المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من الجهمية: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ١٠

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌‌‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌ موقفه من القدرية:

- ‌محمد الجزولي (1393 ه

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌صهيب بن محمد الزمزمي بن الصديق الغماري (بعد 1397 ه

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌محمد كنوني المذكوري (1398 ه

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌محمد أسلم الباكستاني (حوالي 1400 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌أحمد الخريصي (بعد 1403 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من بدعة قراءة القرآن على الأموات:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من أهل الكلام:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌محمد جميل غازي (1409 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌عبد الله كنون (1409 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌الخميني الرافضي الخبيث (1409 ه

- ‌2 - موقفه من السنة وكتبها ورواتها:

- ‌3 - موقفه من الصحب الأخيار:

- ‌موقفه من المبتدعة

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌محمد المكي الناصري (1414 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين

- ‌موقفه من الصوفية

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌محمود مهدي الإستانبولي (حوالي 1421 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌حمود بن عقلاء الشعيبي (1422 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌محمد صفوت نور الدين (1423 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌أحمد بن حجر آل بوطامي (1423 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌عبد القادر الأرناؤوط (1425 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

الفصل: ‌موقفه من الجهمية:

أهل الحديث هم الناجون وحدهم

أثارها فئة للدين ممتهنه

يا قبح شانئهم لو فيه من خفر

فهل سلا غضبة الجبار مبتدع

وسط الخضم وإن لاقوا به محنه

ومستحق لهذا من طغى وبغى

لكان منه لسان السوء قد دفنه

تراه عند لقاء الرعن مبتهجا

وَيْلُمِّهِ كم رسول الله قد لعنه

فلا تجالس عدوا للحديث فكم

إذ تلك مهنته بالسوء مرتهنه

أنقذ بذلك من أمسى ضحيتهم

وإن يلاقي مداري سنة طعنه

وإن أصابك من جراء ذا ضرر

بسمه محدث من صاحب حقنه

من كان متبعا نهج الرسول أخي هيء وليدك وازرع فيه سنته

وقل ليصرف عن أقوالهم أذنه

هذي الرعاية أعلى في جلالتها

فهب لغيرك نصحا وانتظر ثمنه

عود بنيك لزوم الاقتداء به

إلى النهاية سنيا ترى كفنه

يا ويحهم نحن حراس العقيدة كم

كذا بحب الصحاب امزج له لبنه

نحن الهداة علينا واجب ولذا

من أن تنمي أو ترعى له بدنه

يا عزنا عندما نلقى الإله غدا

حتى يكونوا رجالا بالعلى قمنه

فأين هم؟ يا لهم زادوا ببدعتهم

تخشى العيون لغدر الجهل وطء سنه

لاشك أنهم ليسوا بذا معنا

منا القلوب بهذا الأمر ممتحنه

إن قيل ما فعلوا؟ قلنا قد اتخذوا

وقد أباح لنا من فضله عدنه

على البناء الذي لم يفتقد لبنه

بل مع زبانية للنار هم خزنه

لهم مشائخ كالأحبار والكهنه

‌موقفه من الجهمية:

له كتاب: 'إثبات علو الله على خلقه والرد على المخالفين'. أو 'إثبات

ص: 147

علو الرحمن من قول فرعون لهامان' كما سماه في مقدمته، وهو مطبوع متداول في جزءين، طبع دار الهجرة.

قرر فيه صفة (العلو) لله عز وجل بالأدلة السمعية: القرآن والسنة والآثار وضمنها نقولا عن الأئمة في الأخذ بهذه الأدلة.

