الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إنّ الحمد لله نحمده ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إِله الله. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بلغ وأدى ونصح وأوجب ذلك على من بعده إذ قال:"بلغوا عنى" الحديث.
وقد امتثلت أمته عليه الصلاة والسلام ذلك تمام الامتثال، فليس ثم أمة من الأمم الأوّل أودعت لأجيالها كهذه الأمة وكان منشأ ذلك أمرين:
الأوّل: وضع الأسانيد:
وكان ذلك من القرن الأول امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "تسمعون ويسمع منكم" الحديث وذلك نصف العلم كما قاله ابن المدينى والمعلوم أن الألفاظ النبوية لا يجوز أن تنمى إليه صلى الله عليه وسلم: بدون ذلك ولا يجوز أن يطلق عليها ذلك إِلَّا بذلك فإذا كان ذلك كذلك فيجب على بعض هذه الأمة الحفاظ على ذلك وإلا وقعوا في غير ذلك فلذا لا تجد فئة تسامى أهل الحديث وهم الذين عناهم سيدهم صلى الله عليه وسلم: بقوله: "لا تزال طائفة" الحديث وقد قضى بذلك ابن المدينى كما في شرف أصحاب الحديث للخطيب ص 10 والإمام أحمد كما في المعرفة للحاكم ص 2 والإمام البخاري كما في جامعه 13/ 293.
وقال ابن حبّان: إنهم أحق الناس بقوله صلى الله عليه وسلم: "أولى الناس بى يوم القيامة أكثرهم على صلاة" وانظر جامع الترمذي 2/ 354.
ويفهم من قوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب على متعمدًا" الحديث أن من يذب عنه ذلك أنه يتبوأ منزلًا خلاف المنزل الذى تبوأه الكاذب.
وسر ذلك أنهم لا يخافون في الله لومة لائم إذ نجد المحدث منهم يتكلم في أعز الناس لديه.
فهذا ابن المدينى يضعف أباه ففي التهذيب 5/ 175 وقال الحاكم: حدثونا عن قتيبة
قال: دخلت بغداد واجتمع الناس وفيهم أحمد وعلى فقلت حدثنا عبد الله بن جعفر فقام حدث من المجلس فقال: يا أبا رجاء ابنه عليه ساخط حتى يرضى عليه". اهـ. وقد جزم بهذه القصة ابن حبان في الضعفاء وذكر عن ابن المدينى قصة أخرى مثل هذه وانظر الضعفاء له 2/ 15 وقال العباس بن محمّد الدورى: دخل وكيع بن الجراح البصرة فاجتمع الناس عليه وقالوا: حدثنا، فحدثهم حتى قال: حدثنى أبى وسفيان: فصاح الناس من كل جانب، وقالوا: لا نريد أباك، حدثنا عن الثورى فقال: حدثنا أبى وسفيان، فقالوا: لا نريد أباك حدثنا عن الثورى، فأطرق مليًّا ثم رفع رأسه فقال: "يا أصحاب الحديث من بلى بكم فليصبر" هامش تهذيب المزى 4/ 530 فما حدث وكيع عن أبيه منفردًا بل ضم إليه أمير المؤمنين في الحديث ومع ذلك كانت العاقبة منهم ما قاله وكيع وهذا ابن أبى أنيسة زيد يكذب أخاه يحيى كما في مقدمة مسلم وهذا أبو داود يكذب ولده أبا بكر مع أنه لا يسلم له وقصة ابن معين مع بعض أهل الحديث ذكرها السخاوى في الإعلان بالتوبيخ وخلاصتها أن صديقًا له من أهل الحديث أضافه وأحسن ضيافته مع نفر من أهل الحديث فلما خرج من عنده سئل عنه فأجاب بأنه أحسن ضيافته إِلا أنه ضعيف.
