المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثةفي مفهوم الصفة - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٥

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌المسألة الثانية[تخصيص العموم بمذهب الراوي الصحابي]

- ‌المسألة الثالثةفي أن خصوص السبب لا يخصص عموم اللفظ

- ‌المسألة الرابعة[في تخصيص العام بذكر بعضه]

- ‌المسألة الخامسة[في جواز التخصيص بالعادة]

- ‌المسألة السادسة[قصد المدح والذم لا يوجب التخصيص]

- ‌المسألة السابعةإذا عقب اللفظ العام باستثناء، أو تقييد بصفة، أو حكم خاص لا يتأتى في كل مدلوله بل في بعضه، فهل يوجب ذلك تخصيصه أم لا

- ‌النوع السادس"الكلام في المطلق والمقيد

- ‌المسألة الثانيةفي حمل المطلق على المقيد

- ‌المسألة الثالثةالشارع إذا أطلق الحكم مرة، ثم ذكره مرة أخرى وقيده تقييدًا، ثم ذكره مرة أخرى وقيده تقييدًا مضادًا لقيد المرة الأولى، كيف يكون حكمه

- ‌النوع السابع"الكلام في المجمل والمبين

- ‌ المقدمة: ففي تفسير المجمل والمبين والبيان:

- ‌النوع الأول"في المجمل وما يتعلق به

- ‌المسألة الأولىفي أقسام المجمل

- ‌المسألة الثانيةيجوز ورود المجمل في كتاب الله تعالى و [سنة] رسول "الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثالثة[لا إجمال في التحريم والتحليل المضافين إلى الأعيان]

- ‌المسألة الرابعةذهب بعض الحنفية إلى أن قوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} مجمل

- ‌المسألة الخامسةاختلفوا في قوله عليه السلام: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" و"لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" و"لا نكاح إلا بولي

- ‌المسألة السادسةذهب جماهير الأصوليين إلى أنه لا إجمال في قوله عليه السلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وأمثاله

- ‌المسألة السابعةالحق أنه لا إجمال في قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} وهو مذهب جماهير الأصوليين

- ‌المسألة الثامنةقد سبق في اللغات أنه يجب تنزيل لفظ الشارع على الحقيقة الشرعية أولا، ثم العرفية/ (289/ ب) اللغوية

- ‌المسألة التاسعةفي أن لفظ الشارع إذا دار بين أن يفيد معنى، وبين أن يفيد معنيين، فهل هو مجمل بالنسبة إلى كل واحد منهما، أم هو ظاهر بالنسبة إلى إفادة المعنيين

- ‌المسألة العاشرةذهب الأكثرون، إلى أن لفظ الشارع إذا دار بين أن يكون محمولا على حكم شرعي متجدد، وبين أن يكون محمولا على التقرير على الحكم الأصلي العقلي، أو الاسم اللغوي، كان حمله على الحكم الشرعي المتجدد أولى

- ‌المسألة الحادية عشرةروي عن الشافعي رضي الله عنه أنه تردد في إجمال قوله تعالى: {وأحل الله البيع} وتعميمه

- ‌المسألة الثانية عشرةاختلفوا في أنه هل بقي مجمل في كتاب الله تعالى "و" بعد وفاة الرسول عليه السلام أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المبين وما يتعلق به

- ‌المسألة الأولى[جواز كون الفعل بيانا]

- ‌المسألة الثانيةفي أن القول مقدم على الفعل في البيان

- ‌المسألة الثالثة] جواز البيان بالأدنى [

- ‌المسألة الرابعة] تأخير البيان [

- ‌المسألة الخامسة[في جواز التدرج في البيان]

- ‌المسألة السادسة[في جواز تأخير تبليغ الوحي للرسول]

- ‌المسألة السابعةاختلف القائلون بعدم جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب: في جواز إسماع الله المكلف العام من غير إسماعه ما يخصصه

- ‌النوع الثامنالكلام في النص والظاهر والتأويل

- ‌ المقدمة: ففي تفسير هذه الألفاظ الثلاثة

- ‌ المسائل

- ‌المسألة الأولىذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أن الكافر إذا أسلم على أكثر من أربع نسوة، فإن له أن يختار أربعا منهن سواء عقد عليهن معا، او على التفريق سواء اختار الأوائل منهن أو الأواخر

- ‌المسألة الثانيةتمسك الشافعي- رضي الله عنه في أن نكاح المرأة نفسها باطل

- ‌المسألة الثالثةتمسك الشافعي رضي الله عنه في عدم جواز الإبدال في باب الزكاة

- ‌المسألة الرابعةمن التأويلات البعيدة تأويل يخالف ظاهر اللفظ، وما أشعر به اللفظ من التعليل

