الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل هو كقوله عليه السلام: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" أم لا؟
قلت: هو عندنا في نفي الإجمال كالأخبار التي تقدم ذكرها لاطراد الدليلين المذكورين.
وخالف فيه بعض من وافقنا في نفي الإجمال عن الأول، بناء على أنه ليس للشارع في مسمى "العمل" عرف، فلا يدري إلى "ماذا" يرجع النفي، فإنه غير راجع إلى نفس العمل وفاقا، ولا يخفى عليك إنما ذكروه غير قادح في الدليلين المذكورين، لأنهما مطردان فما للشارع فيه عرف وفيما ليس له له عرف، فلا يكون عدم عرف الشارع قادحا في الدليل/ (288/ أ).
المسألة السادسة
ذهب جماهير الأصوليين إلى أنه لا إجمال في قوله عليه السلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وأمثاله
.
خلافا لأبي عبد الله وأبي الحسين البصريين.
لنا: أن المتبادر منه وأمثاله إلى الفهم حيث لا يرتفع نفس الخطأ والنسيان، كما في قول السيد لعبده: رفعت عنك الخطأ والنسيان، إنما هو رفع المؤاخذة والعقوبة عن الفعل الذي أخطأ فيه أو نسيه والتبادر دليل الحقيقة، ولأنه لو قال: ذلك ثم أخذ يعاقبه على ما أخطأ فيه أو نسيه عد مناقضا، فيكون حقيقة فيه فإذا صدر من الشارع وجب حمله عليه، لأنه كما لا يمكن حمله على رفع نفس الخطأ والنسيان ثمة لعدم قدرته عليه، هكذا لا يمكن حمله عليه في كلام الشارع، لكن لعلة أخرى وهي صيانة منصبه عن الكذب فإن الخطأ والنسيان واقعان من أمته، وحينئذ يجب حمله على ما هو المتبادر إلى الفهم، ضرورة أنه يجب حمل الألفاظ على حقائقها ما لم يصرفها صارف عنها.
ثم اعلم أن المعنى من رفع المؤاخذة والعقوبة عما فعل خطأ ونسيانا هو: أنه ما كان من خصائص تحريمه، وهو الذم عاجلا والعقاب آجلا يكون مرتفعا عنه، إذ هو المتبادر إلى الفهم، من المؤاخذة والعقاب على الفعل، لا أنه يرتفع عنه جميع أحكامه نحو وجوب القضاء والضمان والكفارة، فإن كل ذلك ليس من خصائص التحريم ولا هو متبادر إلى الفهم من إطلاق المؤاخذة والعقاب على الفعل ولا وجوبها على وجه العقاب، "ألا ترى" أن القضاء
يجب على من حبس عن الصلاة مع أنه لا يعصى بالترك.
وكذلك يجب قضاء الصوم على من أفطر على ظن الغروب، أو تسحر على ظن عدم طلوع الفجر ثم بان خلافهما، مع أنهما لا يعصيان ولا يستحق كل هؤلاء العقاب، ولا هو أهل للمؤاخذة.
وكذلك الضمان فإنه قد يجب في مال من لا يعصى بالإتلاف كالصبي والمجنون، وقد يجب على من يثاب على فعله كالرامي إلى صف الكفار إذا قتل مسلما، وقد يجب على من يجب عليه الإتلاف كالمضطر في المخمصة، إذا وجد طعام الغير، فإنه يجب عليه أن يأكل، ويجب عليه الضمان، فليس هو من خصائص المحرم ولا وجوبه على وجه المؤاخذة والعقاب على ذلك الفعل فإن المندوب والواجب لا يستحق على فعلهما المؤاخذة والعقاب
ولهذا يجب على العاقلة "مع" أنه لم يصدر منهم ما يوجب المؤاخذة/ (288/ ب) والعقاب فهو إذا قد يجب جبرانا للحق وامتحانا ليثاب عليه، وكذلك تجب الكفارة حيث لا مؤاخذة ولا عقاب، بل هو يثاب كما في الرامي إلى صف الكفار إذا قتل مسلما، فلا يلزم من رفع المؤاخذة والعقاب عن فعل خطأ ونسيانا، رفع الضمان والكفارة والقضاء عنه، فعلى هذا لا حاجة لنا إلى التزام التخصيص بالنسبة إلى هذه الأحكام كما التزمه بعضهم ورجحه على احتمال الإجمال.
واحتج الخصم: بأن ظاهر الحديث يقتضي رفع الخطأ والنسيان عن الأمة وهو غير مرفوع عنهم لوقوعه منهم فلم يمكن حمله عليه لئلا يلزم الكذب، فيجب صرفه إلى حكمه لئلا يتعطل، وحينئذ إما أن يصرف إلى الكل وهو باطل، لأنه يكثر الإضمار من غير حاجة أو بعض معين أو غير معين وهما باطلان لما سبق فيتعين الإجمال.
وجوابه: ما سبق.