الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: باب (19) ما جاء إذا استيقظ أحدكم من منامه
فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها
فال: وفى الباب عن ابن عمر وجابر وعائشة
66 -
أما حديث ابن عمر:
فرواه المصنف في العلل الكبير ص 31 وابن ماجه 1/ 139 وابن خزيمة في صحيحه 1/ 75 والدارقطني في السنن 1/ 50 وابن عدى في الكامل 2/ 332 و 3/ 418:
من طريق يونس وعقيل وابن عيينة كلهم عن الزهرى عن سالم عنه ولفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدرى أين باتت يده- أو أين طافت يده" فقال: له رجل: أرأيت إن كان حوضًا فحصبه ابن عمر وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتقول أرأيت إن كان حوضًا.
والحديث حكم عليه الدارقطني بالتحسين والسياق له إذ خرجه من طريق عقيل وبقية من خرجه لم يخرجه إلا من طريق ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل عن عقيل وقد خرجه الترمذي وابن عدى في إحدى الموضعين من طريق سفيان بن وكيع عن ابن وهب به وحكم البخاري وابن عدى على سفيان بالوهم على ابن وهب وقالا: إن ابن وهب لم يروه إلا من طريق عقيل وقال الترمذي في العلل: "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: وهم فيه. إنما روى ابن وهب هذا الحديث عن جابر بن إسماعيل عن عقيل" ثم ذكر بقية الإسناد وقال ابن عدى: "هذا قد زل فيه سفيان بن وكيع أو لقن أو تعمد حيث قال: حدثنا ابن وهب عن يونس عن الزهرى وكأن هذه الطريق أسهل عليه إنما يرويه ابن وهب هذا عن ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل الحضرمى عن عقيل عن الزهري". اهـ.
* فائدة:
خرج ابن خزيمة الحديث من طريق ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل ثم قال: "ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب إذا تفرد بروايته وإنما أخرجت هذا الخبر لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد". اهـ. ورد ذلك من يحكم على أحاديث ابن خزيمة قائلًا: "التحقيق العلمى يقتضى أن ابن لهيعة صحيح الحديث إذا كان الراوى عنه أحد
العبادلة ومنهم عبد الله بن وهب وهذا من روايته عنه كما ترى". اهـ. ثم ذكر شاهدًا للحديث. وفيما قاله نظر إجمالًا وتفصيلًا.
أما الإجمال فثم عدة من أهل العلم يضعف ابن لهيعة مطلقًا منهم ابن معين وابن حبان وقد تقدم في الطهارة في باب النضح بعد الوضوء من حديث أسامة أن فيه ابن لهيعة والراوى عنه أحد العبادلة ومع ذلك حكم عليه أبو حاتم بالبطلان فما قاله من أشير إليه قبل لا يوافق ما هنا.
وأما من حيث التفصيل فابن لهيعة رمى بأكثر من سبب في الضعف، من ذلك تحديثه من كتب لا سماع له فيها أصلًا بل يجيب من يريد أن يروى عنه من أي كانت الرواية. والاختلاط بسبب احتراق كتبه كما قاله بعضهم وتدليس الضعفاء تدليس تسوية. فمن ذهب إلى قبول رواية العبادلة عنه يحتج بأنهم رووا عنه قبل احتراق كتبه وطروء الاختلاط عليه إلا أن هذا لا يدل على نفى التدليس فيه إذ غاية ما قيل في رواية العبادلة عنه أنها قبل الاختلاط والتدليس غير الاختلاط إذ الاختلاط أمر طارئ كما لا يخفى أما التدليس فغير معين بزمن ويأتى في القدر أن من أهل العلم من يرد ما يقوله من التصريح بالسماع لشدة وهمه.
67 -
وأما حديث جابر:
فرواه عنه أبو الزبير وعطاء بن أبى رباح.
* أما رواية أبى الزبير عنه:
ففي مسلم 1/ 233 وابن ماجه 1/ 139 والدارقطني 1/ 49 والطبراني في الأوسط 3/ 339 وأبى يعلى 5/ 330 والبيهقي 1/ 47:
من طريق زياد بن عبد الله البكائى عن عبد الملك بن أبى سليمان عن أبى الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في الإناء حتى بغسلها فإنه لا يدرى أبن باتت يده ولا على موضعها" وقد حسنه الدارقطني وأما البوصيرى فتبع مسلمًا في تصحيحه له وقد وقع في إسناده اختلاف على أبى الزبير فرواه عنه عبد الملك كما تقدم وجعله من مسند جابر، وخالفه معقل بن عبيد الله كما عند
مسلم والبيهقي فجعله من مسند أبى هريرة إذ قال: عن أبى الزبير عن جابر عن أبى هريرة وقد تابعه على هذا ابن لهيعة كما عند أبى يعلى لذا اعتمد الامام مسلم رواية معقل إلا أنه خرج ذلك في المتابعة علمًا بأن مسلمًا يخرج لمعقل في الأصول. فإذا بان ذلك فهل ترجح روايته مع متابعة ابن لهيعة له ويقوى ذلك إخراج مسلم؟ هذا الأصل عند المتأخرين مع أنه قد سلك الطريق غير الجادة إذ رواية أبى الزبير مقتصرًا على جابر هي الجارية على الألسنة بخلاف ما لو قال: ما قاله معقل هنا؟ أم يمكن أن يكون الحديث كائنًا من مسندى الصحابيين من هذه الطريق أعنى رواية أبى الزبير بغضى النظر عن الطريق الصحيحة الواردة في الصحيح لحديث أبى هريرة. هذا الأصل لدى من يتجاسر على التصحيح في حاضرنا.