- ‌المسألة السادسةاعلم أن ضعف التأويل يعرف: تارة بقوة ظهور اللفظ فيما هو فيه ظاهر، وتارة لضعف دليله، وتارة بهما بأن يكون اللفظ المستعمل "ضعيف" الدلالة على العموم، ودليل التأويل أيضا "ضعيف

- ‌المسألة السابعةمن التأويلات البعيدة، تأويل يقتضي حمل كلام الله تعالى، أو كلام رسوله على شواذ اللغة والإعراب ونوادرهما

- ‌النوع التاسعالكلام في المفهوم

- ‌المسألة الأولىفي تحقيق معنى المفهوم وتقسيمه

- ‌المسألة الثانيةفي أن دلالة النص على الحكم في مفهوم الموافقة. هل هي لفظية، أم قياسية

- ‌المسألة الثالثةفي مفهوم الصفة

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في الحكم المعلق على شيء بكلمة "إن" هل هو عدم عند عدم ذلك الشيء أم لا

- ‌المسألة الخامسة[في حجية مفهوم الغاية]

- ‌المسألة السادسةفي أن تقييد الحكم بعدد مخصوص، هل يدل على نفي ذلك الحكم عن غيره من الإعداد أم لا

- ‌المسألة السابعةفي أن تقييد الحكم، أو الخبر، بالاسم: علمًا، كان أو اسم جنس لا يدل على نفي الحكم عما عداه. خلافًا لأبي بكر الدقاق والحنابلة

- ‌المسألة الثامنة[في مفهوم "إنما

- ‌المسألة التاسعةاختلفوا في مفهوم نحو قوله: لا عالم في المدينة إلا زيد، فجماهير منكري المفهوم ذهبوا إلى إثباته، وأصرت الحنفية على إنكاره أيضًا:

- ‌المسألة العاشرة"اختلفوا في مفهوم نحو قوله عليه السلام "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم

- ‌النوع العاشر:"الكلام" في دلالة أفعال الرسول عليه السلاموسكوته وتقريره

- ‌المسألة الأولىفي عصمة الأنبياء

- ‌المسألة الثانية/…(337/أ)في أن مجرد فعل الرسول عليه السلام، هل يدل على حكم في حقنا أم لا

- ‌المسألة الثالثةاختلفوا فيما إذا عرف وجه فعل الرسول عليه السلام من الوجوب، والندب، والإباحة، ولم يعرف أنه بيان لخطاب سابق، ولا أنه من خواصه، هل يجب علينا التأسي به: أي هل كنا متعبدين به، فإن كان واجبًا فعلى وجه الوجوب، وإن كان ندبًا فعلى وجه الندبية

- ‌المسألة الرابعةفي بيان الطرق التي يعرف كون الفعل واجبًا، أو ندبًا، أو مباحًا

- ‌المسألة الخامسةفي سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار فعل فعل بين يديه، أو في عصره مع علمه به، هل ينزل منزلة فعله في كونه مباحًا أم لا

- ‌المسألة السادسةفي التعارض الحاصل بين الفعلين، [أو بين الفعل والقول

الفصل: ‌المسألة الثالثةفي مفهوم الصفة

‌المسألة الثالثة

في مفهوم الصفة

الخطاب العام المعلق حكمه على صفة لا توجد في كل مدلول، هل يدل على نفي ذلك الحكم عما انتفى عنه تلك الصفة نحو قوله تعالى:} ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتيانكم المؤمنات {ونحو قوله عليه السلام: "زكوا عن سائمة الغنم".

اختلفوا فيه: فذهب الشافعي، ومالك، وأحمد بن حنبل، والشيخ أبي الحسن الأشعري وجماهير الفقهاء، والمتكلمين منا، وجماعة من أهل العربية نحو أبي عبيدة معمر بن المثنى: إلى أنه يدل على

ص: 2045

النفي.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه، والمعتزلة، وبعض المتكلمين، والفقهاء منا، نحو القاضي أبو بكر. وأبي شريح والقفال الشاشي، والغزالي، وبعض أهل العربية، نحو الأخفش: إلى أنه لا

ص: 2046

يدل على ذلك.

وفرق أبو عبد الله البصري، فقال: بالمفهوم في الخطاب الوارد لبيان المجمل، كقوله عليه السلام:"زكوا عن سائمة الغنم" فإنه ورد بيانا لقوله:} وآتوا الزكاة {.

والوارد للتعليم كقوله عليه السلام: "إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة" الحديث.

ص: 2047

..............................................................................

ص: 2048

والوارد فيما انتفى عنه الصفة، إذا كان داخلا تحت المتصف بها، نحو الحكم بالشاهدين والشاهد الواحد، فإن الشاهد الواحد داخل تحت الشاهدين.

وفرق إمام الحرمين بين الوصف المناسب وغير المناسب، فقال: بمفهوم النوع الأول دون الثاني.

