الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذهب بعضهم: إلى أنها مجملة لزعمه أن اليد مجملة، لترددها بين المعاني الثلاثة، وهي العضو المخصوص إلى الكوع، وإلى المرفق، وإلى المنكب، لأنها مستعملة فيها، والأصل في الاستعمال الحقيقة.
ولزعمه أن القطع أيضا مجمل لتردده بين المعنيين، وهما: الإبانة، والشق، لأنه مستعمل فيهما فيكون حقيقة فيهما.
وهو ضعيف لما سلف أنه لا إجمال فيهما، والاستعمال إنما يدل على كون اللفظ حقيقة فيما استعمل فيه، لو لم يستلزم الاشتراك، فأما إذا استلزمه فلا.
المسألة الثامنة
قد سبق في اللغات أنه يجب تنزيل لفظ الشارع على الحقيقة الشرعية أولا، ثم العرفية/ (289/ ب) اللغوية
، فعلى هذا إذا كان للفظ معنى شرعي، ومعنى لغوي، فليس هو بمجمل بالنسبة إليهما.
وقال القاضي: أنه مجمل بالنسبة إليهما، ولعله قال ذلك تفريعا على القول
بالحقائق الشرعية وإلا فهو منكر لها.
وفصل الشيخ الغزالي رحمه الله تعالى بين الوارد في الإثبات كقوله عليه السلام: "إني إذا أصوم" حين كان يقال له ليس في البيت شيء بعد سؤاله عنه، وبين الوارد في النهي كقوله عليه السلام:"إلا لا تصوموا في هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وابتعال".
فقال: ما ورد في الإثبات فهو للمعنى الشرعي، فقوله عليه السلام:"إني إذا أصوم" محمول على المعنى الشرعي حتى يستفاد منه صحة الصوم بنية من النهار.
وما ورد في النهي فهو مجمل، لتردده بين المعنى الشرعي، واللغوي
حتى لا يستفاد بالنهي الوارد عن الصوم في أيام النحر وأيام التشريق "صحة" الصوم في هذه الأيام، لاحتمال أن يكون المراد هو: الصوم اللغوي، فلا يدل ذلك على صحة الصوم الشرعي في هذه الأيام، ولو كان المراد منه الصوم الشرعي، دل ذلك على إمكان الصوم الشرعي في هذه الأيام، إذ النهي عن الممتنع ممتنع، إذ يقال للأعمى لا تبصر، ولا للزمن لا تمش.
واعلم أن ما ذهب إليه القاضي أبو بكر رحمه الله تعالى ضعيف لا يظهر له مأخذ، إلا أن يفرض أن المسمى الشرعي ما صار بحيث ينسخ المسمى اللغوي، وجعله مجازا فيه لا يفهم من اللفظ إلا بقرينة، بل يتردد الذهن بينه وبين المسمى الشرعي عند سماع ذلك اللفظ، لتعادلهما، كما في المشترك، فأما إذا فرض بحيث يتبادر إلى الفهم عند سماع اللفظ من الشارع، أو من جملة الشرع وصار المسمى اللغوي بسببه منسوخا لا يفهم منه إلا لقرينة فلا، لأن تبادره إلى الفهم مع أن الغالب من الشارع في الألفاظ "التي" له فيها عرف إنما هو إطلاقها وإرادة معانيها الشرعية ينفي كونه مجملا، ولأن كونه عليه السلام مبعوثا لبيان الأحكام الشرعية يغلب على الظن حمل لفظه عليها.
احتج القاضي: بأنه عليه السلام كان يناطق العرب بعرفهم، كما كان يناطقهم بعرفه، نحو قوله عليه السلام:"دعي الصلاة أيام إقرائك" ونحو نهيه عليه السلام عن بيع المضامين والملاقيح، ونهيه عن بيع الحر، والخمر، فإنه لا يجوز أن يراد منها معانيها الشرعية، وإلا لكانت الصلاة الشرعية متصورة في أيام القروء، والبيع متصورا في المضامين، والملاقيح والحر، لأن/ (290/ أ) النهي عن الشيء يقتضي إمكانه لامتناع النهي عن الممتنع لما سبق، وإذا كان كذلك كان اللفظ مجملا بالنسبة إلى كل واحد منها.
وجوابه: أنا لا نسلم أن النهي عن الشيء يستدعي إمكان وجوده، وهذا لأن تكليف ما لا يطاق جائز عندنا.
سلمنا: امتناعه لكن يستدعى إمكان وجوده، بحسب العقل، وبحسب الشرع.
والأول: مسلم، والثاني: ممنوع، فلم لا يجوز أن يقال: أنه وإن كان متصور الوجود بحسب العقل، لكنه غير متصور الوجود بحسب الشرع؟
سلمنا: ذلك لكن لم لا يجوز أن يقال: أنها محمولة على المعاني الشرعية وأن هذا وإن اقتضى إمكان وجود المنهي [عنه] بحسب الشرع، لكن ترك ذلك لدليل؛ وهذا وإن كان خلاف الأصل، لكن الإجمال أيضا خلاف الأصل. فلم قلتم: إنه "أولى"؟
سلمنا: ذلك لكن الاستعمالات المذكورة إنما هي في طرف النفي لا في طرف الإثبات، فلم قلتم أنه في طرف الإثبات أيضا مجمل؟
سلمنا: الاستعمال في الطرفين لكنه نادر بالنسبة إلى الاستعمال في المعنى الشرعي، والحمل على الغالب أولى.
سلمنا: التساوي في الاستعمال لكنه إنما يعتبر لو لم يستلزم الإجمال، أما إذا استلزم فلا نسلم اعتباره.
سلمنا: اعتباره مطلقا، لكن الحمل على المعنى الشرعي أولى لما سبق.
ومما سبق لا يخفى عليك مأخذ من قال: بالتفصيل.
وجوابه: