المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من المبتدعة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ١٠

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌‌‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌ موقفه من القدرية:

- ‌محمد الجزولي (1393 ه

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌صهيب بن محمد الزمزمي بن الصديق الغماري (بعد 1397 ه

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌محمد كنوني المذكوري (1398 ه

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌محمد أسلم الباكستاني (حوالي 1400 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌أحمد الخريصي (بعد 1403 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من بدعة قراءة القرآن على الأموات:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من أهل الكلام:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌محمد جميل غازي (1409 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌عبد الله كنون (1409 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌الخميني الرافضي الخبيث (1409 ه

- ‌2 - موقفه من السنة وكتبها ورواتها:

- ‌3 - موقفه من الصحب الأخيار:

- ‌موقفه من المبتدعة

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌محمد المكي الناصري (1414 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين

- ‌موقفه من الصوفية

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌محمود مهدي الإستانبولي (حوالي 1421 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌حمود بن عقلاء الشعيبي (1422 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌محمد صفوت نور الدين (1423 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌أحمد بن حجر آل بوطامي (1423 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌عبد القادر الأرناؤوط (1425 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

الفصل: ‌موقفه من المبتدعة:

من حسن الخلق وسلامة العقيدة وطيب العشرة. وقال الشيخ عمر بن محمد فلاته: كان رحمه الله صادق اللهجة، عظيم الانتماء لمذهب أهل السنة، قوي الإرادة داعيا إلى الله بقوله وعمله ولسانه. وقال الشيخ عبد المحسن العباد: عرفت الشيخ محمد أمان بن علي الجامي طالبا في معهد الرياض العلمي ثم مدرسا بالجامعة الإسلامية بالمدينة في المرحلة الثانوية ثم في المرحلة الجامعية، عرفته حسن العقيدة، سليم الاتجاه، وله عناية في بيان العقيدة على مذهب السلف، والتحذير من البدع وذلك في دروسه ومحاضرات وكتاباته.

من تلاميذه الشيخ علي بن ناصر فقيهي والشيخ ربيع المدخلي والشيخ عبد القادر السندي والشيخ صالح السحيمي والشيخ بكر أبو زيد وغيرهم كثير. ومن مؤلفاته رحمه الله كتاب 'الصفات الإلهية' وكتاب 'أضواء على طريق الدعوة إلى الإسلام' ورسالة 'حقيقة الديمقراطية وأنها ليست من الإسلام' وغيرها.

توفي رحمه الله يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة وألف للهجرة، فصلي عليه بعد الظهر ودفن في بقيع الغرقد بالمدينة النبوية.

‌موقفه من المبتدعة:

- قال: حفظ الله للقرآن الكريم يتضمن حفظ السنة لأنها بيان وتفسير له فحفظها من حفظه، وعلى كل حال فإن السنة المطهرة محفوظة ولا شك، وهو أمر يكاد أن يكون ملموسا لمس اليد، إذ قيض الله لها رجالا أمناء ونقادا أذكياء يدركون من العلل الخفية ما يعجز عن إدراكها غيرهم. منهم من

ص: 275

قاموا بدراستها وحفظها سندا ومتنا، وجمعها، ومنهم من عمدوا إلى غربلتها وتصفيتها حتى يتبين المقبول من المردود. ومنهم من دققوا في أحوال الرواة حتى إنهم يدرسون أحوالهم راويا راويا، بل حتى إنهم ليعرفون آباءهم وأجدادهم ومشايخهم، وتلامذتهم الذين حدثوا عنهم، إلى آخر تلك الخدمة الفريدة التي قدمت ولا تزال تقدم للسنة المطهرة، ولله الحمد والمنة. (1)

