الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة
الحق أنه لا إجمال في قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} وهو مذهب جماهير الأصوليين
، لأنه لا إجمال في لفظ {السارق والسارقة} وهو متفق عليه ولا في لفظ "اليد" لأنها حقيقة في العضو المخصوص إلى المنكب ويدل عليه وجوه:
أحدها: ما روى عن الصحابة رضي الله عنهم مسحت إلى المناكب والآباط.
لما نزلت آية التيمم، ولولا أنهم فهموا من إطلاق لفظ اليد العضو بجملته لما فعلوا ذلك، إذ لا قرينة يمكن إحالة الفهم إليها.
أما أولا: فبالأصل.
وأما ثانيا: فلأنه يلزم الترك بمقتضى تلك القرينة، إذ لا يجب المسح إلى المنكب بالإجماع، وأنه خلاف الأصل ولا يعارض هذا الثاني بمثله، لأنا نرجحه بأنه لا يلزم على هذا الإجمال، بخلاف القول بالإحالة إلى القرينة.
فإنه يستلزم الإجمال والترك بمقتضى القرينة، "بل لو قيل بوجود" قرينة تدل على عدم استيعاب مسح جميع العضو لكان أقرب، فإن كون التيمم بدلا عن الوضوء، وأن البدل لا يزيد على المبدل بدل عليه، وفهم ذلك يدل على أنها حقيقة في العضو المخصوص بحملته.
وثانيها: أنه لا نزاع في أن لفظ اليد يطلق تارة ويراد منه العضو إلى المنكب، ويطلق مرة ويراد منه العضو إلى المرفق، ويطلق أخرى ويراد منه العضو إلى الكوع، فإما أن يجعل حقيقة في الكل وهو باطل، لأنه يلزم منه الاشتراك أو مجازا في الكل وهو أيضا باطل بالإجماع، فلم يبق إلا أن يحصل حقيقة في واحد منها ومجازا في الباقي/ (289/ أ) وحينئذ إما أن يجعل حقيقة فيه إلى المنكب مجازا في الباقيتين، أو يجعل حقيقة فيه إلى المرفق مجازا في الباقيتين، أو يجعل حقيقة [فيه] إلى الكوع مجازا في الباقيتين، والأول راجح على الاحتمالين الأخيرتين، لأنه حينئذ يكون التجوز من باب إطلاق اسم الكل على الجزء، وعلى التقديرين الآخرين يكون من باب إطلاق اسم الجزء على الكل وقد ثبت أن الأول راجح على الثاني.
وثالثها: كما "يقال" إذا قطعت يده من المنكب أنه قطعت يده بالكلية، بل يقال: ما قطعت يده بالكلية، وإنما قطعت يده من المرفق أو من
الكوع، ولا يصح هذا إذا قطعت يده من المنكب، ولو كان اسم اليد حقيقة في العضو إلى المرفق أو الكوع لصدق الأول، كما في سائر الأعضاء، لأن من شأن الحقيقة الاطراد عند عدم المانع، والأصل عدمه ولما صح السلب، فإن الحقيقة لا يصح سلبها عن مسماها، ولهذا لا يصح السلب فيما إذا قطعت من المنكب، ولا في لفظ القطع، لأن القطع حقيقة في الإبانة، فإذا أضيف إلى شيء أفاد إبانته، والشق إنما أطلق عليه القطع، كما في قولهم: فلان كان يبري القلم فقطع يده، لأنه يفيد إبانة الجلد عما كان متصلا به لا لخصوصية الشق حتى يلزم الاشتراك، فالقطع على هذا مستعمل في موضوعه، وإنما التجوز في إطلاق اسم اليد على الجلد الذي هو جزؤها، ولا يلزم من استعمال لفظ في معناه المجازي استعمال ما يتعلق به، ويقارنه في مجازاه أو "نقول" القطع حقيقة في الإبانة مجاز في الشق إذ التجوز خير من الاشتراك، وعكسه فانتفى بالإجماع، وإذا كان كذلك لم يكن الإجمال حاصلا في لفظ القطع أيضا: وإذا انتفى الإجمال عن هذه الألفاظ الثلاثة لم تكن "الآية" مجملة.