وقال الإمام: إنه لا يدل على النفي بحسب وضع اللغة لكنه يدل عليه بحسب العرف العام.

ص: 2049

احتج الأولون بوجوه:

أحدها: أن ابن عباس رضي الله عنه فهم من قوله تعالى} إن امرؤ هلك وليس له ولد وله أخت "فلها نصف ما ترك" {عدم توريث الأخت النصف عند وجود البنت.

لما أن الله تعالى جعل لها النصف عند عدم الولد، وذلك يدل على أن ليس لها ذلك عند وجود الولد، لأن البنت ولد، وفهمه حجة، لأنه من فصحاء أهل اللسان، وترجمان القرآن.

فإن قلت: لا نسلم أنه إنما لم يورثها بناء على المفهوم، وهذا لأنه يحتمل أنه إنما لم يورثها بناء على النفي الأصلي، إذ الأصل عدم توريثها ترك العمل به عند عدم الولد فيبقى على الأصل عند وجوده.

قلت: تمسكه بالنفي في الحرمان ينفى ما ذكرتم، فإنه لو لم يكن في النص دلالة إلا على الإثبات لم يكن التمسك به في النفي سائغا وإحالة ذكره

ص: 2050

في معرض التمسك به، لدفع سؤال وارد على الأصل مع عدم ذكره بعيدا جدا

وثانيها: أن الشافعي، وأبا عبيدة قالا: بدليل الخطاب.

أما أن الشافعي رضي الله عنه قال به: فمشهور، وتفاريعه تدل عليه، فإنه لم يجوز لواحد طول الحرة المؤمنة نكاح الأمة، ولا لفاقده نكاح الكافرة، عملا بمفهوم قوله تعالى:{ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات} الآية.

وأما أن أبا عبيدة قال به؛ فلأنه روي عنه أنه قال: إن قوله عليه السلام: "لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته"، يدل على أن من ليس بواجد لا

ص: 2051

يكون ليه ظلما ولا يحل عرضه وعقوبته.

وقال: المراد من قوله عليه السلام: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا" من لا يعتني غير الشعر إذ لا يجوز أن

ص: 2052

...................................................................

ص: 2053

يكون المراد منه الهجو فإن قليله مذموم ككثيره، وحينئذ لم يكن للتقييد بالامتلاء معنى، ولا يجوز أن يكون المراد منه القليل من غيره أيضا إذ لو كان قليله مذموما لم يكن لتعليق الحكم بالكثرة والامتلاء معنى، وإذا ثبت أنهما قالا به وجب القول به، والمصير إليه، لأنهما من علية علماء العربية، فإذا جاز التمسك بقول: أعرابي جلف، فلأن يجوز التمسك بقولهما: كان أولى.

وأجيب عنه: بأنه إنما يجب المصير إليه لو قالا ذلك: بطريق النقل، وسلم عن المعارض وهما ممنوعان.

وهذا لأن قولهما صريح في أنهما قالا ذلك عن نظر واجتهاد لا بطريق النقل. وقول: المجتهد على المجتهد ليس بحجة، بخلاف قول الأعرابي فإنه ينطق بمقتضى طبعه لا عن نظر واجتهاد، فكان قوله دالا على أن ذلك

ص: 2054

لغتهم فجاز التمسك به.

وقول الأخفش: معارض بقولهما وهو منقدح.

وثالثها: لا نزاع أن تخصيص الحكم بالصفة، موهم/ (324/ب) لانتفاء الحكم عما عدا الموصوف بالصفة.

فلو قيل: بأنه يدل عليه كان ذلك صونا للكلام عن إيهام الباطل [ولم يقل به كان ذلك حملا للكلام على إيهام الباطل] ومعلوم أن الأول أولى، فكان المصير إليه أولى.

ورابعها: أن تخصيص الحكم بالصفة لابد له من فائدة صونا للكلام عن اللغو، فإن لم يكن هناك فائدة سوى انتفاء الحكم عما عدا الموصوف بتلك الصفة وجب حمله عليه، وإلا لكان التخصيص لغوا، وكلام الشارع يصان عنه، وإن كان "هنا" فائدة أخرى فإن حمل على الكسل تكثيرا للفائدة كان المقصود حاصلا، وإن لم يحمل إلا على واحدة كان الحمل على الانتفاء أولى، لأنه أسبق إلى الذهن.

ص: 2055

وخامسها: أن تعليق الحكم بالصفة يفيد في العرف نفي الحكم عما عدا الموصوف بتلك الصفة، فوجب أن يكون في أصل اللغة كذلك.

أما الأول: فلأن الإنسان إذا قال: الإنسان الطويل، أو زيد الطويل لا يطير، واليهودي الميت لا يبصر، ضحك منه وتعلل بإلغاء التقييد بأن يقال: إذا كان القصير لا يطير، والميت المسلم لا يبصر، فأي فائدة للتقييد بالطويل، واليهودي، بخلاف قول القائل: الإنسان أو زيد لا يطير، فإن هاهنا لو ضحك فإنما يضحك، لأن بيان للواضحات لا لأن التقييد بالاسم غير مفيد.

