الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رحمة واسعة.
موقفه من المبتدعة:
- قال رحمه الله يبين عقيدته ومنهجه: ونرى هجر أهل البدع والمعاصي واجبا لقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (1) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك (2) وكذلك النصح لهم وتحذيرهم من البدعة واجب. ونرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، وتعليم الكتاب والسنة، وتفقيه الناس وتثقيفهم في دينهم. (3)
- وقال أيضا: ونستدل في المسائل العلمية والعملية بكتاب الله وبسنة رسوله، ثم بالإجماع، ثم بسنة الخلفاء الراشدين المهديين، حسب القواعد والأصول التي سلك عليها السلف الصالح ومجتهدو الأمة، ونرى أن الخروج عن منهجهم في فهم الكتاب والسنة من الابتداع والزندقة. ونرى الرجوع في موارد الاختلاف إلى الكتاب والسنة، وليس الفصل بين الحق والباطل إلا كتاب الله وسنة رسوله، وهذا هو سبيل المؤمنين في القرون الثلاثة المشهود لها بالخير، وسبيل مجتهدي الأمة والأئمة الأربعة رحمهم الله، وكانوا ينفرون عن التقليد وينهون عنه. حيث قال الإمام مالك رحمه الله: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم
(1) المجادلة الآية (22).
(2)
تقدم تخريجه ضمن مواقف ابن عبد البر سنة (463هـ).
(3)
جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة (20).
يوافق الكتاب والسنة فاتركوه". وقال: "ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي". وقال الإمام أبو حنيفة: "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذنا" -وفي رواية: "حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا". وقال الشافعي: "أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله لم يحل له أن يدعها لقول أحد". وقال تلميذه الإمام المزني في أول مختصر كتاب الأم: "اختصرت هذا الكتاب من علم محمد بن إدريس الشافعي ومن معنى قوله: "لأقربه على من أراده مع إعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره، لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه وبالله التوفيق". وقال الإمام أحمد رحمه الله: "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا"، وقال:"من رد حديث رسول الله فهو على شفا هلكة". هذه عقيدتنا ومنهجنا ندعو إليه، ونرى أنه لا صلاح للجهاد إلا به، مع إخلاص التوحيد ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ذلك هو سبيل النصر وسبيل تأليف القلوب وتوحيد الصفوف وسبيل التمكين في الأرض، نسأل الله تعالى لنا ولكافة المسلمين الهداية والرشاد والحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على نبينا تسليما كثيرا. (1)
- ومن الأسئلة التي وجهت إليه ما يلي:
السؤال: أنتم متهمون بانتهاج السلفية للوصول إلى مآرب سياسية وهي الوصول إلى الرياسة والزعامة؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد
(1) جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة (21).
لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. الجواب عن هذا السؤال من أربعة أوجه:
الوجه الأول: نعم إن رفع الصوت بالدعوة إلى الحق تارة يكون ناشئا عن داعية حب الرياسة وطلبها في نفس الإنسان، وتارة يكون ناشئا عن داعية إحساس المسئولية أمام الله، وكذلك التهمة التي يرمى بها الدعاة قد تكون ناشئة من الشبهة وعدم الفهم، وقد تكون ناشئة من أغراض سياسية عدوانية مثل صد الدعاة عن الصدع بالحق وصد الناس عن اتباعه ولبس الدين عليهم. فإذا نظرت في تاريخ الإنسانية من بدئه إلى يومنا هذا لا تجد داعيا رفع صوته بالدعوة ولو كان محفوفا بالبينات إلا رمي بالاتهامات والافتراءات. فهؤلاء قوم نوح عليه السلام يقولون عنه:{يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} (1) ويقولون له: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60)} (2) معنى يتفضل أي: يتقدم ويترأس عليكم. وهؤلاء قوم فرعون قالوا لموسى وهارون عليهما السلام: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ} (3) ومعنى الكبرياء في الأرض: الرياسة. وهكذا قال كبراء الناس في مكة: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى
(1) المؤمنون الآية (24).
(2)
الأعراف الآية (60).
(3)
يونس الآية (78).
آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)} (1)، ومعنى {شيءٌ يُرَادُ} أي أن محمدا أراد بهذه الدعوة أن تكون له الرياسة عليكم، كما في التفسير. فظهر أن اتهام الدعوة بطلب الرياسة هو اتهام قديم من عهد نوح عليه السلام وليس بمحدث، فالدعوة والتهمة سنتان من سنن الله الجارية. فهذه سنة من السنن الشرعية وتلك سنة من السنن الكونية والقدرية، وكلتاهما متآخيتان، كلما وجدت الدعوة رميت بالتهمة، يقول الله تعالى عن سنته الخالدة:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} (2)
وقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (3)، وكل من سلك طريق الأنبياء في الدعوة لابد وأن يلاقي ما لاقوه من التهم. فنقول لإزالتها إن السلف الصالح هم: الصحابة والتابعون رضي الله عنهم الذين هم خير القرون بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهجهم في الدين هو المنهج الحق الذي تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وساروا عليه، ولا تصير الأمة المسلمة مستحقة للبشارة التي بشر الله سبحانه وتعالى بها في قوله إلا بحسب الظاهر، قال الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ
(1) ص الآية (6).
(2)
الفرقان الآية (31) ..
(3)
الأنعام الآية (112).
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)} (1) وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة" رواه البخاري (2). ونحن نرى أن هذه الاتهامات بطلب الرياسة، قد رمانا بها المخالفون لمآرب سياسية تستهدف صد الدعاة عن الصدع بالحق وصد الناس عن اتباع دعوة الحق بالطعن في نية الدعاة، فليحذر كل مسلم من هذا، ولتكن له معاييره الشرعية في التفريق بين الحق والباطل، ولا يكن إمعة.
الوجه الثاني: إن جريرتنا عند المخالفين لنا أننا تكلمنا عندما سكتوا، وواجهنا الناس بالحقيقة عندما داهنوهم، ونصحناهم عندما غشوهم بعدم بذل النصح والإصلاح، حيث إننا نرى أن ما أصابنا وأصاب بلادنا من الغزو الكافر والدمار هو عقوبة من الله سبحانه لنا بسبب تفشي المنكرات فينا مع عدم الإصلاح، فتحققت فينا سنة من سنن الله الخالدة وهي قوله تعالى:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)} (3) وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا
(1) التوبة الآية (105).
(2)
(5/ 315/2641).
(3)
هود الآية (117).
ظَالِمُونَ (59)} (1)، فإذا عم الظلم وقل المصلحون فقد أذن الله بالهلاك، أما العقاب الذي سلطه الله علينا فهو العدو الروسي الكافر وعملاؤه من الأفغان الملحدين، وتحققت فينا سنة أخرى من سنة الله الخالدة {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)} (2) وهو المعنى المذكور في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وصيته لجيش سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عند سيره لفتح فارس:"واعلموا أن عليكم في مسيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يسلط علينا وإن أسأنا. فرب قوم قد سلط عليهم شر منهم، كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله الكفار والمجوس، {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)} (3)، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم".
وقول عمر رضي الله عنه (فرب قوم قد سلط عليهم شر منهم): قد تكرر وقوعه في الأمة الإسلامية، حيث تسلط الصليبيون على ممالك الأندلس الإسلامية فمحوها من الوجود وصارت اليوم بلادا صليبية كافرة، وتسلط التتار (المغول) الكفار على دولة الخلافة العباسية فدمروا مدينة بغداد وذبحوا الخليفة العباسي، وتسلط الصليبيون مرة أخرى على دولة الخلافة العثمانية حتى محوها
(1) القصص الآية (59).
(2)
الأنعام الآية (129).
(3)
الإسراء الآية (5).
وأزالوا الخلافة، وتسلط الروس الشيوعيون على بلاد التركستان وبخارى وسمرقند الإسلامية فحولوها إلى ديار كفر، ولم يقل أحد إن هذه الممالك الإسلامية الهالكة كانت ممالك كافرة أو مشركة، ولكن لما فشت فيها المعاصي والمنكرات سلط الله عليهم من هو شر منهم، وما يحدث اليوم في أفغانستان هو مثل آخر، سلط الله الروس الكافرين على الأفغان بمعاصيهم، فإما أن نستدرك أمرنا اليوم بالتوبة والإخلاص والطاعة، وإما أن ينتهي الأمر بزوال الإسلام وظهور الشيوعية، كما حدث في بخارى وسمرقند، نعوذ بالله من سخطه ونقمته. قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} (1) وقال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (2) وقال سبحانه: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)} (3)، وأي معصية أعظم من مخالفة اعتقاد سلف الأمة ومنهجهم، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ
(1) الشورى الآية (30).
