الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الموضوعة في فضل بعض الخلفاء العباسيين كما في العلل المتناهية لابن الجوزي. وهناك فريق آخر نظر في دلائل النبوة فحمّلها ما لا تتحمل. وبين يدي الآن كتاب من كتب الضلال بعنوان 'مطابقة الاختراعات العصرية لما أخبر به سيد البرية' حرّف كثيرا من الأدلة وحمل أدلة أخرى ما لا تتحمل، وقد رد عليه الشيخ حمود التويجري بكتاب أسماه 'إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة'.
فمن أجل هؤلاء وأولئك استعنت بالله على جمع ما تيسر لي من صحيح دلائل النبوة وسميته 'الصحيح المسند من دلائل النبوة'. (1)
موقفه من الخوارج:
قال: من فضائح الإباضية: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فقد استمعت إلى شريطين من رجل إباضي، وهو الخليلي مفتي عمان. وهذان الشريطان فيهما مهاجمة السنة ومهاجمة أهل السنة، وأعتقد أنهما سيكونان شؤما على الفرقة الإباضية، لأنه قد استقر لدى أهل السنة: أن الإباضية هي أقرب طوائف الخوارج إلى أهل السنة، ولكن المفتي أبان لنا أن الإباضية تعادي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأعتقد بعد ما تأتيهم الردود من أهل السنة أنهم سيقولون: لا جزى الله هذا المفتي خيرا إذ فضحنا ونبش ما كان مدفونا، ويكون حالهم كحال بني نمير الذين كان أحدهم إذا قيل له:
(1) الصحيح المسند (ص.9 - 11).
من أين أنت؟ قال: أنا نميري بمد الياء فلما قال جرير لبعضهم:
فغض الطرف إنك من نمير
…
فلا كعبا بلغت ولا كلابا
أصبحوا يخجلون ويستحي أحدهم أن ينتسب إلى قبيلة نمير، وهكذا أيضا الفرقة الإباضية إذا جاءتهم ردود أهل السنة، وبيان ما هم عليه من البدعة، فإنهم سيقولون: لا جزى الله هذا المفتي الداعي إلى الفرقة والداعي إلى نبش ما كان مدفونا، لا جزاه الله خيرا. والإباضية هي طائفة من الخوارج، وبدعة الخوارج هي أول البدع حدثت في الإسلام، حدثت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. أصلها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم غنائم حنين فجاءه رجل فقال: اعدل يا محمد قال: «ويلك ومن يعدل؟ خبت وخسرت» وجاء أيضا: «خبت وخسرت إن لم أعدل» -جاء بفتح التاء وبضمها- فقال خالد بن الوليد: دعني يا رسول الله أضرب عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعله يصلي» ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه سيخرج من ضئضيء هذا -أي من صلبه- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم، مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» (1)، ووقع ما أخبربه النبي صلى الله عليه وسلم
…
(2)
- وقال في نصيحته لشباب الصحوة الإسلامية: عدم الخروج على ولاة الأمور إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان، كما في حديث
(1) أحمد (3/ 65) والبخاري (6/ 766/3610) ومسلم (2/ 744 - 745/ 1064 [148]) والنسائي في الكبرى (5/ 159/8560) وابن ماجه (1/ 60/169) مختصرا من حديث أبي سعيد الخدري.
(2)
واستفاض رحمه الله في الرد عليهم (انظر المصارعة ص.358 - 374).
عبادة المتفق عليه (1)، لما في الخروج عليهم من إثارة الفتن وقتل الأنفس البريئة والله سبحانه وتعالى يقول:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} (2). وفي الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» (3).اهـ (4)
- سئل رحمه الله تعالى: هل خروج الخوارج خروج منهجي أم عقدي؟ وعندما قاتلهم علي رضي الله عنه للاثنين أم لخروج العقيدة أم لخروجهم عليه باعتباره إمام المسلمين؟ وهل الخروج عن منهج السلف يؤدي إلى الخلل في العقيدة أم أن مخالفة المنهج في كيفية وفهم وتلقي العقيدة يؤدي إلى الخلل والمخالفة في المنهج في كيفية نشر الدعوة ولا يؤدي إلى الخلل في العقيدة؟
جواب: أما الخوارج فهم أخطئوا في فهم الأدلة: خطأ أوجب ضلالهم، فهم كفروا علي بن أبي طالب وكفروا أيضا معاوية، كما قال قائلهم:
أبرأ إلى الله من عمرو وشيعته ومن معاوية الطاغي وشيعته
…
ومن علي ومن أصحاب صفين
لا بارك الله في القوم الملاعين
فقد كفروا خيار الصحابة في عصرهم، فقد أجمع العلماء أن علي بن أبي
(1) البخاري (13/ 238/7200) ومسلم (3/ 1470/1709).
(2)
النساء الآية (93).
(3)
انظر تخريجه في مواقف ابن حجر سنة (852هـ).
(4)
المصارعة (ص.102).
طالب خير صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عصره -أي في وقت خلافته- وكان أحق بالخلافة، وفي قولهم:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (1)، ثم إن علي بن أبي طالب سئل: أكفار هم يا أمير المؤمنين؟ قال: من الكفر فروا، كما في 'تعظيم قدر الصلاة' لمحمد بن نصر المروزي (2).
فالخوارج خروجهم خروج عقدي، وهكذا منهجي خاطئ، وعلي بن أبي طالب لم يقاتلهم حتى قتلوا عبد الله بن خباب وقطعوا الطريق؛ فراسلهم وأرسل إليهم ابن عباس، فرجع منهم خلق كثير وبقي منهم من بقي، وعند أن وصل إليهم ابن عباس قالوا: إن هذا ممن قال الله فيهم: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)} (3) أي: من قريش فلا تجادلوه، ثم جاء أناس وجادلوه واقتنعوا ورجعوا عن العقيدة الخارجية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيهم:«إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» . ويقول: «إنهم كلاب أهل النار» .
فخروجهم خروج منهجي عقدي، وأما قتال علي بن أبي طالب لهم فلكونهم ابتدءوا ولكونه يتوقع منهم شرا، ويقول فيهم علي بن أبي طالب: لا يتبع مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا تسبى نساؤهم، ولا يؤخذ فيؤهم، فهذا دليل على أنهم مسلمون ضلوا عن سواء السبيل. (4)
(1) الأنعام الآية (57).
(2)
تعظيم قدر الصلاة (2/ 543 - 544/ 591 - 593) وابن عبد البر في التمهيد (فتح البر 1/ 469).
(3)
الزخرف الآية (58).
(4)
غارة الأشرطة (1/ 76 - 77).