الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد اكتشف الكيمائيون أنواعا كثيرة منه واطلقوا عليها مسميات جمّة مثل العروس الصفراء، والسر الإلهى والزعفران والخناق وقيد العابق.
المصادر:
وردت بالمتن.
د. محمد أحمد سليمان [م. أولمن M. Ulmen]
كثير عزة
هو كثير بن عبد الرحمن الشهير بكثير عزة، وأحيانًا يدعى بإسم الملاحى نسبة إلى مليح من بطون خزاعة أو ابن جمعة على اسم جده لأمه. وهو شاعر ينتمى إلى مدرسة الشعر العذرى زمن الأمويين. وكسائر الشعراء العذريين، كانت حياة كثير مجالًا خصبا لخيال القصاصين. وفى مثل هذه الحالات، تلعب الأسطورة دورا فى تشويه التاريخ إلى الحد الذى يصبح فى الغالب من المستحيل للدراسات النقدية اللاحقة أن تفصل الأسطورة عن التاريخ الحقيقى وقد صيغت الأساطير للدلالة على القصائد المخالفة للتاريخ، وبعض الأشعار نظمت لتناسب طبيعة العاشق المثالى. وهناك عوامل أخرى سياسية ومذهبية يسرت للرواة أن يحجبوا شخصية كُثير بطبقات سميكة من الأساطير ولا يوجد تناقض بين الشعر وبين شخصية كاتب هذا الشعر كما هو الحال مع كثير.
ينتمى والدا كثير إلى خزاعة، وعاشا فى المدينة أو ربما فى التلال المجاورة من الشرق وإذا ما أخذنا بما قاله المرزبانى بأن الشاعر عاش ما يقرب من 81 أو 82 عامًا، ويرى البعض أنه ولد عام 23 أو 24 هـ/ 641 أو 643 م (وما لا يدعو مجالًا للشك أنه مات عام 105 هـ/ 723 م). ويبدو هذا التاريخ مبكر إذا ما أخذنا فى الاعتبار أنه لا يوجد أى رصد لنشاطه الشعرى قبل سنة 60 هـ/ 679 م). وهذه الحقيقة تجعلنا نجزم باستحالة مولده قبل عام 40 هـ/ 660 م ورغم موت والد كثير وهو لازال بحاجة إلى ولى أمر إلا أنه متهم بالعقوق (ويحتمل أن تكون
هذه التهمة انعكاسا للتحامل المذهبى على كثير). وعندما أصيب والد كثير فى إصبعه، رأى كثير ذلك عقابًا من اللَّه سبحانه وتعالى لوالده الذى اعتاد رفع نفس هذا الإِصبع عند الشهادة الزور. ويلاحظ هنا تجاهل التفسير الدينى ويتم التركيز على دلالة جحود الابن. وأصبح عم كثير وصيًا عليه وأرسله إلى أطراف المدينة ليرعى قطيعا من الإبل بهدف إبعاده عن آثام الحياة الحضرية. وفى هذه المرحلة كما تقول الأسطورة، ظهر لكثير شكل معدنى أمره بقرض الشعر. وبالتالى ظهر له شيطان الإلهام فى فترة مبكرة من حياته، ونحن نرى أنه ليس شيطان الإلهام ولكن مؤلف الأسطورة هو الذى حول الإبل إلى أغنام، أخذ كثير إلى "الجار" على البحر الأحمر ليقابل كوكبة من النساء ومن بينهن اقتربت فتاة صغيرة لتشترى شاة، أعطاها إياها، هذا الفتى الذى اشتهر فى فترة كهولته بعدم اكتراثه بالمال (الجاحظ، البخلاء، القاهرة، 1948 م، ص 165) ورفض أن يقبض الثمن. كانت هذه الفتاة هى عزة ابنة جميل من قبيلة ذمرة، وقد استحوذ جمالها على عقل كثير. وكانت عزة جميلة عذبة الحديث.
وفيما يبدو أن أسرتها زوجتها لأول رجل طلب يدها بعد أن أزعجتهم أشعار كثير فيها. وقد وصف كثير هذا الزوج فى شعره بأنه كهل وغيور وأنه استخدم سلطته كزوج لإجبار زوجته على توبيخ حبيبها وتجريحه ويحتمل أن هجرة عزة وزوجها لمصر لم تكن بسبب القحط الذى أصاب الحجاز فحسب ولكن لتجنب الحرج. إلا أن كثير لم يهتم كثيرًا بمشاعر غريمه، ووجد فى السفر إلى مصر فرصته ليرى عزة وصديقه عبد العزيز بن مروان، والى مصر الذى ساهم فى توطيد علاقة كثير بخلفاء وأمراء بنى أمية وهى العلاقة التى امتدت حتى وفاته.
وتردد أنه فى وقت سابق لهذه السفريات التقى كثير برجل أقنعه بمعتقدات الكيسانى وفى مراحلها المبكرة، كانت الكيسانية تدعو لحق محمد بن الحنفية ولد على بن أبى طالب فى الإمامة خلفًا لأخيه الحسين. وتعد علاقة الشاعر بابن الحنفية حقيقة
تاريخية تبرهن عليها أشعار كثير نفسه. وسجن ابن الحنفية على يد عبد اللَّه بن الزبير الذى ثار على الخلافة الأموية، وقد استنكر كثير سجن ابن الحنفية بشدة (ديوان، بيروت 1971 م، ص 224).
أما فيما يتعلق بمعتقدات الكيسانية الأخرى مثل احتجاب ابن الحنفية بجبل الرضوى بالقرب من المدينة ورجعته الأخيرة أو تناسخٍ الأرواح فلم يأت لها ذكر فى شعر كثير صراحة أو ضمنا.
إلا أنه فيما بعد تم الخلط بين شاعرنا وبين الشاعر الكيسانى المتطرف السيد الحميرى (ت: 179 هـ/ 789 م) حيث نسبت بعض قصائد الحميرى لكثير. وما روى عن معتقدات كثير الكيسانية بالكاد لا تتفق مع تعاليم الكيسانية المعروفة.
وقد يسرت بعض الصفات الشخصية لكثير أن تنسب إليه سلوكيات سخيفة كأن قامته قصيرة ومظهره قبيح ووجهه مشرئب بالحمرة، وكانت رقبته طويلة، ورأسه كبير، كما كان نحيفًا وذهب البعض إلى محاولة استنتاج ذلك من شعره ففى إحدى قصائده يتهكم كثير على تعليق عزة الساخر بأنه أصبح شاحبًا ونحيلا، ويتهمها بأنها تسخر منه فقط إرضاءًا لزوجها (ديوان، ص 379) ومع ذلك، فى نفس القصيدة يعترف صراحة بأنه أصبح ظل رجل مثل بقايا حبل. وقد وصف بالجنون، وهذا أمر لا يتفق مع الواقع، إذ إنه لا يمكن لشخص مجنون أن يحظى ولأمد طويل بالاحترام والتقدير من قبل خلفاء وأمراء بنى أمية أو يكتسب حب أهل المدينة.
واتهم كثّير بعدم الإخلاص فى حبه على اعتبار أنه عاشق عذرى عندما انجذب إلى امرأة أخرى تدعى ظلامة والقصص المنسوبة إليه التى تذكر عدم وفائه مجرد مبالغات لأنه يميل إلى الاتزان فى تعبيره عن الهجر. والحب عند كثير يرتبط بالصداقة ويختلف لديه عن سائر الشعراء العذريين أمثال مجنون ليلى أو حتى منافسه جميل فى أنه لم يحصر نفسه فى أشعار الحب والغزل ويتجلى ذلك فى مرثياته