(2)
النساء الآية (79).
(3)
النساء الآية (62).
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} (1)،
وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} (2)، فكيف بمن يردون الأحاديث الصحيحة بأنها تخالف المذهب، فيقدمون آراء الرجال على الكتاب والسنة، ويجعلون آراء الرجال وقياساتهم حاكمة على الكتاب والسنة بالقبول أو الرد، ويتبعون في ذلك قاعدة تقول:(كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة، وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ). فكيف بمن يجوز الاستغاثة والتبرك بالموتى، وكيف بمن يرون أن الله سبحانه موجود في كل مكان، ويردون النصوص التي تثبت أن الله سبحانه في السماء، وهم يعلمون هذا لأطفالهم جيلا بعد جيل اتباعا لما وجدوا عليه آباءهم. وهذا ليس مقام حصر مخالفاتهم الشرعية بل هي أمثلة منها. وقد قال الله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} (3) وقد خالفنا نصوصا كثيرة من الكتاب والسنة فأصابتنا الفتنة والعذاب في الدنيا بحلول العدو ببلادنا، فدمر وشرد وأهلك ما يعجز عنه الوصف، والسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ به غيره. فالواجب علينا أن نعلم أن ما نزل بنا هو مثل ما نزل بكثير من الممالك
(1) الأحزاب الآية (36) ..
(2)
النساء الآية (115).
(3)
النور الآية (63).
الإسلامية الهالكة، وأن علينا أن نتدارك أمرنا حتى لا تكون نهايتنا كنهايتهم. قال الله تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} (1) وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)} (2)
فنحن الآن في إمهال من الله، إما أن نرجع ونتضرع، وإما أن يحيق بنا ما حاق بالأمم الظالمة. فإذا كان ما سبق هو حقيقة الأمر في أفغانستان، وقمنا بدعوة شرعية إصلاحية لرد الأمة إلى طريقة السلف، طريق النجاة والفلاح، حتى يرفع الله سبحانه نقمته وغضبه عنا وحتى نكون أهلا لرضاه سبحانه، فكيف يظن بأن هذه الدعوة لأغراض سياسية، فحسبنا الله عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم.
الوجه الثالث: مما سبق يتبين لك ضرورة الدعوة والإصلاح في بلادنا استدراكا للأمر قبل فوات الأوان، ونحن من هذا المفهوم انتصارا لدين الله الحق ولعقيدة التوحيد، قد قمنا بتأليف جماعتنا امتثالا لقوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (3) قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "قال أبو
(1) الروم الآية (41).
(2)
الأنعام الآية (42) ..
(3)
آل عمران الآية (104).
جعفر الباقر: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} ثم قال: «الخير اتباع القرآن وسنتي» (1) رواه ابن مردويه، والمقصود أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» (2) وفي رواية: «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» (3)، فجماعتنا قامت للدعوة وللجهاد وكلاهما مقدم واجب لا يحتمل التأخير. ونحن نطمع في نصر الله سبحانه الذي وعد به من ينصر دينه ويدعو إليه في قوله تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (4)
كذلك فإن جماعتنا قامت بجمع شمل أهل الحديث المستضعفين وقد قال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ
(1) ذكره السيوطي في الدر ونسبه لابن مردويه.
(2)
أحمد (3/ 10،20،49،50) ومسلم (1/ 69/49) وأبو داود (1/ 677 - 678/ 1140) والترمذي (4/ 407 - 408/ 2172) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي (8/ 485 - 486/ 5023) وابن ماجه (1/ 406/1275) من حديث أبي سعيد الخدري وليس من حديث أبي هريرة.
(3)
مسلم (1/ 69 - 70/ 50) من حديث عبد الله بن مسعود.
(4)
الحج الآية (40) ..