فلما كان الشأن فيهم ما سبق مكنهم المولى في أرضه فلا يرفع إِلَّا من رفعوه ولا يوضع إِلا من وضعوه، ومن تكلم منهم في راوٍ ما بغير حق ردوا عليه قوله فلا محاباة عندهم لأحد ما، إذ ذلك القول عندهم شأنه كما قال: أبو زرعة الرازى في كتاب الضعفاء 2/ 329 "كل من لم يتكلم في هذا الشأن على الديانة، فإنما يعطب نفسه، كل من كان بينه وبين إنسان حقد أو بلاء يجوز أن يذكره كان مالك والثورى يتكلمون في الشيوخ على الدين، فنفذ قولهم، ومن لم يتكلم فيهم على الديانة يرجع الأمر عليه". اهـ.
وفى مسند على بن الجعد ص 165 بسنده إلى يحيى بن أبى كثير أنه قال: في قتادة: "لا يزال أهل البصرة بشر ما أبقى الله فيهم قتادة، وكان قتادة يقول: متى كان العلم في السماكين؟ قال: أبو سلمة: يعرض بيحيى بن أبى كثير يعنى كان أهل بيته سماكين". اهـ. فيصدق على قولهما ما سبق عن أبى زرعة.
وقد صبروا في الدفاع عن الأسانيد صبرًا لم تصبره أي فئة أخرى والحديث عن ذلك يطول جدًّا أكفى من ذلك بما ذكره ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الحسن بن سفيان
وذلك أنه ساق بسنده إلى أبى الحسن الصفار قال: كنا عند الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن سفيان النسفى، وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه، من أطباق الأرض والبلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتبة الحديث. فخرج يومًا إلى مجلسه الذى كان يملى فيه الحديث وقال: اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء، قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل، هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث، فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقًّا، وأديتم بما تحملتم من الكلف والمشاق من فروضه فرضًا، فإنى أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد، وما كشف الله سبحانه وتعالى عنى وعن أصحابى ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضيق والضنك"
اعلموا أنى كنت في عنفوان شبابى ارتحلت من وطنى لطلب العلم واستملاء الحديث، فاتفق حصولى بأقصى المغرب وحلولى بمصر في تسعة نفر من أصحابى طلبة العلم وسامعى الحديث، وكنا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة" وأدراهم للحديث وأعلاهم إسنادًا، وأصحهم رواية، وكان يملى علينا كل يوم مقدارًا يسيرًا من الحديث، حتى طالت المدة وخفت النفقة ودفعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة إلى أن لم يبق لنا ما كنا نرجو حصول قوت يوم منه، وطوينا ثلاثة أيام بلياليها جوعًا وسوء حال ولم يذق أحد منا فيها شيئًا، وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف، وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة، وبذل الوجه للسؤال فلم تسمح أنفسنا بذلك، ولم تطب قلوبنا به، وأنف كل واحد منا على ذلك، والضرورة تحوج على كل حال فوقع اختيار الجماعة على كتبة رقاع بأسامى كل واحد منا وإرسالها قرعة فمن ارتفع اسمه عن الرقاع كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجميع أصحابه، فارتفعت الرقعة التى اشتملت على اسمى فتحيرت ودهشت ولم تسامحنى نفسى بالمسألة واحتمال المذلة فعدلت إلى زاوية من المسجد أصلى ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيهما بالإخلاص، أدعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج، فلم أفرغ بعد عن إتمام الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثياب طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل فقال: من منكم الحسن بن سفيان؟ فرفعت رأسى من السجدة، فقلت: أنا الحسن بن
سفيان فما الحاجة؟ فقال: إن الأمير ابن طولون صاحبى يقرئكم السلام والتحية، ويعتذر إليكم في الفضلة عن تفقد أحوالكم، والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم. وقد بعث بما يكفى نفقة الوقت، وهو زائركم غدًا بنفسه ويعتذر بلفظه إليكم، ووضع بين يدى كل واحد منَّا صرةً فيها مائة دينار.
فتعجبنا من ذلك، وقلنا للشاب: ما القصة في هذا؟ فقال: أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين به، والمتصلين بإقرائه وخواص أصحابه، دخلت عليه بكرة يومى هذا مسلمًا في جملة أصحابى فقال لى وللقوم: أنا أحب أن أخلو يومى هذا، فانصرفوا أنتم إلى منازلكم فانصرفت أنا والقوم فلما عدت إلى منزلى لم ينسق قعودى حتى أتانى رسول الأمير مسرعًا مستعجلًا يطلبنى حثيثًا، فأجبته مسرعًا فوجلله منفردًا في بيت، واضعًا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل جسده فقال: لى: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟ فقلت: لا، قال: اقصد المحلة الفلانية، والمسجد الفلانى، واحمل هذه الصرر وسلمها في العين إليه وإلى أصحابه، فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة، ومهد عذرى لديهم، وعرفهم أنى صبيحة الغد زائرهم، ومعتذر شفاهًا إليهم.
فقال الشاب: سألته عن السبب الذى دعاه إلى هذا فقال: دخلت هذا البيت منفردًا على أن أستريح ساعة. فلما هدأت عينى رأيت في المنام فارسًا في الهواء متمكنًا تَمَكُّنَ من يمشى على بساط الأرض، وبيده رمح فقضيت العجب من ذلك، وكنت أنظر إليه متعجبًا حتى نزل إلى باب هذا البيت، ووضع سافلة رمحه على خاصرتى فقال: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم وأدركهم، قم وأدركهم قم وأدركهم فإنهم منذ ثلاثة جياع في المسجد الفلانى فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رضوان صاحب الجنة، ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتى أصابنى وجع شديد لا حراك بى له، فعجل إيصال هذا المال ليزول هذا الوجع عنى.
فقال الحسن: فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله سبحانه وتعالى وأصلحنا أمورنا ولم تطب أنفسنا بالمقام، حتى لا يزورنا الأمير ولا يطلع الناس على أسرارنا، فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه، ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة، وخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وفريد دهره في العلم والفضل، فلما أصبح الأمير
ابن طولون أتى المسجد لزيارتنا وطلبنا وأحس بخروجنا، أمر بابتياع تلك المحلة بأسرها ووقفها على ذلك المسجد وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم، ولا يصيبهم من الخلل ما أصابنا، وذلك كله بقوة الدين وصفوة الاعتقاد. والله سبحانه ولى التوفيق.". اهـ. وفى ذلك من العبر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ما لا يخفى.
وقد رمى الإمام أحمد من ينتقص هذه الفئة بالزندقة ففي المعرفة للحاكم ص 4 ما نصه: "سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد الحنظلى ببغداد يقول: سمعت أبا إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي يقول: كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، فقال: له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد الله ذكروا لابن أبى فتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال: أصحاب الحديث قوم سوء، فقام أبو عبد الله وهو ينفض ثوبه فقال: زنديق زنديق زنديق ودخل البيت". اهـ.
الأمر الثانى: اهتمامهم بالتدوين والتصنيف:
فقد دونوا كل ما أتى عنه صلى الله عليه وسلم: وعن أصحابه في دواوين غير مخفية، وتم ذلك في نهاية القرن الرابع فمن أتى بحديث غير موجود في تلك الكتب فمرفوض على من أتى به ونحو هذا قاله البيهقي كما في التدريب للسيوطى في نهاية النوع الثالث والعشرين وكل ذلك مأخوذ من قوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} الآية.
وقد اعتنى أئمتنا المتأخرون بكتب التخريج لبعض المصنفات المتقدمة كما لا يخفى ومن ذلك أن الحافظ ابن حجر صنف في هذا الفن عدة مصنفات من ذلك فيما نحن فيه إِلا أنى سألت بعض من له اعتناء بالمخطوطات فكان الجواب عدم العلم بالعثور عليه أصلًا.
