الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يطمئن إلى كفاية الحجيج منها، وهو وحيد وليس معه إلا الحارث، وينو عبد شمس، وبنو عبد الدار، منافسوه في الشرف، يتربّصون به، وهنا تذكر الرواية التي معنا أن عبد المطلب أُريَ مكان زمزم مناماً، وهي رواية -كما قلنا- سندها حسن، وكلمة التاريخ في مصادره العربيّة متفقة على أن إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام، كانت له عين ماء إلى جوار مكان البيت الحرام، أغيث بها ليشرب هو وأمه!
وسبق أن عرفنا في حديثنا عن الخصيصة الأولى من خصائص الجزيرة، كيف أن هذه الجريرة كانت في عزلة موحشة، ونسيان شرود، وأن الرمال قد انفجرت عن زمزم، بعد أن قالت هاجر لإبراهيم حين أراد أن يتركها وإسماعيل، فيما رواه البخاري عن ابن عباس:(آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إِذن لا يضيعنا .. وكانت زمزم عيناً معيناً)!
وكذلك اتفقت كلمة التاريخ على أن هذه العين طمّت، وأن قريشاً لما سكنت مكة وعمرتها، ودانت لها بسلطانها الديني تقاسمت مراتب الشرف في بيوتاتها، فكانت سقاية الحجيج في بني (عبد مناف) يتوارثونها، حتى انتهت إلى (عبد المطلب بن هاشم)، وهو أحوج في هذا الموقف إلى الماء الغزير القريب!
نَذْر عبد المطلب:
ومر أبو جعفر الطبري على قصة حفر زمزم مروراً عابراً، فلم يحفل برواياتها، واكتفى بقوله في صدد الحديث عن مكانة (عبد المطلب)!
وهو الذي كشف عن زمزم، بئر إسماعيل بن إبراهيم (1)!
(1) تاريخ الطبري: 1: 305.
مع أنه روى قبل ذلك بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما:
وقد كان (عبد المطلب) بن هاشم نذر إن توافى له عشرة رهط، أن ينحر أحدهم، فلما توافى له عشرة، أقرع بينهم. أيهم ينحر؟ فطارت القرعة على (عبد الله) بن عبد المطلب، وكان أحب الناس إلى عبد المطلب، فقال (عبد المطلب): اللهم هو أو مائة من الإبل؟ ثم أقرع بينه وبين الإبل، فطارت القرعة على المائة من الإبل (1)!
يقول الدكتور العمري (2): ولم تحدد رواية صحيحة تاريخ عزم (عبد المطلب) على الوفاء بنذره بنحو عبد الله ابنه، لكن رواية ضعيفة من طريق الواقدي تذكر أن ذلك قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين (3)، ولعل هذا يوافق ما ذكره موسى بن عقبة عن الصحابي حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي -ابن أخي خديجة- قال: ولدت قبل الفيل بثلاث عشرة سنة، وأنا أعقل حين أراد (عبد المطلب) أن يذبح ابنه (عبد الله)(4)!
والحادث يوحي بما خطه القدر الإلهي من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم من أبيه عبد الله ابن عبد المطلب!
(1) المرجع السابق: 497، وابن أبي شيبة: المصنف: 4: 1: 55، وانظر الطبقات: 1: 84 - 85، ومصنف عبد الرزاق: 5: 316 - 317، والبيهقي في "الدلائل": 1: 87، والسيرة النبويّة الصحيحة: 1: 93.
(2)
السيرة النبويّة الصحيحة: 1: 93.
(3)
المستدرك: 3: 482 - 483، وتفسير الطبري: 23: 85 ط. ثالثة، الحلبي.
(4)
الإصابة: 2: 112.