وأما الثاني فلأن النقل خلاف الأصل.

وسادسها: أن أهل اللغة قالوا: إن تعقيب الخطاب للعام بالصفة وتقييده بها كتعقيب الخطاب العام بالاستثناء، ولهذا جرى فيه من الخلاف فيما يتعلق بالرجوع إلى الكل، أو الاختصاص بالجملة الأخيرة وغيره من المسائل، ما جرى في الاستثناء وقد ثبت أن الاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، فكذا التقييد بالصفة يجب أن يفيد النفي فيما عدا الموصف بتلك الصفة إن كان الكلام موجبا، أو بالعكس إن كان منفيا.

فإن قلت: إن ادعيت أنهم قالوا: إن تعقيب العام بالصفة كتعقيبه بالاستثناء في كل الأمور، فممنوع.

وهذا لأن الافتراق بينهما حاصل في أمور لا تخفى.

وإن ادعيت ذلك في بعض الأمور فمسلم، لكن لا يلزم منه تساويهما فيما نحن فيه لاحتمال أن يكون ذلك في غير الأمر الذي نحن فيه.

ص: 2056

قلت: تدعي ذلك في كل الأمور إلا ما خصه الدليل.

وتحريره بعبارة أخرى أن نسبة الخطاب العام المقيد بالصفة إلى الخطاب العام المطلق عند أهل اللغة، كنسبة الخطاب العام المستثنى منه إلى الخطاب العام الغير المستثنى، فكما أن الخطاب العام المستثنى منه يدل على النفي/ (325/أ) والإثبات "معا"،

فكذا الخطاب العام المقيد بالصفة يدل عليهما "معا" ضرورة تساوي النسبتين.

وسابعها: أن الحكم المرتب على الخطاب المقيد بالصفة معلول بتلك الصفة، لما ستعرف إن شاء الله تعالى أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلة، وانتفاء العلة يوجب انتفاء الحكم، وتعليل الحكم بعلتين مختلفتين، خلاف الأصل، فيلزم انتفاء الحكم فيما انتفى عنه تلك الصفة.

وبهذا تمسك إمام الحرمين: لكن في الوصف المناسب على ما هو اختياره من أن مفهوم الوصف المناسب حجة.

وأجيب: عنه بمنع أن ذلك خلاف الأصل.

ص: 2057

وهو ضعيف لأن منهم من لم يجوز ذلك ومن جوزه فينبغي أن يكون عنده خلاف الأصل إذا هو على خلاف الغالب بالاستقراء، ولا نعني بكونه خلاف الأصل سوى هذا.

احتج من لم يقل بكون المفهوم حجه بوجوه:

أحدها: أنه لو كان دال على نفي الحكم عما عداه، فإنما أن يعرف ذلك بالعقل وهو باطل، إذ لا مجال للعقل في باب اللغات، أو بالنقل وهو إما متواتر، أو أحاد.

والأول: باطل وإلا لعرفه المخالف مع اشتراكهم خصومهم في أسبابه من سلامة الحاسة والعقل ومخالطة أهل اللغة والاقتباس منهم.

والثاني: تقدير صحته وسلامته عن المعارض غير كاف، لأنه لا يفيد إلا الظن، ولا يمكن إثبات مثل هذا الأصل الذي نزل عليه كلام الله وكلام رسوله المفيدين للتعيين بما يفيد الظن وقد عرفت ضعفه غير مرة.

وثانيها: أن المقيد بالصفة لو دل على انتفاء الحكم عما عداه لدل عليه، إما بلفظه أو بمعناه، والقسمان باطلان فبطل القول بدلالته عليه مطلقا.

أما الأول: فظاهر لأن قوله: "زكوا عن الغنم السائمة" غير موضوع لنفي الزكاة عن المعلوفة لا بطريق الاشتراك، ولا بطريق الانفراد، ولا هو موضوع لمفهوم يكون هذا المفهوم جزؤه حتى تكون دلالته على هذا المفهوم بطريق التضمن، فتكون دلالته لفظية على رأي إذا لو كان شيئا من هذا بيانا لم تكن المسألة مسألتنا، ولم يكن النزاع حاصلا فيه، بل كنا قائلين به وموافقين لخصومنا فيه.

ص: 2058

وأما الثاني: فلأن شرط الدلالة المعنوية استلزام المسمى اللازم، إما قطعا أو ظاهرا وهما غير حاصلين فيما نحن فيه.

وأما الأول: فظاهر إذ الحكم قد يكون ثابتا فيما عدا الموصوف بالصفة كما هو ثابت في الموصوف بهما لو كان الاستلزام قطعيا لما انفك عنه/ (325/ب) في صورة ما.