وناقش فيه المخالفين بالحجج العقلية، قال رحمه الله في مقدمة الكتاب: أبدأ بعون الله تعالى فأقول: إنه من المصائب الكبرى ما يردده أتباع الجهمية في عصرنا الحاضر، وهو إنكار علو الله تعالى على خلقه، وإنكار استوائه على عرشه، معتمدين بذلك على عقول بعض الجهال، الذين أخذوا دينهم عن المحاولات الفلسفية، والسفسطات الكلامية، وراحوا يردون دين الله بالشبهات، مما أدخل على فطر بعض الناس شوائب كثيرة، حتى اجترؤوا على كلام الله وكلام رسوله، وظنوا أن هذا تنزيها لله سبحانه وتعالى وما هو بتنزيه فقد ظنوا التعطيل تنزيها، فعبدوا العدم، وقالوا أقوالا، لا يجرؤ على ذكرها القلم.

لقد أعاد التاريخ نفسه، ولملم معه بعض شتات الانحراف، فرمى على درب الزمان، نسخة ممسوخة، لو قلبتها بين يديك، وأمعنت فيها النظر، لنظرت فيها نماذج، من بعض أنواع البشر.

إن كان قد عير التاريخ، بمثل جهم بن صفوان، وبشر المريسي، والجعد ابن درهم، وغيرهم من رموز الضلال.

فلايزال العار آخذا بصفحة عنقه، ودامغا على جبهته، ولكن بصور أخرى لتلك الرموز.

ص: 148

ها هم اليوم أفراخ الجهمية يتخذون لأنفسهم رؤوسا، ليسلكوا تلك الطريق، التي عجز عن سلوكها أربابهم، لعلهم ينجحون في المهمة المستحيلة، ويا ليتهم يعودون عن غيهم إلى الرشد، ويدركون تلك الحقيقة .. حقيقة الوعد.

نعم، حقيقة الوعد من الله بحفظ هذا الدين، فلينظروا كيف قيض الله عبر العصور، وعلى امتداد الزمان لهذا الدين، من ينافح عنه، ويذب كل دخيل، جاعلا من نفسه سياجا يقي صفاءه من الكدر، ويحمي سماحته من شياطين الجن والبشر، كيلا يحولوا بساطته إلى رمز خفي، تنقطع دون فهمه أعناق المطي.

لقد اتخذ بعضهم شيخا لهم الذي قال مدعيا كما قال غيره:

اثنان من يعذلني فيهما

فهو على التحقيق مني بري

حب أبي بكر إمام الهدى

ثم اعتقادي مذهب الأشعري

قلت: هذا زعم منك، وإني لأقول لك:

بل أنت لا تصدق يا عبدري

ها جئت بالمذموم والمنكر

إن كنت بالتعطيل له تابعا

قد عاد عن تعطيله الأشعري

أو كنت في شك وفي ريبة

فانظر لهذا "كذب المفتري"

قد صور التاريخ عارا، بدى

في صورة من صور الأعصر

مثل المريسي وجهم نرى

فيك وفي سيدك الكوثري

لقد غفل الإمبراطور وعصابته، عن أن صفات الله لا تقاس بصفات المخلوقين، ولم يدركوا ما لعلوه سبحانه فوق خلقه، من آيات العظمة التي لا

ص: 149

تحصى. فكيف يرد الدين لقول الجاحدين والجاهلين؟!! سبحانك ربي! هذا بهتان عظيم.

وقد فصل الله آياته وأحكمها، فهي هدى ونور للمتقين، الذين أرادوا الله، إذن كيف يدعونها لقواعد فلسفية بنيت على المقاييس!؟ ففي كتاب الله، فصل المقال، يهرع إليه عند النزاع.

فالله تعالى يقول: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)} (1) ويقول سبحانه: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} (2) فهو في كتابه المفصل والمحكم، وصف نفسه بالعلو، ثم جئتم أنتم تنكرون {آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)} (3){قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} (4).

إنكم تردون الحق بحجج متهافتة وواهية، كلها مبنية على المقاييس، وكل ذلك وحي من الشيطان، كما أوحى إلى مشركي مكة أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشاة، تصبح ميتة: من قتلها؟ فقال: «الله قتلها» (5) فأوحى إليهم أن يقولوا له: "ما ذبحتموه بأيديكم حلال، وما ذبحه الله بيده الكريمة حرام، فأنتم إذن

(1) هود الآية (1).

