الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيسارية
قيسارية وقد يقال لها أيضا "قيصارية"، وجمعها قياسر وهو لفظ يطلق على ضرب من المبانى العامة تكون على شكل أروقة حولها حوانيت ومصانع ومستودعات وكذلك حجرات معيشة، ويقرر دى ساسى فى كتابه Relations de l،Egypte pan Abde cillatif الذى نشر فى سنة 1810 م (ص 303 - 304) أن القيسارية كانت تختلف فى الأصل عن السوق باتساعها الشاسع وكثرة ما بها من الدهاليز المسقفة التى تؤدى إلى ساحة مكشوفة. أما فى وقتنا الحاضر فلفظ، "قيسارية" لا يطابق تمام المطابقة فى معناه ولا مبناه الكلمة الفارسية "كاروان سراى" التى استعملت لأول مرة فى غربى آسيا فى القرن السادس عشر الميلادى وتداولتها الألسن كما أنها لا تماثل الأسماء الحدبتة المشابهة لها فى المعنى كالخان والوكالة والفندق والبزستان.
وليس من شك فى أن أصل كلمة " القيسارية" إغريقى وهو مختصر للكلمة الدالة على السوق الإمبراطورى، ولقد أوضح "تيرش" أن الفناء المربع القديم الذى قد تحوطه -أو لا تحوطه- حجيرات هو الذى أدى إلى وجود القيسارية التى كانت تستعمل من ناحية لتخزين البضائع، ومن ناحية أخرى تكون غرفا للسكن، وأن التعبير اليونانى القديم يؤكد لنا الحقيقة القائلة إن أقدم هذه المبانى العامة كانت مبانى إمبراطورية والمقصود بذلك أنها كانت مؤسسات ملكا للدولة بينما كانت فى العصر الإسلامى من الممتلكات الخاصة أى كانت ملكا لتجار أثرياء أو أفراد من الأسر المالكة أو لكبار الموظفين، ويظن تيرش فى كتابه Pharon: Antike Islam und occident، (leipzig، 1909) p. 233 أن الاسكندرية كانت المكان الذى ظهرت فيه هذه المبانى أول ما ظهرت شأنها فى ذلك شأن غيرها من المؤسسات فى العصر الإسلامى الجديد فقد كانت الاسكندرية مشهورة بكثرة أماكنها وقاعاتها المسقوفة. على أنه ليس لنا أن
نأخذ بما ذهب إليه "فولرز" من أن الأصل لما يسمى بالقيسارية هو الكلمة اليونانية المعروفة بالـ Caesareurn أى هيكل قيصر بالإسكندرية الذى كان ملحقا به موضع للسوق والمخازن وإن كان دى ساسى يحاول أن يؤكد أن لفظ قيسارية مشتق من المدينة الفلسطينية "قيصارية" وهذا رأى لا يستطيع الصمود أمام الحجج الدامغة لنقضه، ذلك أن الكلمة على أية حال كانت مقصورة فى الاستعمال أصلا على البلاد التى كانت تحت حكم بيزنطة مثل بلاد الشام وفلسطين وبعض أجزاء من أفريقية ثم انتقلت الفكرة إلى أماكن أخرى لا سيما أسبانيا والشرق فنطالع فى الأسبانية كلمة "الكيسارية" Ceayceria، Caesceria وفى البرتغالية alcacarias ولكنها كلها كلمات دخيلة فى هاتين اللغتين، راجع Ilasscure de mots Dozy- Englanann et Portugais: espagnol derive de L، Arade، Leiden. 1869
أما فيما يتعلق باستعمال الكلمة فى العالم الإسلامى فيمكن الإشارة إلى أنه بين أيدينا دليلا ثابتا لا يرقى إليه الشك فى أن الكلمة استعملت كثيرا بمصر بدليل ما يورده "المقريزى" من وجود أعداد كثيرة من القيساريات بالقاهرة فى معرض وصفه لها (راجع الخطط للمقريزى، طبعة بولاق 1270) جـ 2 ص 91 - 99). ثم أخذت كلمة "وكالة" تحل بالتدريج محل كلمة "قيسارية" التى لم تعد أيام "نيبور" سنة 1761 م) تدل إلا على موضع واحد هو السوق القائم فى ناحية بولاق حيث كان يسمى بلفظ Kissarie. أما فى فاس فكان إذا قيل "قيسارية" انصرف ذهن سامعها إلى السوق المركزى الذى تباع فيه الأقمشة والسجاجيد والجواهر. . إلخ وتكون له بوابات إذا أغلقت قطعت كل ما بينه وبين جميع نواحى المدينة الأخرى، وإذا جن الليل لم يبق بها أحد سوى الحارس انظر: V Tourneau: op. cit. II. 432، R. Le Fes 374 - 5 وزيادة على ذلك فقد جرت العادة فى المغرب على أنه إذا قيلت كلمة "قيسارية" فقد
قصد قائلها بها الباحات (سواء كانت مسقوفة أم غير مسقوفة) التى تحيط بها الحوانيت التى تكون السلعة الرئيسية فيها هى الأقمشة. أما فى الأندلس فنجد الحال عندهم -كما هو بالمغرب- إذ يطلقون كلمة "قيسارية على المركز الذى يتاجر فى مواد الترف الغالية والأقمشة (انظر فهرست ليفى بروفنسال فى تاريخه عن أسبانيا الإسلامية).
أما فى سورية ولبنان فلدينا البينة على أنهم يطلقون كلمة "قيسارية" على حوانيت تجار الجملة كما هو الحال فى بيروت ودمشق (انظر رحلة ابن جبير، و Niebihr II، 469 وياقوت معجم البلدان، جـ 2، ص 307، وابن بطوطة الرحلة جـ 1، ص 151 و Sauvaget: alep. pp.79 - 80 أما فى إمارة الاحساء الواقعة فى القسم الشرقى من بلاد العرب فإنهم يطلقون كلمة "جيصارية" على حى البلد الموجود به الحوانيت (انظر Der Islam IIII، 32) أما فى العراق فنجد ميدانا يعرف بالقيسارية فى كل من الموصل (ابن جبير 235) والسليمانية التى على مقربة منها، (ياقوت معجم البلدان، جـ 3، ص 111) وأربيل (ياقوت جـ 1، ص 187) وبغداد كما يقول ماسنيون. غير أن موضع السوق المركزى قد انتقل إلى كربلاء كما يقول ماسينيون.
ونجد مثل ذلك فى أصفهان بفارس وتبريز وخوارزم (راجع ابن بطوطة الرحلة جـ 3، جـ 4). ونلاحظ زيادة عما سبق بناء على عبارة واردة فى "نيبور" أنه قامت فى منتصف القرن الثانى عشر الميلادى مبان عامة فى بلاد البربر يطلق عليها اسم "كاسيرى" ونسمع فى الجزائر كلمة "قيسارية" ولكن يقصد بها ثكنات الجيش (انظر دوزى، شرحه) ثم أصبح اللفظ بعد النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادى يقصد به ثكنات الإنكشارية، راجع Pere Dane. Hist. de Barbari et ses eorsairs
أما اليوم فإن الناس فى مدن حوران التى صارت أطلالا يطلقون