الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْم تَارِك اَلصَّلَوَات اَلْخَمْس
قَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (1)} (2)
(ت)، وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ (3) الصَلَاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ (4) "(5)
(1) غَيًّا: خُسْرَانًا.
(2)
[مريم/59]
(3)
أَيْ: الْمُنَافِقِينَ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 419)
(4)
أَيْ: فَإِذَا تَرَكُوهَا بَرِئَتْ مِنْهُمْ الذِّمَّةُ وَدَخَلُوا فِي حُكْمِ الْكُفَّارِ ، نُقَاتِلُهُمْ كَمَا نُقَاتِلُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ ، قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا اُسْتُؤْذِنَ فِي قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ: أَلَا إِنِّي نُهِيت عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: لَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 419)
(5)
(ت) 2621 ، (س) 463
(م جة حم)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ ، تَرْكُ الصَلَاةِ)(1)(فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ ")(2) وفي رواية: " فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "(3)
الشرح (4)
(1)(م) 82 ، (ت) 2620
(2)
(جة) 1080 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5388، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 568
(3)
(حم) 23057 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.
(4)
مَعْنَى " بَيْنهُ وَبَيْنَ الشِّرْك تَرْكُ الصَّلَاةِ "، أَيْ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ كُفْرِه كَوْنُه لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَاة، فَإِذَا تَرَكَهَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَه وَبَيْن الشِّرْكِ حَائِل، بَلْ دَخَلَ فِيهِ ، ثُمَّ إِنَّ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ قَدْ يُطْلَقَانِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ ، وَهُوَ الْكُفْر بِاللهِ تَعَالَى ،
وَأَمَّا تَارِك الصَّلَاة ، فَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِوُجُوبِهَا ، فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، خَارِجٌ مِنْ مِلَّة الْإِسْلَام ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ ، وَلَمْ يُخَالِط الْمُسْلِمِينَ مُدَّةً يَبْلُغُهُ فِيهَا وُجُوبُ الصَّلَاة عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ تَكَاسُلًا مَعَ اِعْتِقَادِه وُجُوبَهَا ، كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاس فَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا الله ، وَالْجَمَاهِير مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُر ، بَلْ يَفْسُقُ ، وَيُسْتَتَاب ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا ، كَالزَّانِي الْمُحْصَن، وَلَكِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُر ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب كَرَّمَ الله وَجْهه ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد بْن حَنْبَل رحمه الله
وَبِهِ قَالَ عَبْد الله بْن الْمُبَارَك ، وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ ، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْل الْكُوفَة ، وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا الله أَنَّهُ لَا يَكْفُر، وَلَا يُقْتَل، بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّي. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِكُفْرِهِ بِظَاهِرِ الْحَدِيث، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى كَلِمَة التَّوْحِيد. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: لَا يُقْتَل ، بِحَدِيثِ:" لَا يَحِلُّ دَمُ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث " ، وَلَيْسَ فِيهِ الصَّلَاة.
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُر ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دَخَلَ الْجَنَّة " ، وَ " مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله دَخَلَ الْجَنَّة " ،
وَ " لَا يَلْقَى الله تَعَالَى عَبْد بِهِمَا غَيْر شَاكٍّ فَيُحْجَب عَنْ الْجَنَّةِ " ،
و" حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّار مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله " ، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَاحْتَجُّوا عَلَى قَتْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}
وَقَوْله صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاة ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاة ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ ".
وَتَأَوَّلُوا قَوْله صلى الله عليه وسلم: " بَيْن الْعَبْدِ وَبَيْنِ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاة " عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عُقُوبَةَ الْكَافِر ، وَهِيَ الْقَتْل، أَوْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَئُولُ بِهِ إِلَى الْكُفْر، أَوْ أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الْكُفَّار. وَالله أَعْلَم. (النووي - ج 1 / ص 179)
(ط)، وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي طُعِنَ فِيهَا ، فَأَيْقَظْتُهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ ، فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ ، وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَلَاةَ ، فَصَلَّى عُمَرُ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ (1) دَمًا. (2)
(1) يثعب: ينزف.