وأما الثاني: فكذلك وإلا لزم الترك بذلك الظاهر حيث يكون حكم المذكور ثابتا فيما انتفى عنه الصفة، وأنه خلاف الأصل.

فإن قلت: إذا كان الحكم ثابتا فيما عدا الموصوف بتلك الصفة، كما هو ثابت في الموصوف بها فما السبب في تخصيص الحكم وتقييده بالصفة، وهل التقييد إلا لغوًا.

قلت: لا نسلم ذلك، وهذا لأنه يحتمل أن يكون السبب في ذلك أمورًا أخر غير انتفاء الحكم عما عدا الموصوف بتلك الصفة.

أحدها: عدم خطران ذلك القسم ببال المتكلم عند التكلم، وهذا في حق الله ممتنع ويضعف في حق غيره جدا في العام المردف بالصفة نحو الغنم السائمة.

وثانيها: أنه وإن خطر بالبال، لكنه إنما خص هذا القسم، لأن بيانه واجب، وأما لسؤال سائل، أو حدوث واقعة.

وثالثها: أنه وإن كان بيانه غير واجب كالقسم الآخر، لكنه لعلة بينة بطريق آخر، نحو أن نص عليه على سبيل الخصوصية فيكون ذكره مع غيره إرداف للبيان القوي بالضعيف، فإنه مستدرك كيف وأنه موهم لجواز التخصيص.

ص: 2059

ورابعها: أنه وإن لم يبينه بطريق آخر لكنه بينه بهذا المقيد بالصفة بطريق الأولى نحو قوله تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} فإنه إذا حرم قتل الأولاد عند خشية الإملاق، كان تحريمه عند عدم الخشية بطريق الأولى.

وخامسها: أنه وإن لم يبينه بهذا الطريق، لكنه أحال بيانه إلى الاجتهاد المكلف بطريق الإلحاق بالمقيد بالصفة من حيث العلة بأن يجتهد المكلف في ذلك ويرى أن لا مدخل للوصف في الحكم ويكون المقصود أن ينال المكلف ثواب الاجتهاد.

وسادسها: أنه وإن لم يبينه بهذا الطريق، لكنه أمكن أن يقال: إنه حصل بيانه بالعقل من حيث إنه لم يتعرض له بحكم شرعي ناقل، فإن حكم هذا في الشرع البقاء على حكم العقل.

وهذا يقع على وجهين:

أحدهما: أن يكون حكم المقيد بالصفة الثبوت فهنا ما انتفى عنه الصفة إنما يبقى على العدم الأصلي لكون حكمه غير مذكور من جهة الشارع لا صريحا ولا التزاما لا لأن مفهوم الثبوت في المقيد بالصفة دال على نقية الاتفاق هنا على العدم حاصل بين الفريقين، وإنما الاختلاف في الكيفية فعند القائلين بالمفهوم وعدم الحكم ثابت بالمفهوم وعند غيرهم بالعدم الأصلي.

وثانيهما: أن يكون حكم المقيد بالصفة النفي فهاهنا ما انتفى/ (326/أ) عنه الصفة يبقى على العدم الأصلي عند من لا يقول: بالمفهوم.

وأما عند القائلين به: فيختلف الحكم بحسب اختلاف الأوصاف، فإن كان الوصف مناسبا لثبوت الحكم كان المفهوم دالا على النفي بطريق الأولى، نحو قول القائل: لا تزكوا عن الغنم السائمة، فهاهنا المعلوفة لا تجب فيها الزكاة

ص: 2060

بطريق الأولى، وإن لم يكن كذلك سواء كان مناسبا للنفي أو لا يكون مناسبا له ولا للثبوت، فإنه يدل على ثبوت الحكم فيما انتفى عنه الصفة، مثال الأول: لا تضرب العلماء، مثال الثاني: لا تضرب الطوال، ولقائل: أن يقول عليه: إن هذا إنما يتم أن لو ثبت أن المفهوم لا يدل على نفي الحكم عما عدا الموصوف بالصفة حتى يكون عدم الحكم ثابتًا بالعقل، فإن تقدير أن يدل عليه كان العدم ثابتًا بالمفهوم لا بالعقل، وإنما يثبت ذلك أن لو ثبت أن للتقيد فائدة أخرى وسببًا آخر غير نفي الحكم عما عدا الموصوف بالصفة، فإن بتقدير أن لا يثبت ذلك كان التقيد والتخصيص دال على نفي الحكم عما عدا الموصوف صيانة للتقييد والتخصيص عن اللغو، وحينئذ يلزم الدور، لأن إثبات هذه الفائدة موقوف على أن المفهوم ليس بحجة، وإثبات ذلك يتوقف على إثبات هذه الفائدة فكان الدور لازما وهو ممتنع.

