الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم ينكرها (1) النذور للقبور المعظمة، والوقوف على أبواب الملوك، ومن ذلك النذر لأبي إسحاق، إذا هاجت الرياح في البحار، واشتدت الأخطار، وهو ما لم يبلغه أهل الجاهلية الذين قال الله تعالى عنهم:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2).
3 -
لم يكن ابن تيمية يعظ الناس على منبر الجامع كما زعم ابن بطوطة (3)(فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ على منبر الجامع) بل لم يكن يخطب أو يعظ على منبر الجمعة كما يوهمه قوله: ونزل درجة من درج المنبر. وإنما كان يجلس على كرسي يعظ الناس، ويكون المجلس غاصا بأهله، قال الحافظ الذهبي: وقد اشتهر أمره، وبعد صيته في العالم، وأخذ في تفسير الكتاب العزيز أيام الجمع على كرسي من حفظه، فكان يورد المجلس ولا يتلعثم، وكان يورد الدرس بتؤدة وصوت جهوري فصيح، وقال: وفسر كتاب الله تعالى مدة سنين من صدره أيام الجمع. (4)
واسترسل الشيخ البيطار في رد هذه الفرية من وجوه فمن شاء وقف عليها في كتابه 'حياة شيخ الإسلام'.
•
موقفه من المشركين:
- قال في كتابه 'شيخ الإسلام ابن تيمية': وأقول -تأييدا لما ذكره
(1)(1/ 199 - 133 - 136)
(2)
العنكبوت الآية (65).
(3)
(1/ 57).
(4)
حياة شيخ الإسلام ابن تيمية (36 - 37).
شيخ الإسلام-: إن الصحابة الكرام قد تناظروا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، في أمر الخلافة، وفي جمع القرآن، وفي المعارك الدامية كوقعة الجمل وصفين والنهروان، وتناظر الشيخان في قتال مانعي الزكاة، وفي إرسال جيش أسامة، ولم يستغيثوا به في هذه الشدائد، ولم يستفتوه في شيء منها، وكل هذا معلوم من الدين والتاريخ بالضرورة، ومن العقل والحس والوجدان بالبداهة، فيجب رد ما يتجدد من الوقائع والحوادث إلى الوحي المنزل، وما عرف من سنن الصدر الأول للإسلام.
ولو كان ترك وسائل النصر والظفر، والاستنصار بغيره تعالى مفيدا لنا في شيء، لكنا اليوم أسعد الأمم حالا، وأنعمها بالا، وأوفرها عزة وثروة وقوة، ولكن تلك الخطة المعارضة للشرع والطبع والحس التي سلكها أولئك الناس لم تزد الأمة إلا نكالا ووبالا، {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)} (1).
ثم إن هذا المؤلف (البكري) قد جرى على عرف بعض العلماء المتأخرين الذين جعلوا الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبغيره في معنى التوسل إلى الله تعالى بجاهه وبحقه، كالسبكي في 'شفاء السقام' والقسطلاني في 'المواهب'،
(1) الإسراء الآيتان (56و57).
والسمهودي في 'خلاصة الوفا' وابن حجر المكي في 'الجوهر المنظم' وغيرهم.
والمراد أنهم يسألون الله تعالى بحقه وجاهه أن تقضى حوائجهم، وسيأتي بحث ذلك. أما الاستغاثة بأهل القبور أنفسهم بمعنى طلب الغوث منهم أي زوال الشدة، وتفريج الهم والكرب، وقضاء سائر الحوائج، فهذه استغاثة شركية، لا تدخل في دائرة الأسباب والمسببات بحال، بل هي توسل الغلاة والجهال في الحضر والسفر، والبر والبحر، والعسر واليسر، والفرج والشدة، ونحن نجل أهل العلم والعقل والإيمان، عن الوقوع في مثل هذا الطغيان والهذيان. (1)
- وقال: ومن المؤسف جدا عدم الاهتداء بهدي الأنبياء والصالحين، والاكتفاء بتشييد القبور، وجعلها كالقصور والقلاع، والصلاة عندها، والطواف حولها، ونذر النذور لسدنتها، ويرحم الله حافظا القائل:
أحياؤنا لا يرزقون بدرهم
…
وبألف ألف ترزق الأموات
من لي بحظ النائمين بحفرة
…
قامت على أحجارها الصلوات
والواجب يتقاضى علماء الدين الخالص، والعاملين للمدنية الصحيحة، أن يتعاونوا على إنشاء معاهد علمية في الأقطار الشرقية والغربية، تدعو إلى الله على بصيرة، وتصحح العقائد والعوائد، وتزيل المهالك والمفاسد، وتعيد عهد الأئمة، وتجدد معالم الأمة. (2)
(1) حياة شيخ الإسلام (ص.62 - 64).
(2)
حياة شيخ الإسلام (ص.70).