نَصِيرًا (75)} (1). فإذا كانت حماية المستضعفين أصحاب العقيدة الصادقة موجبة للقتال أفلا تكون موجبة لتكوين جماعة تكفلهم حتى يبلغوا رسالة ربهم؟ وكذلك فإن من أهداف جماعتنا تربية أطفالنا وأطفال الشهداء على منهج السلف الصالح الذي لا ينتهج بفضل الله إلا في مدارسنا، ونحن نقوم بدعوتنا إعذارا إلى الله سبحانه كما قال سبحانه:{قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)} (2). ونطمع في النجاة من نقمة الله وسخطه في الدنيا والآخرة حسب وعده الصادق {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)} (3) ونحن علينا الدعوة والبلاغ أما هداية القلوب فبيد الله وحده لا شريك له {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (4) وقال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)} (5). ونحن مستمرون بعون الله في دعوتنا غير مبالين بتهم المخالفين وافتراءاتهم الذين يريدون أن يطفئوا نور الله، ويقولون
(1) النساء الآية (75).
(2)
الأعراف الآية (164).
(3)
الأعراف الآية (165).
(4)
القصص الآية (56).
(5)
الأنعام الآية (35).
إن دعوتنا هي تنفيذ لمخططات أعداء الإسلام لضرب الجهاد، وأن الجهاد لن يؤتي ثماره إلا بالإصلاح الشرعي الذي ندعو إليه.
والحمد لله رب العالمين، ونحن لم نفرق الصفوف، ولم ندع لإلقاء السلاح حتى يتم الإصلاح، فكيف يقال إن الدعوة السلفية وضعها الأعداء لضرب الجهاد.
الوجه الرابع: مما سبق تتبين لك الدواعي الشرعية التي دعت إلى إنشاء جماعتنا لا نبالي بعد ذلك تهمة طلب الرياسة التي هي من مواريث أعداء الرسل لصد الناس عن الحق واتباعه، بقي أن تعلم هنا أن الإمارة في هذا الدين ليست مذمومة ألبته وليست منهيا عنها لمن يقوم بحقها بل قد ترتقي أحيانا إلى مرتبة الاستحباب أو الوجوب الشرعي إذا دعت ضرورة صيانة الملة وحماية الأمة إلى ذلك وقال الله تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)} (1) ووردت الأحاديث بالبشارة العظيمة للإمام العادل.
تم الجواب ولله الحمد والفضل والمنة. (2)
- السؤال: يقال إن أسلوبكم في الدعوة إلى العقيدة الصحيحة أسلوب فظ منفر؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. نحن نعلم أن من واجبات الدعوة أن يراعي الداعي حال المخاطب، وأن يختار أسلوبا لينا غير فظ ولا منفر، يقول الله تعالى: {فَقُولَا
(1) يوسف الآية (55).
(2)
جماعة الدعوة للقرآن والسنة (25 - 31).
لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} (1). ويقول الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (2). ويقول الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (3). ونحن لا نخرج عن تلك الحدود تعظيما لأمر الله عز وجل، واقتداء بأنبيائه عليهم الصلوات من الله والسلام. فالذين يطعنوننا بالفظاظة والشدة -إن كانوا من أصحاب العقيدة الصحيحة ويعرفون من واجب الدعوة إليها يؤدون حقها ويقفون موقفا صريحا بحيث يعرف الناس من عقيدتهم ودعوتهم ويرون في أسلوبنا من الفظاظة، فعليهم أن يصلحوا ما رأوا ويهدوننا إلى أسلوب مناسب متلطف لأننا لسنا ندعي أن أسلوبنا أسلوب جيد راقي في الدعوة إلى أقصى ما ينبغي أن يكون عليه طريق الدعوة، بل يحسب هذا من شأن الأنبياء عليهم السلام لأنهم معصومون في التبليغ والرسالة بعصمة الله، ومؤيدون بوحي الله، غاية ما ندعي ونتيقن أن عقيدتنا عقيدة صحيحة. وأن الدعوة إليها واجبة ويجب علينا أن نختار من بين أساليب الدعوة التي نعرفها أسلوبا جامعا للجهات المناسبة ومحفوفا بما يتوفر في دواعي الإجابة والقبول، وإن كانوا ممن يخالف في العقيدة والدعوة أو الدعوة وحدها، فهؤلاء لا يريدون من الطعن
(1) طه الآية (44).
(2)
آل عمران الآية (159).
(3)
النحل الآية (125).