الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة
في أن تقييد الحكم، أو الخبر، بالاسم: علمًا، كان أو اسم جنس لا يدل على نفي الحكم عما عداه. خلافًا لأبي بكر الدقاق والحنابلة
.
لنا وجوه:
أحدها: لو دل تخصيص الحكم بالاسم على عدم الحكم عما عداه لزم أحد الأمرين: وهو إما إبطال القياس بالكلية، أو التعارض. وذلك لأن الحكم في الفرع إن كان منصوصًا عليه أو مجمعًا عليه، كما في الأصل فقد لزم إبطال القياس بالكلية، وإن لم يكن كذلك كان النص الدال على الحكم في الأصل، دالًا على عدم الحكم في الفرع بطريق المفهوم، فعند ذلك إن لم يجز إثبات الحكم في الفرع بالقياس بناء على أن من شرط القياس أن لا يدل النص على الحكم فيه، لا بطريق الصريح ولا بطريق المفهوم، فقد لزم أيضًا إبطال القياس بالكلية، وإن جاز بناء على أن من شرطه أن لا يدل بطريق الصريح لا أنه لا يدل عليه بطريق المفهوم، فقد لزم التعارض سواء ثبت الحكم فيه على مقتضى المفهوم، أو على مقتضى القياس لكن الأول: خلاف الإجماع والثاني خلاف الأصل فما يستلزمه يكون أيضًا كذلك.
وثانيها: أن الرجل إذا قال: زيد يأكل، لم يفهم منه أهل اللسان أن عمرًا وغيره لم يأكل، ولو كان دالا لما كان كذلك، وبهذا القيد سقط. [و] ما قيل: بأن عدم فهمه بالنسبة إلى من يعتقد مفهوم اللقب، ممنوع، وبالنسبة إلى من لا يعتقد لا يضر.
وثالثها: لو كان تقييد الحكم بالاسم دالا على نفي الحكم عما عداه،
لكان قول الرجل: إن زيدًا أكل، أو ذهب إل السوق، أو صلى، كاذبًا عندما فعل غير ذلك، لكنه باطل بإطباق أهل اللسان فالملزوم مثله.
فإن "قلت""إ" نما لم يعد كاذبًا لدلالة القرينة على أنه لم يرد منه دلالة المفهوم، وذلك لأنه لا يخلو: إما أن يكون عالمًا بأن غيره فعل ذلك، أو لا يكون عالمًا به، وعلى التقديرين: القرينة الخالية دالة على أنه لم يرد منه دلالة المفهوم، لأن الظاهر من حال العاقل أن لا يخبر بنفي ما علم وقوعه ولا ينفي ما لم يعلمه.
قلت: هذا يقتضي أن لا يحمل خبر على الكذب مهما أمكن حمله، ولو على مجاز بعيد بدون القرينة المعينة له بغير ما ذكروه، لكنه باطل، لأن خبر من لم تثبت عصمته عن الكذب محمول على الحقيقة عند عدم القرينة الدالة على إرادة المجاز "سواء" لزم منه صدقه أو كذبه، وإنما يحكم بإرادة المجاز إذ ذاك عند ما لزم من حمله على الحقيقة الكذب في خبر المعصوم/ (335/أ) عن الكذب لا غير وما ذكروه قرينة لازمة للخبر غير منفكة عنه، يمنع من حمله على الكذب إلا حيث لا يحتمل اللفظ مجازًا، ومعلوم أن ذلك ممتنع أو نادر، "وأيضًا القصد غير معتبر في صدق الخبر وكذبه باتفاق بيننا".
ورابعها: أن تقييد الحكم باللقب لو كان دليلًا على نفي الحكم عما عداه لكان قول القائل: محمد رسول الله كفرًا، لأنه يدل بمفهومه على أن عيسى وموسى وغيرهما من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ليسوا برسل وهو كفر
صريح.
واعترض: بأنه إنما يكون كفرًا لو لم يكن منبهًا بدلالة لفظية أو قرينة حالية، أو عقلية: على أنه لم يرد منه المفهوم.
وجوابه: أنه حينئذ يلزم التعارض وهو خلاف الأصل.
واحتجوا بوجهين:
أحدهما: عكس ما مضى في مفهوم الصفة.
وجوابه: أيضًا ما تقدم.
وثانيهما: أن الرجل إذا قال لصاحبه في الخصومة: أما أنا فليست أمي زانية وليس أبي قوادًا، فإنه يفهم منه نسبة الزنا والقيادة إلى أما صاحبه وأبيه، ولذلك يجب الحد على رأي بعض العلماء.