والمعلوم عند أئمة العلل أنهم يأبون هذه الطريقة بل يحكمون على كل سند بما يستحقه. فإن معقلًا وإن خرج له من سحق فقد تكلم فيه بعض أهل العلم مثل الأمام أحمد فيما إذا روى عن أبى الزبير وقد ذكر ابن رجب في شرح العلل 2/ 793 في الثقات الذين ضعفوا في بعض المشايخ خاصة إذ قال: "ومنهم معقل بن عبيد الله الجزرى ثقة كانه الإمام أحمد يضعف حديثه عن أبى الزبير خاصة ويقول يشبه حديثه حديث ابن لهيعة" وقد عقب ذلك بقوله: "ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبى الزبير فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبى الزبير كما يرويه معقل سواء". اهـ. ثم ذكر حديث اللمعة وحديث النهى عن بيع السنور وثالث- إلا أنه لم يذكر من خرج الثانى والثالث- من طريق ابن لهيعة ورأيتها عند أبى عوانة في مستخرجه فبان بهذا ما قاله الإمام أحمد ومن وافقه. إذا علمت هذا فلا ينبغى اتخاذ القاعدة المعلومة في أصول الحديث على الإطلاق وهى تصحيح ما كان خارج الصحيح على الإطلاق اعتبارًا على أن ما كان خارج الصحيح ملحق به بل ذلك كائن فيما لم يتم النقد عليهما فلا إفراط ولا تفريط ولعل هذا التقرير سيصل إلى أقوأم ليس لهم من العلم إلا تتبع ما قد يحسبونه تهجم على أهل العلم والله يعلم أنا بحب الأئمة أفضل منهم ولكن ديننا لا يستحى من الحق فهذا يا هذا هو نقد هؤلاء الأئمة الأعلام لا نقدى ونقدك وصدق القائل:
خلق الله للعلوم رجالًا
…
ورجالاً لقصعة من ثريد
وقال آخر:
للعلم أقوام له خلقوا
…
وللدفاتر كتاب وحساب
وقد أنكر أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن وارة على مسلم إخراجه لبعض الرواة يسلم لهما في بعضهم دون بعض كما في الضعفاء لأبى زرعة 2/ 674 فما بعد.
إذا بان ما تقدم فأصح الطرق لرواية أبى الزبير ما قاله الدارقطني من رواية البكائى على أنه قد تكلم فيه إلا أنه أحسن حالًا من ابن لهيعة وما ذهب إليه البوصيرى من التصحيح غير سديد ولولا تحسين الدارقطني لروايته لقضى على روايته بالضعف فقد ضعفه النسائي وابن المدينى وقال أبو زرعة: يهم كثيرًا وأصح ما قيل في قبول روايته إذا كانت عن ابن إسحاق وانظر التهذيب.
تنبيه:
وقع عند الدارقطني في السنن تحريف في البكائى إذ فيه "البكالى" صوابه ما تقدم.
* وأما رواية عطاء عنه:
ففي الكامل لابن عدى 6/ 366:
من طريق مصعب بن إبراهيم عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عنه به ولفظه: "إذا قام أحدكم من منامه فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلها فإنه لا يدرى أين باتت يده" قال ابن عدى بعد أن ذكر لمصعب أكثر من حديث في هذا الحديث "وهذا بهذا الإسناد باطل من حديث ابن أبى عروبة وقتادة ولا يرويه عن ابن أبى عروبة غير مصعب بن إبراهيم" إلى أن قال: "ولمصعب هذا غير ما ذكرت وهو مجهول ليس بمعروف وأحاديثه عن الثقات ليست بالمحفوظة". اهـ.
68 -
وأما حديث عائشة:
فرواه الطيالسى في مسنده كما في المنحة 1/ 51 وابن أبى حاتم في العلل 1/ 62 من طريق ابن أبى ذئب عمن سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن يحدث عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا استيقظ أحدكم من النوم فليغرف على يده ثلاث غرفات فإنه لا يدرى حيث باتت يده" قال: ورواه الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث قال: أبو زرعة: هذا عندى وهم يعنى حديث ابن أبى ذئب.