- وقال: ويتضح مما تقدم أن مدلول السلفية أصبح اصطلاحا معروفا يطلق على طريقة الرعيل الأول ومن يقتدون بهم في تلقي العلم، وطريقة فهمه وبطبيعة الدعوة إليه. فلم يعد إذا محصورا في دور تاريخي معين. بل يجب أن يفهم على أنه مدلول مستمر استمرار الحياة وضرورة انحصار الفرقة الناجية في علماء الحديث والسنة وهم أصحاب هذا المنهج وهي لا تزال باقية إلى يوم القيامة أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم:«لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم» (2).اهـ (3)

- وقال: وما يمتاز به المنهج السلفي، أن الذين ينهجونه لا يختلفون إلا في الأسلوب والتعبير على اختلاف أزمنتهم ومشاكلهم. وذلك راجع لوحدة المصدر لدعوتهم، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة الموضحة لمعاني النصوص، إذ هم الذين حضروا نزول الوحي وفهموا النصوص فور نزولها، قبل أن يطول عليها العهد، ولذلك يحرص اللاحقون من السلف أن

(1) الصفات الإلهية (29 - 30).

(2)

تقدم تخريجه ضمن مواقف عبد الله بن المبارك سنة (181هـ).

(3)

الصفات الإلهية (64 - 65).

ص: 276

يقتدوا بالسابقين. (1)

- قال رحمه الله: بعد أن استعرضنا الأدلة النقلية والعقلية لإثبات حجية القرآن والسنة في باب العقيدة، بل أثبتنا أنه لا فرق بين الأحاديث المتواترة وبين أخبار الآحاد في هذا الباب.

نرى أن نتبع ذلك بمناقشة موقف أولئك الذين ضل سعيهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وهم الذين زعموا وجوب الاكتفاء بالقرآن دون السنة، أو جواز ذلك في باب الأسماء والصفات خاصة، وفي إثبات جميع الأحكام عامة، فنقول وبالله التوفيق:

إبطال شبه الزاعمين الاكتفاء بالقرآن دون السنة:

على الرغم من إجماع الأمة الإسلامية على أن السنة صنو القرآن، وأنها هي الحكمة المذكورة في القرآن في عديد من الآيات، وعلى الرغم مما هو معروف من أن الدين الإسلامي مستمد من الكتاب والسنة معا عقيدة وأحكاما، على الرغم من كل ذلك، لم تسلم السنة من أقلام بعض المتهورين المتطرفين، ولفرط جهلهم أطلقوا على أنفسهم (القرآنيون) أي العاملون بالقرآن -في زعمهم- المكتفون به، المستغنون عن السنة، هذا تفسير كلمة (القرآنيون) بناء على زعمهم. ولكن التفسير المطابق لواقعهم -إذا نظرنا إلى تصرفاتهم- أنهم المخالفون للقرآن، اتباعا للهوى، وتقليدا لبعض الزنادقة التقليد الأعمى. لأنهم في واقعهم قد خرجوا على القرآن بخروجهم على السنة لأنهما كالشيء الواحد من حيث العمل بهما، إذ السنة تفسير القرآن، ولأن

(1) الصفات الإلهية (ص.112).

ص: 277

القرآن نفسه يدعو إلى الأخذ بالسنة والعمل بها إيجابا وسلبا. إذ يقول الله عز وجل: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1). والأمر بأخذ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يشمل كل ما صحت به السنة المطهرة من الأحكام وإثبات صفات الله وإثبات المعاد وغير ذلك، ورد في القرآن أو لم يرد لأن ذلك من مقتضى الإيمان بالرسول ورسالته. ومما لا شك فيه أنه لا يتم الإيمان بالقرآن إلا بالإيمان الصادق بمن أنزل عليه القرآن، والإيمان به صلى الله عليه وسلم إنما يعني تصديقه في أخباره واتباع أوامره ونواهيه، وقد أوجب الله طاعته على وجه الاستقلال في قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (2). وهو أمر لا يختلف فيه اثنان مسلمان، وأما هؤلاء القرآنيون الجدد فليس لهم سلف فيما ذهبوا إليه إلا غلاة الرافضة والزنادقة الذين في قلوبهم مرض كراهة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن أصحاب رسوله.

وهؤلاء الروافض مرضى القلوب زعموا -وبئس ما زعموا- وجوب الاكتفاء بالقرآن والاستغناء عن السنة مطلقا في أصول الدين وفروعه، لأن الأحاديث -في زعمهم- رواية قوم كفار حيث كانوا يعتقدون أن النبوة إنما كانت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأن جبريل أخطأ فنزل بها إلى محمد صلى الله عليه وسلم بدل أن ينزل بها إلى علي رضي الله عنه، وهذا الزعم الفاسد والقولة

(1) الحشر الآية (7).

(2)

النساء الآية (59).

ص: 278

الجريئة هي أساس شبهة الروافض في رد الأحاديث النبوية، وهي شبهة مختلقة كما ترى.

ومن لوازم رأيهم الفاسد هذا: أن أمر الوحي مضطرب فلا يصدر من لدن عليم حكيم الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، بل يتصرف فيه ملك الوحي كما يشاء ويختار، ينزل بالوحي على من يشاء ويعدل عمن يشاء بالوحي، كما يفهم من قول هؤلاء الروافض أن ملك الوحي نفسه غير معصوم أو غير أمين على الوحي وعلى أداء أمانة الرسالة. إذاً فما مدى إيمان الروافض بالله أولا، ثم بالملائكة والنبيين عامة، وبخاتم النبيين خاصة، وبالكتاب الذي نزل عليه؟

وبعد: فلقد حاول هؤلاء الزنادقة والروافض إزالة السنن من الوجود والقضاء عليها -لو استطاعوا- أو أن يجعلوا وجودها وجودا شكليا فاقدا للقيمة. إلا أنهم لم ينالوا خيرا ولم يستطيعوا أن ينالوا من السنة شيئا، فانقلبوا خاسرين ومهزومين، مثلهم كمثل الذي يحاول قلع جبل (أحد) مثلا فأخذ يحوم حوله وفي سفحه لينقل من أحجاره حجرا حجرا، ظنا منه أنه يمكنه بصنيعه هذا قلع الجبل وإزالته من مكانه، أو كالذي يغترف من البحر اغترافا بيده أو بدلوه محاولا بذلك أن ينفد البحر أو ينقص.

وما من شك أن هذا المسكين سوف تنتهي أوقاته ويجيء أجله المحدود والمحتوم، والجبل باق مكانه شامخا ليصعد أصحاب الخبرة ويترددوا بين شعابه ليعثروا على ما قد يخفى على غيرهم، بين تلك الشعاب المتنوعة التي لا يفطن لها غيرهم، إذ لكل ميدان رجال.

ص: 279

كما يبقى البحر ثابتا مكانه ليغوصه الغواصون من رجال هذا الشأن، فيخرجوا للناس اللآلي والدرر من مسائل علم الحديث النافعة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. هذه نهاية محاولة الروافض ومن يسيرون في ركابهم وقد أرادوا أن يجدوا ما يتعللون به من الأخبار التي تشهد لما ذهبوا إليه من قريب أو من بعيد، فعثروا في أثناء بحثهم على كلام باطل بطلان مذهبهم ونصه هكذا:(ما جاءكم عني فاعرضوه على الكتاب فما وافقه فأنا قلته وما خالفه فإني لم أقله)(1) وكل من له نظر في هذا العلم الشريف يدرك أن هذا الكلام ليس من منطق الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا يظهر عليه نور النبوة -كما ترى- وعلى الرغم من ذلك فإن القوم قد طاروا به فرحا، ظنا منهم أنه نافع لهم، ولكنهم لم يستطيعوا أن ينفلتوا بحديثهم هذا من أيدي حراس السنة الذين لم تنم عيونهم الساهرة حفاظا على السنة، بل عثروا على حديثهم ذلك فأعلنوا عنه أنه من أباطيلهم ودسائسهم، حتى عرفه الناس على حقيقته بعد أن سجلوه في كتبهم، فأجروا له (عمليتهم) الخاصة، وفندوه وجرحوه وعروه أمام القراء حتى انكشف حاله، فلله الحمد والمنة.