وقد اعتنى المباركفورى بذلك إِلا أن عليه استدراكات تكثر مع أنه يصدق عليه قول من تقدم:
وهو بسبق حائز تفضيلا
…
مستوجب ثنائى الجميلا
وسلكت في التخريج ما يلى:
1 -
البحث عن الحديث من أمهاته المصنفة فيه بالأسانيد مستقصيًا ذلك حسب الطاقة إلا في أحاديث يسيرة متى ما كانت عند الشيخين.
2 -
بعد ذكر اسم الصحابي الذى ذكره الترمذي في الباب أجمع ما وصلت إلى من مرويات التابعين غالبًا الذين رووا عنه ذلك المتن ثمّ أفرد لكل تابعى عنه تخريجًا مستقلًّا وقد أدع بعضًا لكثرة الطول.
3 -
عند حصول اختلاف في الإسناد ممّن بعد ذلك التابعى على ذلك التابعى في أي طبقة ما من السند فإنى لا أعيد ذلك التخريج عن قرين التابعى الأول بل أكتفى بمن غبر ولربما أدى ذلك إلى أن أدمج ذلك في ذكر المصادر.
فمثلًا لو روى يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة حديثًا ما ووقع اختلاف فيه على يحيى، وكان ذلك الخلاف في الرفع والوقف أو في الوصل والإرسال، واقتصرت بعض المصادر على البعض، واقتصرت بعضها على البعض الآخر أو كان الخلاف فيه من أي مسند ما فإنى أحيانًا أدمج بعض المصادر في بعض؛ لأن ذلك التخريج أصلًا كائن على ذلك الخلاف الذى وقع عن ذلك الراوى.
4 -
أحرص على ذكر ما لو وقع في الإسناد اختلاف سواء كان ذلك ممّا يؤدى إلى علة قادحة أو غير قادحة وأكبر ما استفدته من علل الإمام الدارقطني ثم ابن أبى حاتم والتاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري وعلل الترمذي الكبير ثم مما من وعلَّم سبحانه على هيئة هؤلاء الأئمة. وكم يكون ذلك قبل الاطلاع على كلامهم ثم يوافق ذلك ذكرت هذا في موطنه.
5 -
أذكر ما يستحقه ذلك المتن بعد ما سبق من صحة وضعف.
6 -
قد يرد المتن عن ذلك الصحابي لفظًا ومعنى فأكتفى في التخريج بالصريح ولا أضطر إلى الثانى إلا عند عدم وجدانى الأول ولا أعنى بالمعنى الذى منشؤه حصول الاختلاف بين الرواة في سياق الألفاظ فإن ذلك منشؤه جواز الرِّواية بالمعنى من عدمها.
7 -
بعد ذكر المصادر للحديث أذكر بعض الإسناد وذلك من عند اتحادها على ذلك الراوى من تلك المصادر الذى ذكرته فإن عسر اتحادها جمعت بين أولئك الرواة وقلت مثلًا. كلهم من طريق فلان وفلان وفلان وهذا لفظ فلان كلهم عن فلان، والذى اضطرنى إلى ذلك وجدان الخلاف الإسنادى عنهم.
8 -
بعد الفراغ من سياق اللفظ أعقب ذلك بقولى: والسياق لفلان فاختار سياق أحد المصادر السابقة تنبيهًا منى أن تلك المصادر لم تتحد في السياق المتنى.
9 -
من المعلوم أن ثم اختلاف في النسخ للجامع فبعض النسخ قد تذكر في الباب ما لم تذكره النسخة الأخرى إلا أن هذا الخلاف جله حسب ما ظهر استقراء كائن في كتابى الطهارة والصلاة وما سواهما عزيز الوجود.
وعلى كلٍّ فالفيصل الأصلى لذلك مستخرج الطوسى فقد ذكر الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح أنه يذكر في مستخرجه كل ما نقوله الترمذي وفى الباب والمعلوم أن مستخرج الطوسى لم يطرأ عليه من الخلاف في النسخ ما طرأ على الجامع لقلة تداوله. وأقدم نسخة من الجامع على ذلك النسخة الكائنة للطوسى وما بعد قسم العبادات نسخة المباركفورى إذ هي أصح من النسخة المصرية، وأحيانًا يذكر الطوسى أو المباركفورى ما ليس في الجامع فربما أسقط ما في الجامع وأخرج ما لم يذكره في الجامع بناءً على ما تقدم.