هذا كله لو قيل: بوجوب تعليل تقييد الحكم بالصفة الصادرة من القادر المختار، فأما إذا لم نقل به بناء على أنه لا يجب تعليل الأفعال الصادرة عن الفاعل المختار كان السؤال ساقطا.

وجوابه: منع الحصر، وهذا لأن دلالة القرينة خارجة عن الدلالة اللفظية والمعنوية فلعله يدل لقرينة التخصيص.

سلمنا: الحصر لكن لا نسلم أن من شرط الدلالة المعنوية الاستلزام.

ولم لا يجوز أن يقال: إن المناسبة والملابسة بحيث يحصل الشعور باللازم عند الشعور بالمسمى كاف في ذلك؟.

سلمنا: أنه لابد من الاستلزام لكن لم قلتم: إن الاستلزام الظاهري غير

ص: 2061

حاصل، بل الظاهر أنه حاصل بدليل تبادر الذهن إلى النفي عند الإطلاق.

قوله: يلزم الترك بالظاهر حيث يكون حكم المسكوت عنه موافقًا للمنطوق به وهو خلاف الأصل.

قلنا: نعم لكن لدلالة من خارج وهو ليس ببدع إذ ذاك/ (326/ب).

وثالثها: أن صورة المنطوق بها مخالفة لصورة المفهوم، [وهذا مما لا شك فيه، ولا شك أيضًا: أن الصورتين المختلفتين] يجوز اشتراكهما في الحكم واختلافهما فيه، وكذا يجوز أن يشتركا في الإخبار عن ثبوت الحكم فيهما وأن يختلفا فيه، وإذا كان كذلك كان الإخبار عن ثبوت الحكم في إحدى الصورتين لا يدل على ثبوت الحكم في الصورة الأخرى، ولا على عدمه، ولا على الإخبار عن ثبوته في الصورة الأخرى ولا على عدمه.

وهو أيضًا ضعيف لأنه لا نزاع في الجواز العقلي، وإنما في أن هل للفظ به أشعار أم لا؟ وما ذكروه لا ينفيه.

ورابعها: أن المقيد بالصفة لو دل على نفي الحكم عما عدا الموصوف بها، لما حسن الاستفهام عن الحكم فيه لا نفيا ولا إثباتًا، كما في مفهوم الموافقة

ص: 2062

لكنه يحسن فإنه لو قيل: في الغنم السائمة زكاة.

حسن أن يقال. هل في المعلوفة زكاة أم لا؟ فهو إذا غير دال على الحكم فيه لا نفيا ولا إثباتًا.

وهو أيضًا ضعيف إذ الملازمة ممنوعة وسنده ما سبق في العموم، وأما القياس على الفحوى فضعيف إذ الفرق ظاهر، فإن دلالة الفحوى قطعية، ودلالة دليل الخطاب ظنية، فلا يلزم من استقباح الاستفهام ثمة استقباحه هنا لو قاس على الفحوى الظني فالحكم ممنوع.

وخامسها: إن تخصيص الحكم بالصفة، لو دل على نفي الحكم حيث انتفى تلك الصفة لما حسن إردافه بثبوت الحكم فيه لا بحرف العطف ولا بغير حرف العطف، كما لا يحسن إرداف صريح النفي صريح الإثبات كقوله: في الغنم السائمة زكاة، وليس في الغنم السائمة زكاة، أو ليس في الغنم السائمة زكاة، بحرف العطف وبغيره لكنه يحسن فإنه يحسن أن يقال: في الغنم السائمة زكاة، وفي المعلوفة أيضًا زكاة، وكذا بغير حرف العطف فهو إذا غير دال على النفي.

وهو أيضًا ضعيف، لأن دلالة المفهوم مشروطة بتخصيص الحكم بالصفة، فإذا ذكر بعد تعليق الحكم بها الحكم في مفهومه بحرف العطف، لم يكن تخصيص الحكم بالصفة حاصلًا فينتفي شرط دلالته والشيء ينتفي بانتفاء شرطه، بخلاف ما إذا كان كل واحد من النفي والإثبات معروفًا به، فإن دلالة أحدهما غير مشروط بعدم الآخر، وهذا إذا كان الإرداف بحرف العطف.

ص: 2063

أما إذا كان بغير حرف العطف لما يتأت هذا الجواب، لأن ذكر الحكم في مفهوم المخالفة بصريح النطق بعد تمام الحكم لو كان قادحا في تخصيص الحكم بالصفة لم يتصور التعارض بين المفهوم والمنطوق، لأنه ما من صورة من صور/ (327/أ) المفهوم إذا ورد فيه صريح النطق بإثبات الحكم فيه إلا وأمكن أن يقال: إنه انتفاء شرط دلالة المفهوم وهو تخصيص الحكم بالصفة، لكنه خلاف تصريحهم، فإنهم صرحوا أنه إذا وقع التعارض بين المفهوم والمنطوق كان المنطوق أولى، ومن المعلوم أنه لا يمكن جعل عدم المعارض شرط دلالة الدليل وإلا لم يتصور التعارض بين الدليلين، بخلاف ما إذا كان بحرف العطف، فإن ذلك قبل تمام الكلام إذا الكلام يتم بآخره فأمكن أن يقال: إنه لم يوجد التخصيص.

