الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقفه من المبتدعة:
له تقدمة على كتاب 'العواصم من القواصم' لابن العربي، قال فيها: وينبغي لنا، ويجمل بنا، أن نتوقف عند هذه النقطة من هذه المقدمة لنقول: إن ثراء الثقافة الإسلامية .. وإن باب الاجتهاد المفتوح على مصاريعه فيها .. وإن ترحيبها المستمر بكل الأمم والشعوب .. إن كل أولئك كان مدخلا تسللت منه رواسب ثقافات، وبقايا اعتقادات ومزيج من الخرافات التي لا تتفق مع الإسلام في الشكل أو في الموضوع. أرأيت إلى النهر العظيم، وهو يهدر في مجراه .. وينساب قويا عظيما ليروي الظماء من البشر والحيوان والطير والقفار .. أرأيت إلى هذا المنهل العذب وعطائه العظيم .. كذلك .. نهر الثقافة الإسلامية .. ثم .. أرأيت إلى ما يعلق بهذا النهر من غثاء .. ونباتات طفيلية .. وجنادل وصخور ناتئة من شطآنه .. أو ملقاة في سبيل مده الهادر. كذلك .. نهر الثقافة الإسلامية. وإذا كان كل نهر في حاجة إلى من يطهر مجراه .. ويعمقه .. ويزيل ما علق بمجراه، من كل ما يعوق تدفقه واندفاعه فكذلك الإسلام .. وهذا هو دور المجددين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها» (1) .. وكلمة (من) لا تعني مجددا واحدا .. بل تعني عشرات، ومئات، وألوف المجددين .. على طول الزمان .. وعرض المكان. والتجديد يكون لأمر الدين لا للدين
(1) أبو داود (4/ 480/4291) والحاكم (4/ 522) وقال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (559): "سكت عليه الحاكم والذهبي، وأما المناوي فنقل عنه أنه صححه، فلعله سقط ذلك من النسخة المطبوعة من المستدرك، والسند صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم".
نفسه. وأمر الدين كله يتسع ليشمل كل المعارف التي فجرها هذا الدين، سواء أكانت في أصول الدين، أم أصول الفقه، أم أصول الدنيا .. إن الأمم الكثيرة والأملاء التي لا تكاد تنتهي حصرا واستقصاء من الداخلين في هذا الدين ..
قد جروا معهم عن قصد أو عن غير قصد، بحسن نية أو بسوء نية .. مجموعة من الأفكار، والاتجاهات، والمأثورات الشعبية، والأساطير القومية والاتجاهات السياسية، والانتماءات الحزبية. وكل ذلك -وغيره كثير- شكل ركاما من الدخيل الذي ألصق بالثقافة الإسلامية إلصاقا .. ومثل من نسميه بالخرافات والبدع والأقاصيص. ولقد كان المجال التاريخي -ولا زال، وسيظل- معبرا للتصورات الباهتة، والروايات الموضوعة، التي تؤيد حزبا ضد حزب، وتعين فريقا على فريق، إن "الرواية التاريخية" أصبحت على لسان المحاربين كالسيف الذي في أيديهم يقتلون بها .. ويثيرون القلاقل في صفوف أعدائهم .. وإذا كانت "الحرب الباردة" تعتمد على "الإشاعة" و"الأكاذيب" .. فإن "الإشاعة" و"الأكاذيب" تحولت إلى روايات تاريخية .. بل إلى روايات حديثية .. يضعها الوضاعون، ثم يرفعونها بلا خوف ولا خجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يوقفونها بلا حياء ولا استخزاء عند صحابته رضوان الله عليهم .. وإن الله الذي تعهد بحفظ "ذكره" و"وحيه" قيض لهذه الثقافة من ينفي عنها الخبث والعبث والضلال والتضليل والزيف والدخيل. (1)
(1) العواصم من القواصم (8 - 9).