ 948 - 949 م أسر ركن الدولة البويهى المرزبان. ولقد فكّر واهسودان، أخو المرزبان فى الاستعانة بديْسم الذى ظل رجاله الأكراد مخلصين له، وأرسله إلى نائب ركن الدولة. ولكن ديْسم هُزم، فالتجأ إلى أرمينيا ثم إلى بغداد، حيث عامله هنالك مُعز الدولة البويهى معاملة كريمة. ولمَّا ألح عليه أصدقاؤه فى العودة إلى آذربيجان، ذهب إلى الحمدانيين فى الموصل وسوريا لطلب المساعدة. وفى غياب المرزبان، عاد ديْسم إلى سالماس سنة 344 هـ/ 955 م، حيث قرأ الخطبة لسيف الدولة الحمدانى. وبعد أن طرد المرزبان للمرة الثانية فكر ديْسم فى اللجوء إلى أصدقائه الأرمن، لكن ابن الديرانى قام بتسليمه إلى المرزبان. ولقد أصيب ديْسم بالعمى ومات فى السجن سنة 345 هـ/ 956 - 957 م.
خلال أسر المرزبان، فى الرى، نصَّب بعض الحكام المستقلين أنفسهم حكاما فى شمال غرب فارس. وقد كان محمد شداد بن قرطو من قبيلة روادى أحد هؤلاء الحكام، وقبيلة روَّادى هى القبيلة التى انبثقت منها الأسرة الأيوبية.
وكانت الإقطاعات الرئيسية لبنى شدَّاد فى الديبل وجانجًا. وقد كان بنو شداد محالفين للبيزنطيين وللسلاجقة. وفى سنة 465 هـ/ 1072 م اشترى أبو سوار "آنى" لابنه الأصغر منُوس. ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا، انقسمت الأسرة إلى فرعين: فرع جانب وفرع آنى. وفى سنة 1124 م استولى الجورجان على آنى ولكن ما بين سنتى 520 هـ/ 1126 م و 557 هـ/ 1161 م وسنتى 1165 و 1174 م، احتفظ بنو شداد بآنى ولقد كان بنو شداد أمراء مستنيرين وخلَّفُوا وراءهم أبنية شهيرة.
وفى حوالى سنة 348/ 959 م، قام بيت كردى حاكم ثانٍ فى إقليم الجبال أسسه "حسنويه بن حسان"، شيخ قبيلة البارز كانى (البزانى)، الذى كان قد ساعد ركن الدولة البويهى فى حملته على خراسان. ولقد أبدى ركن الدولة تسامحًا كبيرًا مع الأكراد، فقد اعتاد الرد على كل من يشكو له من إفراط الكرد بالقول "حتى الأكراد لابد أن يعيشوا". ولقد امتدح ابن الأثير شخصية حسنويه الجليلة، ، وامتدح سياسته الحكيمة وأخلاقه الحميدة. وحين توفى حسنويه سنة 369 هـ/ 979 م، فى عاصمة سارماج استولى عضد الدولة على ممتلكاته (همدان، والدينور، ونهاوند) وأخضعها لسلطته، ولكن فى النهاية منح تقليدًا لبدر بن حسنويه (369 - 405 هـ/ 979 - 1014 م)، الذى ظل مخلصا لعضد الدولة وحارب ضد إخوته الذين أخذوا جانب ثورة فخر الدولة. ولقد منح الخليفة بدر، لقب ناصر الدين والدولة. وحكم زاهر (طاهر؟ ) خليفة بدر لمدة عام واحد وفى سنة 406 هـ/ 1015 م أطاح به شمس الدولة البويهى. ولقد تُوفى ونداد عم حسنويه سنة 349 هـ/ 960 م وتُوفى أخوه أبو الغنائم سنة 350 هـ/ 961 م، وبعد ذلك بقليل جُرد أبو سليم ديسام، آخر أفراد هذا الفرع من قلاعه (قسنان وغانم أباد، وغيرها).
ولقد تعامل عضد الدولة البويهى مع الأكراد فى مناسبات عديدة، ولكنه كان أشد قسوة معهم من أبيه ركن الدولة. وفى سنة 368 هـ/ 978 م أصبح ابن بادويا الكردى بمساعدة "أبو تغلب