بل جوابه: أن يقال: أن دلالة المفهوم على النفي ظنية، فإذا ورد صريح النطق دالًا على الإثبات عقيبه علم أنه غير مراد من الخطاب وصار ذلك قرينة دالة على عدم إرادة المفهوم من الخطاب، بخلاف صريح النفي والإثبات، فإن دلالة كل واحد منهما بعد ثبوت المتن قطعية، فإذا ورد النفي عقيب الإثبات كان ذلك تناقضًا وتهافتًا، إذا القطعي غير قابل للتأويل فلذلك لم يصح، بخلاف الظني، فإنه قابل للتأويل فيصح أن يعارضه ظني أو قطعي.

وسادسها: أن تخصيص الحكم بالصفة لو دل على نفي الحكم عما عدا الموصوف بالصفة، لدل عليه: إما من جهة صريح الخطاب.

وهو باطل بالإجماع لما سبق.

وأما من جهة أن يخصص الحكم بالصفة لابد له من فائدة، ولا فائدة سوى نفي الحكم عند عدم الصفة.

وهو أيضًا باطل، لما تقدم أن له فوائد غيره.

ص: 2064

وأما من جهة أخرى.

وهو أيضًا باطل، إذا الأصل عدمه فلا يصار إليه إلا لدليل يحققه.

وهو أيضًا ضعيف لاحتمال أن يقال: إنه يدل عليه من جهة أن لابد للتخصيص من فائدة، لكن لا لأنه لا فائدة سوى نفي الحكم، بل إما لأن هذه الفائدة أسبق إلى الذهن فيكون الحمل عليه أولى، وإما لأن الحمل على جميع الفوائد أولى تكثيرًا للفوائد.

وسابعها: أن تقييد الحكم بالصفة، لو دل على النفي عند عدم الصفة، لما كان حكم المنطوق به ثابتًا مع عدمها، لأنه لو ثبت إذ ذاك لكان إما لا عن دليل يدل عليه، أو لدليل يدل عليه.

والأول: باطل، لأن تخلف المدلول عن الدليل لا بسبب يقدح في كون ذلك الدليل دليلًا.

والثاني: "أيضًا" باطل لما فيه من التعارض بين الدليلين، وأنه خلاف الأصل، لكنه ثابت كما في قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} وفي قوله: {ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم} / (327/ب).

ص: 2065

وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم.

وجوابه: ما سبق في جواب الدليل الثاني.

وثامنها: أن الحكم المقيد بالصفة يرد تارة مع انتفاء الحكم عما عدا الموصوف بها "كما في قوله: زكوا عن الغنم السائمة، وتارة مع ثبوت الحكم فيه كما "في ما تلونا" من الآيتين قبل، فعند هذا نقول: إما أن يجعل حقيقة فيهما وهو باطل.

أما أولا: فبالاتفاق.

وأما ثانيًا: فلأن الاشتراك خلاف الأصل.

أو مجازًا فيهما وهو أيضًا باطل لما تقدم من الوجهين.

أو يجعل حقيقة في الثبوت مجازًا في النفي، وهو أيضًا باطل لما سبق من الوجهين.

أو يجعل حقيقة في النفي مجازًا في الإثبات، وهو أيضًا باطل، لأن المجاز خلاف الأصل، فيتعين أن يجعل حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهو ثبوت الحكم في المنطوق به، مع قطع النظر عن ثبوته ونفيه عن غير المذكور.

وأعلم أن هذا الدليل والذي قبله أقوى حجج من لم يقل بالمفهوم.

وجوابه: أن المجاز وإن كان خلاف الأصل لكنه قد يصار إليه عند قيام

ص: 2066

الدلالة عليه وما ذكرنا من الأدلة دال عليه فوجب المصير إليه.

وتاسعها: لو دل تقييد الحكم بالصفة على نفي الحكم عما عد الموصوف بها، لدل تقييد الحكم بالاسم على نفيه عما عداه، إما بجامع صيانة التخصيص عن الإلغاء، أو بجامع حمله على تكثير الفائدة، أو بجامع التمييز فإن المقصود من الصفة إنما هو تمييز الموصوف بها عن غيره، فكذا المقصود من الاسم إنما هو تمييز المسمى عن غيره واللازم باطل، فالملزوم مثله.

وأجيب: عنه بأنه قياس في اللغة وهو ممنوع.