(2)

البقرة الآية (140).

(3)

يونس الآية (59).

(4)

الزمر الآية (14).

(5)

أخرجه: أبو داود (3/ 245/2818) والترمذي (5/ 246/3069) وحسنه والنسائي في الكبرى (6/ 342/11171) وابن ماجه (2/ 7059/3173).

ص: 150

أحسن من الله؟ " فأنزل الله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أوليائهم لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} (1).

فنحن لا نحب الجدال والمراء، لأن الله ما غضب على قوم إلا أورثهم الجدل، ويعلم الله أنني عندما أسير في الطريق، أتذكر قول الله تعالى:{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)} (2).

ولكن الحاجة في بعض الأحيان، تستدعي المجابهة والمواجهة، ولاسيما عندما يوجد معهم، بعض المساكين، الذين يلبسون عليهم الحقائق، ويزرعون في أذهانهم الشبهات.

وبفضل الله تعالى -وهو ينصر دينه- تسقط حججهم في كل جلسة مناظرة، الواحدة تلو الأخرى، والله يقول:{فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} (3).

وقد عرفت بحكم الاحتكاك المتواصل بهم، والممارسات المتلاحقة، أنهم لا يأخذون بظاهر النصوص، فهم يقرون بوجود الآيات والأحاديث، لكن يتأولون ذلك على غير حقيقته، الأمر الذي دفعني إلى أن أرد عليهم ردا

(1) الأنعام الآية (121).

(2)

المؤمنون الآيتان (97و98).

(3)

الأنفال الآية (38).

ص: 151

عقليا، يخصهم، لعلهم يرجعون عما هم فيه من التحريف، والله يعلم أنني لم أكن محبا لما خط قلمي، لميلي إلى أسلوب النصوص، ولكن الحاجة ماسة، وتستدعي مثل هذا النوع من الردود، وهو أمر بحسب الضرورة، لا سيما أن المسلم بحكم طبيعته، لا ينبغي -في حيز العلاقات- أن يخلو من رابطتين:

رابطة العبادة، وتكون بين العبد والمعبود.

ورابطة الدعوة إلى العبادة، وتكون بين العبد والعبد.

وليس في التوحيد أنانية، حتى يستأثر العبد به دون سواه، بل عليه أن يوحد الله، وأن يدعو غيره إلى توحيده.

هذا، ولما عرفت من أنهم لا ينكرون النصوص، بل يؤولونها، كان الأمر مستدعيا، أن يرد عليهم رد يلزمون به، وإن كان عقليا، والضرورة تعظم عندما يعلم المسلم أن رجوع أحدهم عن غيه، إنما هو رجوع لخلق معه، بل إحالة دون وقوع أناس في هذا الشرك، لأن أحدهم لابد من أن يدعو إلى ضلاله أناسا كثيرين.

وقام بتوجيه مثل هذه الردود، علماء عظماء، وعلى رأسهم إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل، ونرى ذلك في رده الذي أقام به الحجة على الجهمية والزنادقة، حيث قال رضي الله تعالى عنه: (إذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان، فقل: أليس الله كان ولا شيء؟ فيقول: نعم. فقل له: حين خلق الخلق خلقه في نفسه أو خارجا من نفسه، فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال لابد له من واحد منهما.

ص: 152

إن زعم أن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه كفر، حين زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه.

وإن قال: خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كان هذا كفرا أيضا حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء.

وإن قال: خلقهم خارجا من نفسه ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله أجمع وهو قول أهل السنة).