يقول السيوطي في رسالته الطليقة 'مفتاح الجنة' (ص.214 وما بعدها): قال البيهقي: باب بطلان ما يحتج به بعض من رد السنة من الأخبار التي رواها بعض الضعفاء في عرض السنة على القرآن، قال الشافعي رحمه الله: احتج علي بعض من رد الأخبار بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما جاءكم عني فاعرضوه على الكتاب، فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فأنا لم أقله)

(1) سيأتي تخريجه قريبا.

ص: 280

فقلت له: ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغير أو كبير، وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول، ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية. اهـ كلام الشافعي.

قال البيهقي: أشار الإمام الشافعي إلى ما رواه خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود، فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه السلام، فصعد النبي المنبر فخطب الناس فقال بأن الحديث سيفشو عني، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عني (1) قال البيهقي: خالد مجهول وأبو جعفر ليس صحابيا، فالحديث منقطع. وقال الشافعي ليس يخالف الحديث القرآن ولكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين معنى ما أراد خاصا أو عاما، وناسخا ومنسوخا.

ثم التزم الناس ما سن بفرض الله، فمن قبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن الله قبل، ثم ذكر السيوطي بقية كلام البيهقي حول الحديث، وقد نقل البيهقي عن الإمام الشافعي نقولا كثيرة في هذا الصدد نختار منها الآتي:

1 -

قال البيهقي: قال الإمام الشافعي رحمه الله: "سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أوجه:

أحدها: ما أنزل الله فيه نص كتاب، فسن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل نص

(1) أخرجه: الطبراني في الكبير (12/ 316/13224) من طريق أبي حاضر عن الوضين عن سالم بن عبد الله عن عبد الله ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره بنحوه. وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 170) وقال بعد عزوه للطبراني: "وفيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه وهو منكر الحديث". وتعقبه الشيخ الألباني، بأن أبا حاضر هذا ليس هو عبد الملك بن عبد ربه. وأبو حاضر هذا عداده في المجهولين ذكر ذلك ابن عبد البر في الاستغناء (ترجمة 1548). وكذا الذهبي في الميزان وابن حجر في اللسان. والحديث أعله الشيخ الألباني في الضعيفة (1088) بأربع علل.

ص: 281

الكتاب.

ثانيها: ما أنزل فيه جملة كتاب، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله معنى ما أراد بالجملة وأوضح كيف فرضها عاما أو خاصا، وكيف أراد أن يأتي به العباد.

ثالثها: ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص كتاب، فمنهم من قال: جعله الله له بما افترض من طاعته، وسبق في علمه من توفيقه له ورضاه أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب، ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب، كتبيين عدد الصلاة وعملها على أصل جملة فرض الصلاة، وكذلك ما سن من البيوع وغيرها من التشريع، لأن الله تعالى ذكره قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (1) وقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (2) فما أحل وحرم مما بين فيه عن الله كما بين في الصلاة، ومنهم من قال: بل جاءته به رسالة الله فثبتت سنته بفرض الله تعالى.

ومنهم من قال: كل ما سن، وسنته هي الحكمة التي ألقيت في روعه من الله تعالى". انتهى كلام الشافعي. وقال الشافعي في موضع آخر:"كل ما سن فقد ألزمنا الله تعالى اتباعه، وجعل اتباعه طاعته، والعدول عن اتباعه معصيته، التي لم يعذر بها خلقا، ولم يجعل له في اتباع سنن نبيه مخرجا".

(1) النساء الآية (29).

(2)

البقرة الآية (275).

ص: 282

قال البيهقي: "باب ما أمر الله به من طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والبيان أن طاعته طاعته" ثم ساق الآيات التالية: قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نفسه وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} (1) وقال عز من قائل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (2) إلى غيرهما من الآيات البينات التي مضمونها أن طاعة رسوله طاعته سبحانه، وأن معصيته معصيته تعالى. ثم أورد البيهقي رحمه الله (3) حديث أبي رافع رضي الله عنه: قال رسول الله: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به، أو نهيت عنه يقول: لا أدري؟ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه» (4).