سلمناه: لكن الملازمة ممنوعة وهذا لأن الفرق المناسب القادح بينهما قائم، ومعه لا يضاف الحكم إلى المشترك، وبيانه أن نفي الحكم في صورة التقييد "بالصفة أسبق إلى الفهم من سائر الفوائد، وهو غير حاصل في صورة التقييد" بالاسم، ولو سلم أنه ليس كذلك لكن لا يشك في منصف أن لا يرتاب في أن شعور الذهن عند سماع اللفظ العام المقيد بالصفة الخاصة بما ليس له تلك الصفة، أتم من شعوره بما يغاير "مدلول" اسم ما عند سماعه، وإذا كان كذلك لا يلزم من دلالة المفهوم على النفي ثمة دلالته على

ص: 2067

النفي في صورة التقييد بالاسم.

سلمنا: الملازمة، لكن انتفاء اللازم ممنوع، وهذا لأن بعض القائلين بمفهوم الصفة.

قالوا: بمفهوم الاسم أيضًا.

سلمناه: لكنه منقوض بمفهوم الشرط والغاية، فإن بعضهم سلم الحكم فيها كابن شريح والقاضي.

وعاشرها: لو دل تخصيص الحكم بالصفة على نفي الحكم عند عدمها بطريق المفهوم لوجب أن ينفى حكم المفهوم، وإن بطل حكم المنطوق قياسًا على مفهوم الموافقة، وقياسًا على العكس، لكنه لا ينفى عند بطلان حكم المنطوق وفاقًا فليس له دلالة عليه.

وجوابه: منه الملازمة، وهذا لأن المفهوم تابع المنطوق فإذا زال المتبع زال التابع.

وأما القياس على مفهوم الموافقة، فالفرق بينهما ظاهر، وهو أن الحكم فيه ثابت بطريق الأولى، أو بطريق التساوي على اختلاف فيه، ولا يلزم من زوال الحكم عن الأدنى زواله عن الأعلى، وكذا القول على تقدير التساوي بخلاف مفهوم المخالفة، فإنه ليس الحكم فيه بطريق الأولى ولا بطريق التساوي، بل هو أضعف منه وإنما ثبت بواسطة [تخصيص الحكم بالصفة فإذا بطل التخصيص بل ما ثبت بواسطته] وأما القياس على العكس فالفرق أوضح وهو غني عن البيان وقريب من هذا الخلاف، الخلاف في تخصيص

ص: 2068

الحكم بمجرد الأوصاف التي تطرأ وتزول من غير ذكر عام نحو قول القائل في السائمة زكاة، وسبب بعد هذا عن الأول هو أن في صورة التخصيص بالصفة من غير ذكر العام يمكن أن يكون الباعث التخصيص هو خطرانه بالبال وذهول المتكلم عما ليس له تلك الصفة، وهذا الاحتمال إن لم يمتنع في العام المردف بالصفة الخاصة في معرض الاستدراك فلا شك في بعده حدا، إنما قيدنا بالأوصاف التي تطرأ أو تزول احترازًا عن الصفة اللازمة للجنس كالطعم لما يؤكل نحو قوله عليه السلام:"لا تبيعوا الطعام بالطعام" فإن هذا ليس الخلاف فيه كالخلاف في تينك الصورتين المذكورتين، بل أبعد وهو قريب من الخلاف في التخصيص بالاسم.

فرعان:

أحدهما: القائلون بأن مفهوم المخالفة حجة اتفقوا: على أنه إنما يكون حجة إذا لم يكن الباعث للتقيد بالصفة العادة، وعليه وقوع ذلك الشيء مع تلك

ص: 2069

الصفة، كما في تقدم من الأمثلة.

وأما الذي يكون السبب فيه ما ذكرنا نحو قوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما} الآية ونحو قوله عليه السلام: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل" فلا، لأنه يغلب على الظن أن الباعث على التخصيص والتقييد هو غلبة الوقوع، لأن الحكم مختص بالصفة.

الثاني: ذهب أكثر القائلين بمفهوم الصفة: إلى أن تقييد الحكم بالصفة في جنس، إنما يدل على نفي الحكم عما عدا الموصوف بها في ذلك (328/ب) الجنس، لا غير فلا دلالة لمفهوم قوله عليه السلام:"في سائمة الغنم زكاة""عندهم على نفي الزكاة""عن" معلوفات الإبل والبقر.

وذهب الأقلون إلى القول بتعميم الأدلة.

احتج الأكثرون: بأن دلالة المفهوم تابعة لدلالة المنطوق، والتابع لا يزيد على المتبوع ولا يجاوزه.

ولأن دلالة المفهوم مخالفة لدلالة المنطوق، وهو لم يتناول إلا الجنس المذكور فمخالفة أيضًا لم يتناوله تحقيقًا لمعنى المخالفة، فإنه إذا بقي الحكم عما

ص: 2070