10 -
يقول المصنف أحيانًا "باب" ثم يعقب ذلك بقوله وفى الباب عن فلان وفلان" إلخ فأضطر إلى أن أذكر لذلك الباب عنوانًا يوافق تلك الأحاديث وأجعل ذلك بين قوسين وعامة ذلك يرد من بعد النصف الثانى للجامع.
11 -
لم يفتنى من تخريج ما ذكره الترمذي وفى الباب إلا أقل من عشرة أحاديث وذلك أنى اعتنيت بالجامع منذ ربع قرن فقرأت قبل ذلك أكثر من مائتى مجلد وجزءٍ وذلك بخلاف الكتب المشهورة كالأمهات والمسند. فأى حديث له تعلق بأى باب من الجامع أرجع إلى موطنه من الجامع ثم أذكر ذلك المصدر في الجامع لكى أرجع إلى ذلك المصدر عند الوصول إليه حال التأليف وحين كنت في التخريج في كتاب الأحكام في باب الرشوة إذا أنا أمر على بعض تلك الأحاديث وأجد تخريج ذلك من المطالب العالية مع كون الحافظ ابن حجر اعتذر عن عزوها إلى مواطنها في التلخيص وقال: لينظر من خرجها والمعلوم أنه قد ذكر البعض فيما سبق ذكره ولم أخرج حديثا قط من الأستاذ الأكبر لمن يشتغل بالتخريج أعنى "الجهاز الآلى" فإنه وإن كان سريع المأخذ إلا أنه كما قيل في بعض الناس:
خليفة في قفص
…
بين وصيف وبغا
ويقول ما قالا له
…
كما تقول الببغا
12 -
في نهاية الحديث أذكر بعض ما وقع من أخطاء علمية أو فنية وقعت في بعض تلك المصادر تحت قولى تنبيه وحينًا أذكر ذلك من غير ذكر التنبيه
13 -
قد يستنكف بعض الناس على بعض ما يقف عليه من التنبيه على بعض ما يرد عن بعض الأئمة وهذا الاستنكاف كسراب بقيعة ولا يخرج الشىء عما ورد إلا حجة دامغة فإن وجدت فذاك الفيصل والا فلا تكن كما قال الأول:
وما أنا إلا من غزية إن غوت
…
غويت لكان ترشد غزية أرشد
وهذا الفن لا أوسع منه إطلاقًا وانظر ما قاله ابن القطان وتبعه الذهبى في مالك بن خير من كتابى هذا في كتاب الأشربة وما وجلله من التوثيق له علمًا بأن علمنا إلى علمهم إلا ما قاله أبو عمرو ابن العلاء "ما نحن فيمن مضى إلا كبقلة أنبتت في أصول نخل طوال" وما كان لله بقى فإذا كان هذا الفن واسع الخطو فالواجب التروى فيه وعدم الإقدام فيه إلا لمن أفنى دهرًا فيه حسب ما أرشد إليه الأئمة في باب آداب طالب الحديث ومما يؤسفنا في هذا القرن ظهور من يتأكل به إذ غايته من ذلك حصول عائدات فتراه يخرج ما هب ودب ويخرج في الشهرين أو الثلاثة مصنفًا ولست أدرى أأجتازُ علمَ ابن جرير الطبرى أم الحافظ ابن حجر، حتى إنهم يترجمون لمن هو أوضح من الشمس ولم يدعوا من ذلك إلا الله ورسوله، وليعلم من يصنف أنه إنما عرض عقله في طبق يقدمه إلى الناس كما قاله الخطيب.
فخير الناس من عدت هفواته، وأسميت كتابى هذا
"نزهة الألباب في قول الترمذي وفى الباب"
تيمنًا بالحافظ
تأليف/ حسن بن محمد بن حيدر الوائلي