الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن محاربة الفساد، وإصلاح الحال، ودعوة الأمم إلى ما فيه صلاح للإنسانيّة (1)!
5 - الإمبراطوريّة الرومانية الشرقية:
وهي المعروفة بالإمبراطوريّة البيزنطيّة، ويعرفها العرب بالروم، وكانت تحكم في العصر الذي نتحدث عنه، دول: يونان، وبلقان، وآسيا الصغرى، وسوريا، وفلسطين، وحوض البحر الأبيض المتوسط بأسره، ومصر، وكل أفريقيا الشماليّة، وكانت عاصمتها القسطنطينية، وكان ابتداء الإمبراطوريّة المذكورة سنة 395 م، وانتهاؤها بغلبة العثمانيّين على القسطنطينيّة سنة 1453 م (2)!
وقد ازدادت فيها الإتاوات، وتضاعفت الضرائب، حتى أصبح أهل البلاد يفضلون على حكومتهم كل حكومة أجنبيّة، وحدثت اضطرابات إثر اضطرابات وثورات إثر ثورات، وقد هلك عام 532 م في اضطراب واحد في عهد (جيستن الأول)(Justini) ثلاثون ألف شخص في القسطنطينيّة (3) -عاصمة المملكة- وأصبح الهم الوحيد اكتساب المال من أي وجه، ثم إنفاقه في التطرف، وقد أمعنوا في طرق التسلية، حتى وصلوا فيها إلى الوحشية (4)!
(1) انظر مناقضات الأناجيل الأربعة وما فيها من الكذب، والكلام في الحواريّين، وذكر بعض ما في كتبهم غير الآناجيل من الكذب، في: الفصل في الملل والأهواء والنحل: 2 - 11 - 78: ابن حزم، وبهامشه: الملل والنحل: الشهرستاني، دار الفكر: 1400 هـ - 1980 م.
(2)
السيرة النبويّة: الندوي: 29 وما بعدها بتصرف.
(3)
انظر (تاريخ العالم) للمؤرخين Historian's of the World. Vol. Vilp. 73 .
(4)
اقرأ كتاب (سقوط دولة روما وانحطاطها) أيدوار ديجيبون: 3 - 5.
وجاء في كتاب (الحضارة ماضيها وحاضرها) تصوير لما كان عليه المجتمع البيزنطي من التناقض والاضطراب، والهيام بالتمتّع والتسلية، وإن وصلت إلى حد القسوة والهمجيّة:
(كان هناك تناقض هائل في الحياة الاجتماعيّة للبيزنطيّن، فقد رسخت النزعة الدينيّة في أذهانهم، وعمت الرهبانيّة، وشاعت في طول البلاد وعرضها، وأصبح الرجل الاعتيادي في البلاد يتدخل في الأبحاث الدينيّة العميقة، والجدل البيزنطي، ويتشاغل بها، كما طبعت الحياة الاعتيادية العامة بطابع المذهب الباطني، ولكن نرى هؤلاء -في جانب آخر- حريصين أشد الحرص على كل نوع من أنواع اللهو واللعب، والطرب والترف؛ فقد كانت هناك ميادين رياضيّة واسعة تتسع لجلوس ثمانين ألف شخص، يتفرجون فيها على مصارعات بين الرجال والرجال أحياناً، وبين الرجال والسباع أحياناً أخرى، وكانوا يقسمون الجماهير في لونين:
لون أزرق!
ولون أخضر!
وكانوا يحبون الجمال، ويعشقون العنف والهمجيّة، وكانت ألعابهم دمويّة ضارية أكثر الأحيان، وكانت عقوباتهم فظيعة، تقشعر منها الجلود، وكانت حياة سادتهم وكبرائهم عبارة عن المجنون والترف، والمؤامرات والمجاملات الزائدة، والقبائح والعادات السيّئة) (1)!
أما مصر -إحدى ولايات الدولة البيزنطيّة- فكانت عرضة لاضطهاد ديني
(1) M. Taylor: Girvilisation. Past and Present. T. Walter. Wallbank and Alastain.