الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والواقع في نفس الأمر بعدها وبراءتها من ذلك.
وسبب تلك الدعوى الشنيعة على ظواهر كتاب الله، وسنة رسوله، هو عدم معرفة مدعيها. (1)
•
موقفه من المشركين:
- قال رحمه الله تعالى: اعلم أن ما يفسر به هذه الآية الكريمة -يعني قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} (2) - بعض الزنادقة الكفرة المدعين للتصوف من أن معنى اليقين المعرفة بالله جل وعلا، وأن الآية تدل على أن العبد إذا وصل من المعرفة بالله إلى تلك الدرجة المعبر عنها باليقين أنه تسقط عنه العبادات والتكاليف؛ لأن ذلك اليقين هو غاية الأمر بالعبادة.
إن تفسير الآية بهذا كفر بالله وزندقة، وخروج عن ملة الإسلام بإجماع المسلمين. وهذا النوع لا يسمى في الاصطلاح تأويلا، بل يسمى لعبا كما قدمنا في آل عمران. ومعلوم أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم هم وأصحابهم هم أعلم الناس بالله، وأعرفهم بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع ذلك أكثر الناس عبادة لله جل وعلا، وأشدهم خوفا منه وطمعا في رحمته؛ وقد قال جل وعلا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ
(1) أضواء البيان (7/ 435 - 443).
(2)
الحجر الآية (99).
الْعُلَمَاءُ} (1) والعلم عند الله تعالى. (2)
- وقال عند قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67)} (3).
لا يخفى على الناظر في هذه الآية الكريمة: أن الله ذم الكفار وعاتبهم بأنهم في وقت الشدائد والأهوال خاصة يخلصون العبادة له وحده، ولا يعرفون شيئا من حقه لمخلوق. وفي وقت الأمن والعافية يشركون به غيره في حقوقه الواجبة له وحده، التي هي عبادته وحده في جميع أنواع العبادة، ويعلم من ذلك أن بعض جهلة المتسمين باسم الإسلام أسوأ حالا من عبدة الأوثان، فإنهم إذا دهمتهم الشدائد وغشيتهم الأهوال والكروب، التجأوا إلى غير الله ممن يعتقدون فيه الصلاح، في الوقت الذي يخلص فيه الكفار العبادة لله. مع أن الله جل وعلا أوضح في غير موضع أن إجابة المضطر، وإنجاءه من الكرب من حقوقه التي لا يشاركه فيها غيره. (4)
- قال رحمه الله: واعلم أنه لا خلاف بين العلماء -كما ذكرنا آنفا- في منع النداء برابطة غير الإسلام، كالقوميات والعصبيات النسبية، ولا سيما إذا كان النداء بالقومية يقصد من ورائه القضاء على رابطة الإسلام وإزالتها بالكلية، فإن النداء بها حينئذ معناه الحقيقي: أنه نداء إلى التخلي عن دين
(1) فاطر الآية (28).
(2)
الأضواء (3/ 207).
(3)
الإسراء الآية (67).
(4)
أضواء البيان (3/ 614).