الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيادتهم ما استقاموا على الطريقة، حتى إذا انحرفوا عنها وذكروا عنصريتهم وعصبيتهم، وتركوا راية الحق ليرفعوا راية العصبيّة نبذتهم الأرض وداستهم الأمم!
وما العرب بغير الإسلام؟!
ما الفكرة التي قدموها للبشريّة أو يملكون تقديمها، إذا هم تخلوا عن هذه العقيدة؟!
وما قيمة أمة لا تقدم للبشريّة هذه العقيدة؟!
إن كل أمة قادت البشريّة في فترة من فترات التاريخ كانت تمثل فكرة .. والأمم التي لم تكن تمثل فكرة كالتتار الذين اجتاحوا الشرق، والبرابرة الذين اجتاحوا الدولة الرومانيّة لم يستطيعوا الحياة طويلاً، إنما ذابوا في الأمم التي فتحوها، والفكرة الوحيدة التي تقدم بها العرب للبشريّة كانت هي العقيدة الإِسلاميّة .. العقيدة التي رفعتهم إلى مكان القيادة والريادة، فإذا تخلوا عنها لم تعد لهم في الأرض وظيفة، ولم يعد لهم في التاريخ دور، وهذا ما يجب أن يذكره العرب جيداً، إذا هم أرادوا الحياة، وأرادوا القوة، وأرادوا القيادة والريادة، والله الهادي من الضلال!
6 - مكانة العقل:
وسادس ما يطالعنا: أن (العقل) هو المرشد للإنسان (1)، يهديه إلى سواء الطريق، وينير له ظلمات الوجود، ويفتح له مغاليق الكون، ويسدده في مسيره ضارباً في بيداء الزمن، حتى يقضي ما قدِّر له من بقاء!
(1) محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1: 29 وما بعدها بتصرف.
وعلى قدر استعداده الفطري يكون كسبه من تجارب الحياة .. وعلى قدر ما يكسبه من تلك التجارب تكون فائدته .. وعلى قدر هذه الفائدة تكون مكانةُ الفرد في الجماعة ومكانته منها .. ومن ثم يتدخل (العقل) بوساطة الفرد في إرشاد الجماعة وهدايتها وتسديدها، والسمو بها صعداً في مدارج الرقي والكمال!
وإذا كانت الحياة لم تعرف حداً لرقيّ الفرد في الجماعة البشريّة تنتهي إليه، فلا يكون للجماعة نفسها هذا الحد، تقف عنده في رقيّها .. فالحياة متجددة، والمعارف الإنسانيّة متزايدة، و (العقل) البشري دائب العمل، وخزائن الكون لا تزال مغلقة، وأسراره ما برحت محجّبة، وحقائقه ما فتئت مجهولة!
وكيف يقف رقيّ الفرد أو الجماعة عند حد، ومهمّة (العقل) في الحياة هي كشف تلك الأسرار الكونيّة، ومعرفة حقائق الوجود واستخدامها في إفادة الإنسانيّة؟!
ومن الغرور العقلي أن يزعم إنسان أنه وصل إلى درجة من المعارف والعلم بحقائق الكون وأسرار الوجود، تقربه من الكمال المقدور للبشريّة، فالمجهول من تلك الأسرار، وهذه الحقائق، لا يزال أعظم بكثير جداً مما عُرف، والذي عُرف لا يزال الكثير منه مستخدماً في الحياة على غير جهته التي تفيد منها الحياة، فالجهاد أمام (العقل) واسع المدى، فسيح الجنبات!
بيد أن هذه المعارف العقليّة التي لا تنتهي عند حد في الأفراد والجماعات، هي في الواقع المشهود محدودة المنزع، لا تتعدى مشاهد الوجود ومظاهر الكون!