الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عموم الكتاب أو السنة المتواترة لم يروا التمسك بهما، بل يرون أن التمسك بالعموم أولى.
المسألة الخامسة
[في جواز التخصيص بالعادة]
لا يجوز تخصيص بالعادة عندنا، وعند جماهير الأصوليين.
خلافا للحنفية.
واعلم أن كون العادة مخصصة للعام، يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون الرسول- عليه السلام أوجب أو حرم أشياء بلفظ عام، ثم رأينا العادة جارية بترك بعضها، أو بفعل بعضها، فهل تؤثر تلك
العادة في تخصيص ذلك العام حتى يقال: المراد من ذلك العام ما عدا ذلك البعض الذي جرت العادة بتركه، أو بفعله أم لا يؤثر في ذلك، بل هو باق على عمومه متناول لذلك الفعل ولغيره.
ولاحق في هذا النمط التفصيل، وهو أن يقال: إن علم أن العادة كانت حاصلة في عصر الرسول- عليه السلام مع علمه بها وعدم منعهم عنها كانت مخصصة كما سبق أن تقريره عليه السلام مخصص لكن المخصص بالحقيقة، هو تقرير الرسول عليه السلام لا العادة.
وإن علم أنها ما كانت حاصلة في عصره، أو ما علم بها، أو كان يمنعهم من ذلك أو لم يثبت شيء من ذلك لم يجز التخصيص بها، لأن أفعال الناس ليس بحجة على الشرع، نعم لو فرضت العادة بحيث يكون مجمعا عليها، بأن يستمر عليها كل واحد من العلماء وغيرهم كانت مخصصة، لكن المخصص بالحقيقة هو الإجماع لا العادة.
وثانيهما: أن تكون العادة جارية بفعل معين كأكل طعام معين مثلا، ثم إنه عليه السلام نهاهم عنه بلفظ تناوله وغيره، كما لو قال: نهيتكم عن أكل الطعام، فهل يكون النهي مقتصرا على أكل ذلك الطعام فقط، أم يجري على عمومه ولا يؤثر عادتهم في ذلك.
فمن قال: بأن العادة تخصص حمل النهي عليه لا غير.
ومن قال: إنها لا تخصص، وهو الحق أجراه على عمومه، لأن اللفظ عام "ولم يوجد له" معارض إذ العادة ليست بحجة على ما تقدم حتى تكون معارضة له فوجب الجري على موجبه.
فإن قلت: قد قدمتم في اللغات، أن المجمل العرفي مقدم على المجمل اللغوي في تنزيل لفظ الشارع عليه.
فلم قدمتم المجمل اللغوي على العرفي هنا فإن العموم مجمل لغوي؟
قلت: ليس هذا الذي نحن فيه/ (276/ ب) من هذا القبيل، لأنه ليس لأهل العرف عرف طارئ وتصرف في لفظ الطعام ولا في لفظ الأكل، وإنما عرفهم في المأكول لا غير، ولهذا يطلقون على أكل غير ذلك الطعام أكل الطعام من غير استبعاد ولا اعتقاد يجوز بخلاف لفظ الدابة، فإنهم لا يطلقون على غير ذوات الأربع أو على غير الحمار أو على غير الفرس منها على اختلاف في العرف في ذلك، ولو أطلق واحد منهم عليه فمع اعتقاد