ومن حديث المقدام بن معدي كرب قال أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أشياء يوم خيبر كالحمار الأهلي وغيره ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يقعد رجل على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم

(1) الفتح الآية (10).

(2)

النساء الآية (80).

(3)

(7/ 76).

(4)

أحمد (6/ 8) وأبو داود (5/ 12/4605) والترمذي (5/ 36/2663) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه (1/ 6 - 7/ 13). والحاكم (1/ 108 - 109) وقال: "قد أقام سفيان بن عيينة هذا الإسناد وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه والذي عندي أنهما تركاه لاختلاف المصريين في هذا الإسناد" ووافقه الذهبي.

ص: 283

رسول الله مثل ما حرم الله» (1) ثم قال البيهقي رحمه الله: وهذا خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يكون بعده من رد المبتدعة حديثه، فوجد تصديقه فيما بعد، ومما قاله الإمام البيهقي في هذا المقام: ولولا ثبوت الحجة بالسنة لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته بعد تعليمه من شهده أمر دينهم: «ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع» (2).

هذا

وإذا كانت شبهة الروافض والزنادقة في رد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم زاعمين الاكتفاء بالقرآن -ما تقدم ذكره من موقفهم العدائي من الصحابة- فما حجة القرآنيين الجدد؟ فليس لهم شبهة تذكر إلا ما كان من حب الظهور -ولو على حساب الكفر برسول الله- أو مجرد التقليد الأعمى، أو ما كانت من عداء كامن للإسلام لم يمكن إظهاره إلا في هذه الصورة، ومهما يكن من أمرهم فإن القرآنيين الجدد أصل مذهبهم راجع إلى ما كان عليه غلاة الروافض. وقد عرفت شبهتهم فبئس التابع والمتبوع أو المُقَلِّد والمُقَلَّد، وبعد أن ذكر الإمام السيوطي في رسالته 'مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة' شبهتهم تلك، قال مستهجنا لها ومستقبحا:"ما كنت أستحل حكايتها لولا ما دعت إليه الضرورة من بيان أصل هذا الرأي الفاسد الذي كان الناس في راحة منه من أعصار"، إلى أن قال:"وقد كان أهل هذا الرأي موجودين بكثرة في زمن الأئمة الأربعة، وتصدى الأئمة وأصحابهم للرد عليهم في دروسهم ومناظرتهم وتصانيفهم" ثم ساق من نصوص كلامهم

(1) تقدم تخريجه ضمن مواقف علي محفوظ سنة (1361هـ).

(2)

تقدم تخريجه ضمن مواقف فالح الدوسري سنة (1392هـ).

ص: 284

الشيء الكثير في الرسالة المذكورة، ولابن خزيمة كلام نفيس في هذا المعنى.

وبعد: فدعوى الاكتفاء بالقرآن ومحاولة الاستغناء عن السنة إنما تعني الاستغناء عن الإسلام، أي تعني (الكفر) بأسلوب ملتو غير صريح لأمر ما، فأصحاب هذه الفكرة لا حظ لهم في الإسلام ما لم يراجعوا الإسلام من جديد.

وبعد أن استعرضنا أدلة من الكتاب والسنة وأقوال بعض أهل العلم في أن السنة صنو القرآن، ولا يفرق بينهما، فلنناقش هؤلاء الزاعمين عقليا ومن واقع حياة المسلمين في عباداتهم، ومعاملاتهم، فهل يمكنهم الاكتفاء بالقرآن دون أن يجدوا أنفسهم مضطرين لمراجعة السنة في كثير من عباداتهم ومعاملاتهم، حيث يجدون في السنة تفصيل ما أجمل في القرآن -وما أكثره- وتقييد ما أطلق وعمم فيه. بل ربما وجدوا أحكاما جديدة هم بحاجة إليها لم يرد ذكرها في القرآن كما يجدون بعض الصفات الإلهية جاءت بها السنة ولم يرد لها ذكر في القرآن. إن الواقع الذي يعيشه المسلمون يجيب على هذا التساؤل، وفي القرآن آيات يأمر الله فيها نبيه أن يبين للناس القرآن الذي أنزل عليه، إذ يقول الله عز وجل:{* يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (1) ويقول سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (2) ويقول سبحانه آمرا لأتباعه

(1) المائدة الآية (67).