وهذا من نمط الردود العقلية، دعت إليه الحاجة والضرورة .. وقد يكون واجبا في بعض الأحيان كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

وكان العلماء الأوائل قد ردوا على أربابهم بالنصوص، ولما كانت هناك شبهات أخرى حادثة عند هؤلاء الموجودين بين أرجلنا، دعت الحاجة إلى أن يرد عليهم بالنصوص أيضا، مع إسقاط تأويلاتهم وتحريفاتهم، ورد شبهاتهم بالحجج والبراهين، وهذا ما حبذه الكثير من أهل الحق، وهو أن يرد عليهم بالآيات والأحاديث مع رد تأويلاتهم لها، لا الاكتفاء بسردها.

وما كان ضلالهم إلا بالظن واتباع الهوى، والله تبارك وتعالى يقول:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)} (1).

فقد أرادوا تنزيه الله بعقولهم وأهوائهم، ونصبوا أنفسهم حاكما على الله، يثبتون له ما يشاؤون، وينفون عنه ما يختارون، فكان مثلهم كمثل {الَّذِينَ ضَلَّ

(1) النجم الآية (23).

ص: 153

سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)} (1).

فهؤلاء هم الأخسرون أعمالا، وهم في الدنيا عمي:{وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)} (2).

وهذا ما عزمنا على القيام به، مستعينين بالله تعالى.

ولا يمكننا تجاهل ذلك الفرق العظيم بينهم وبين أجدادهم، فهم يقولون (الله ليس في مكان على الإطلاق) فهو عندهم، ليس فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا يسار، ولا خلف، ولا أمام، ولا متصل بالعالم، ولا منفصل عنه. ولا داخل العالم ولا خارجه. وهكذا شبهوا الرب سبحانه بالعدم.

فكان هذان الفريقان بين الإفراط والتفريط.

أو ليس كان يسعهم أن يكونوا على منهاج أهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبت الله لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: ربنا في السماء، كما أخبر وأنزل، فيرفعون أيديهم إليه، ويسألونه الهدى والتقى، والعفاف والغنى، ولكن ماذا نقول!!

فلا اعتراض على قدر الله الذي من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.

وأما الذين يؤمنون بكتاب الله تعالى، أي الذي يتبعون ما فيه فهؤلاء اتبعوا الهدى، إذ يقول المولى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ

(1) الكهف الآية (104).

(2)

الإسراء الآية (72).

ص: 154

هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} (1) وهم يزدادون من هدى الله كلما ازداد اتباعهم له.

{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} (2)، فهذا الهدى لا يأتي إلا باتباع ما أنزل وبالإيمان به على الحقيقة التي نزل بها، لا تأويل ولا تعطيل، لأن الله أنزل الكتاب ليبين الحق وينير السبيل

وها قد أضفت إلى صواعق العلماء صاعقة جديدة، فيها من الحقائق والبراهين النقلية عن الله وعن رسوله وعن علماء الأمة، ما يدمر الأكاذيب والأباطيل، لاسيما أن الرسالة الأولى التي ناقشتهم فيها بالعقل، كانت تحتاج إلى الأصل، وهو أن يؤخذ الدين بالنقل لا بالعقل، ولكن سبحان الله! فقد كانت الظروف والدوافع إلى إخراج تلك قبل هذه كثيرة.

وفي هذه الرسالة برهان لكبارهم وصغارهم، فمن جحد بعدها، فلا أظن أنه يؤمن بحقيقة آية من آيات الله، وقد اتبعت فيها أسلوبا مجديا، يناسب الشبهات الجديدة التي أوردوها، إذ ذكرت الأدلة من الآيات والسنن ثم جاوبت عن كل عذر اعتذروا به أو تذرعوا، وأبطلت كل مذهب ذهبوا إليه، وكشفت الستار عن شبهات يطرحونها بين الناس ليلبسوا عليهم دينهم، فكبلت أقوالهم بقيود الكتاب والسنة، ومدلول العربية التي خاطب الله بها عباده في قرآنه العزيز. (3)

(1) البقرة الآيتان (1و2).

(2)

مريم الآية (76).

(3)

إثبات علو الله على خلقه والرد على المخالفين (ص.6 - 23).

ص: 155