(2)
(ط) 82 ، وصححه الألباني في الإرواء: 209
(ابن نصر)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: مَنْ تَرَكَ الصَلَاةَ فلَا دِينَ لَهُ. (1)
(1)(تعظيم قدر الصلاة) لمحمد بن نصر المروزي (2/ 470 ح818)، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 574
(س د طل حم)، وَعَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: (كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه فَذَكَرُوا الْوِتْرَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاجِبٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُنَّةٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
" أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ لَكَ: إِنِّي قَدْ فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ) (1) (مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ (2) وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ) (3) (وَسُجُودَهُنَّ) (4) (وَخُشُوعَهُنَّ) (5) (وَلَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْهُنَّ اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ (6)) (7) (كَانَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ) (8) (وَأُدْخِلَهُ بِهِنَّ الْجَنَّةَ) (9) (وَمَنْ لَقِيَنِي) (10) (قَدْ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ) (11) وفي رواية: (وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ) (12) (فَلَيْسَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ، إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ، وَإِنْ شِئْتُ رَحِمْتُهُ (13) ") (14)
(1)(طل) 573 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 77 ، الصَّحِيحَة: 842
(2)
أَيْ: بِمُرَاعَاةِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِه. عون المعبود - (ج 1 / ص 467)
(3)
(د) 425 ، (حم) 22756 ، انظر صحيح الجامع: 3242 ، وصحيح الترغيب والترهيب: 396 ، 370 ، 400
(4)
(طل) 573 ، (حم) 22756 ، وقال الأرناءوط: إسناده صحيح.
(5)
(د) 1420 ، (حم) 22756
(6)
أَيْ: اِحْتِرَازًا عَمًّا إِذَا ضَاعَ شَيْءٌ سَهْوًا وَنِسْيَانًا. شرح سنن النسائي (1/ 322)
(7)
(س) 461 ، (د) 1420
(8)
(حم) 22756 ، (د) 425
(9)
(طل) 573 ، (س) 461
(10)
(طل) 573
(11)
(جة) 1401
(12)
(د) 425
(13)
هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَافِظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ يُوَفَّقُ لِلصَّالِحَاتِ ، بِحَيْثُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ اِبْتِدَاء ، وَمَعْنَى (عَذَّبَهُ) أَيْ: عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِ ، وَمَعْنَى (أَدْخَلَهُ الْجَنَّة) أَيْ: اِبْتِدَاءً بِمَغْفِرَتِهِ ، وَالله تَعَالَى أَعْلَم. شرح سنن النسائي - (ج 1 / ص 322)
(14)
(طل) 573 ، (س) 461 ، (د) 1420
(حم طس)، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(بَيْنَمَا نَحْنُ جَلُوسٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْنِدِي ظُهُورِنَا إِلَى قِبْلَةِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَةُ رَهْطٍ ، أَرْبَعَةٌ مَوَالِينَا ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ عَرَبِنَا ، " إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ هَاهُنَا؟ " ، فَقُلْنَا: نَنْتَظِرُ الصَلَاةَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: " فَأَرَمَّ (1) قَلِيلًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ رَبُّكُمْ عز وجل؟ " ، فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: " فَإِنَّ رَبَّكُمْ عز وجل يَقُولُ:) (2)(إِنِّي فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ، وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْدًا ، أَنَّهُ)(3)(مَنْ صَلَّى الصَلَاةَ لِوَقْتِهَا ، وَحَافَظَ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يُضَيِّعْهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا ، فَلَهُ عَلَيَّ عَهْدٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا لِوَقْتِهَا ، وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا ، وَضَيَّعَهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا ، فلَا عَهْدَ لَهُ عَلَيَّ ، إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ ، وَإِنْ شِئْتُ غَفَرْتُ لَهُ ")(4)
(1) أَيْ: سَكَت.
(2)
(حم) 18157 ، حسنه الألباني في صحيح أبي داود تحت حديث: 456
(3)
(د) 430 ، (جة) 1403
(4)
(طس) 4764 ، (حم) 18157 ، (د) 430 ، (جة) 1403 ،
انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 401، الصَّحِيحَة: 4033