(2)

النحل الآية (44).

ص: 285

وحاثا لهم على طاعته: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1). {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (2).

وهذه الأوامر القرآنية والتوجيهات الإلهية تشير إلى أن هناك بيانا يقوم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن على أتباعه طاعته، وأن يأخذوا ما يأتي به ويأمرهم به، وعليهم أن ينتهوا عما ينهاهم عنه، لأن طاعته من طاعة الله عز وجل، ولأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

وإذا أردنا أن نسوق أمثلة للأحكام التي أشرنا إليها لوجدنا الشيء الكثير، منها: أن الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام جاءت في القرآن مجملة هكذا: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (3) فيا ترى كيف يقيم القرآنيون الصلاة؟! فسوف لا يجدون صفة الصلاة وكيفيتها، وبيان عدد ركعاتها ومحل الجهر والسر فيها وغير ذلك من هيئات الصلاة، إلا في السنة الفعلية أو القولية. فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم مشيرا إلى هذا المعنى:«صلوا كما رأيتموني أصلي» (4).

ولو تركنا الكلام في الصلاة، وانتقلنا إلى الزكاة لوجدنا القرآن قد أجمل أمر الزكاة كما أجمل أمر الصلاة، إذ نجد القرآن يقول: {وَأَقِيمُوا

(1) الحشر الآية (7).

(2)

النساء الآية (80).

(3)

الأنعام الآية (72).

(4)

أخرجه: أحمد (5/ 53) من حديث مالك بن الحويرث وأخرجه البخاري (2/ 142/631) مطولا وفيه قصة.

ص: 286

الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ} (1). {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (2) لتقوم السنة ببيان الأموال التي تجب فيها الزكاة وبيان أنصبة الزكاة، والمقدار المأخوذ من كل نصاب على اختلاف الأموال، وهكذا نجد في باب الصيام أحكاما لم ترد في القرآن، وبينتها السنة، منها: حكم من أتى امرأته في نهار رمضان وهو صائم ما الذي يجب عليه؟ ومن أكل في رمضان أو شرب ناسيا ماذا يصنع؟ هل يتم صيامه أو يفطر؟

أما الحج فمؤتمر إسلامي عام وضع له القرآن الخطوط العريضة، فقامت السنة ببيان تفاصيله من أوله إلى آخره، ولو تتبعنا الأبواب الفقهية من باب الطهارة إلى آخر باب في الفقه لوجدنا السنة وهي تبين ما أجمل في القرآن، أو تأتي بجديد على ضوء الآيات السالفة الذكر.

ولو تركنا الأحكام الفقهية وانتقلنا إلى مباحث العقيدة لوجدنا للسنة دورها الذي لا ينكره إلا من يجهلها أو لا يؤمن بها، إذ نجد صفات الله تعالى إما ثابتة بالكتاب والسنة معا مع الدليل العقلي التابع للدليل النقلي، وإما ثابتة بالسنة الصحيحة، ولم يرد لها ذكر في القرآن الكريم مثل الفرح والضحك والنزول والقدم مثلا.

فلا أظن الزاعم الاكتفاء بالقرآن يجد مفرا بعد هذا البيان إلا إلى أحد أمرين:

1 -

الإيمان والاستسلام، وهو خير له وأسلم بأن يعامل السنة معاملته

(1) البقرة الآية (43).

(2)

الأنعام الآية (141).

ص: 287