الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمرة الثانية:
حين كرّ (أنطيوخوس)(Antiochus) الرابع، الملقب (أبيقانس)، (ملك أنطاكلية) اليوناني، على (بيت المقدس) سنة 168 ق. م.، وأحرق الصحف المقدسة، ومنع من تلاوة (التوراة)، وممارسة الشعائر اليهودية رسمياً، ونشط يهودا المكابي في جمع الصحف المقدسة وترتيبها، وضم إليها السلسلة الثالثة من (صحف العهد القديم)!
والمرة الثالثة:
حين هجم (تيطس)(titus) الإمبراطور الروماني 40 - 81 على (بيت المقدس) في 7 من سبتمبر سنة 70 م ودمره بما فيه (هيكل سليمان)، وحوله إلى أنقاض وخرائب، واستولى على الصحف المقدّسة، ونقلها إلى بلاطه في روما، تذكاراً للفتح، وأجلى اليهود من القدس، واستعمر غيرهم حول الدينة (1)!
شواهد من دائرة المعارف اليهوديّة:
وقد جاء في دائرة المعارف اليهوديّة ما يلي: (إن الأخبار اليهوديّة، وإن كانت تلح على أن صحف العهد القديم من تأليف الأبطال، أو الشخصيات التي تتحدث عنها هذه الصحف، وذلك لا يبعد عن الصواب، ولكنهم لا يتحرجون في الإقرار بأن بعض هذه الصحف تناولها التعديل والزيادة في العهود المتأخرة)(2)!
وجاء فيها -أيضاً- ما معناه: (إن الكتب الخمسة الأولى من الكتاب
(1) راجع دائرة المعارف اليهوديّة، وقد وردت إشارات إلى هذه الصحف في سفر نحميا وسفر المكابين وغيرها.
(2)
Vellentis's one volume jewish Encyclopaecia london P. 93 .
المقدس (العهد القديم) كما تقول الأخبار اليهوديّة القديمة، من تأليف النبي موسى، باستثناء ثماني آيات أخيرة، جاء فيها الحديث عن موت موسى، وما زال الربيون يعنون بتناقضات واختلافات وردت في هذه الصحف، وما زالوا يصلحونها بحكمتهم ولباقتهم) (1)!
وتزيد هذه الموسوعة: إن (اسفينوزا)(Spiniza) يقول:
(إن الكتب الخمسة الأولى من العهد القديم ليست من تأليف موسى؛ بل هي من تأليف عزرا، وإن آخر ما توصل إليه البحث العلمي، هو أن هذه الكتب (الخمسة الأولى) ترجع إلى ثمانية وعشرين مصدراً (2)، استقيت واستفيدت منها هذه الكتب)!
وجاء فيها ما معناه: (إن سخط الأنبياء وغضبهم على عبادة الأوثان يدل على أن عبادة الأوثان والآلهة، كانت قد تسربت إلى نفوس الإسرائيليّين، ولم تستأصل شأفتها إلى يوم رجوعهم من الجلاء والنفي في بابل، وقد قبلوا معتقدات خرافية مشركة، إن التلمود -أيضاً- يشهد بأن الوثنية كانت فيها جاذبية خاصة لليهود)(3)!
ويدل تلمود بابل الذي يبالغ اليهود في تقديسه، وقد يفضلونه على التوراة، وكان متداولاً بين اليهود في القرن السادس المسيحي، وما زخر به من نماذج غريبة من خفة العقل، وسخف القول، والاجتراء على الله، والعبث
(1) Jewis Encyclopaedia V. 9 .p. 589 .
(2)
المرجع السابق.
(3)
السيرة النبويّة: الندوي: 20 نقلاً عن: Jewis Encyclopaedia vol 11 و 11 × ص 7 و 77
بالحقائق، والتلاعب بالدين والعقل، على ما وصل إليه المجتمع اليهودي في هذا القرن من الانحطاط العقلي، وفساد الذوق الديني (1)!
وقد أورد الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله خلاصة مفيدة عن مكانة (عزرا) عند اليهود، وعلق عليها كذلك تعليقاً مفيداً، ننقل منه هنا ما يفيدنا في موضوعنا، قال (2):
جاء في دائرة المعارف اليهوديّة الإِنجليزيّة ط 1903 م: (إن عصر عزرا هو ربيع التاريخ الملّي لليهوديّة، الذي تفتحت فيه أزهاره، وعبق شذا ورده، وإنه جدير بأن يكون هو ناشر الشريعة (وفي الأصل عربة أو مركبة الشريعة) لو لم يكن جاء بها موسى (التلمود 21 ب) فقد كانت نسيت، ولكن عزرا أعادها أو أحياها، ولولا خطايا بني إسرائيل لاستطاعوا رؤية الآيات (المعجزات) كما رأوها في عصر موسى)!
وذكر فيها أنه كتب الشريعة بالحروف الأشورية -وكان يضع علامات على الكلمات التي يشك فيها- وأن مبدأ التاريخ اليهودي يرجع إلى عهده!
وقال الدكتور (جورج يوسف) في (قاموس الكتاب المقدس): عزرا (عون) كاهن يهودي، وكاتب شهير، سكن بابل، مدة ملك (أرتحششتا) الطويل الباع، وفي السنة السابعة لملكه أباح لعزرا بأن يأخذ عدداً وافراً من الشعب إلى أورشليم نحو سنة 457 ق. م. (عزرا ص 7) وكانت مدة السفر أربعة أشهر!
(1) اقرأ (الكنز المرصود في قواعد التلمود) للدكتور يوسف حنا نصر الله.
(2)
تفسير المنار: 10: 322 وما بعدها بتصرف، دار المعرفة، بيروت، ط. ثانية.
ثم قال: (وفي تقليد اليهود يشغل عزرا موضعاً مُهماً يقابل بموضع موسى وإيليا، ويقولون: إنه أسس المجمع الكبير، وإنه جمع أسفار الكتاب المقدس، وأدخل الأحرف الكلدانية عوض العبرانية القديمة، وإنه ألف أسفار الأيام وعزرا ونحميا)!
ثم قال: (ولغة سفر عزرا من ص 4: 8 - 6: 19 كلدانية، وكذلك ص 7:
1 -
27 وكان الشعب بعد رجوعهم من السبي يفهمون الكلدانية أكثر من العبرانية)!
وأقول (1): إن المشهور عند مؤرخي الأمم، حتى أهل الكتاب منهم، أن التوراة التي كتبها -موسى عليه السلام ووضعها في تابوت العهد أو بجانبه (تث 31: 25، 26) قد فقدت قبل عهد سليمان عليه السلام فإنه لما فتح التابوت في عهده لم يجد فيه غير اللوحين اللذين كتب فيهما الوصايا العشر، كما تراه في سفر الملوك الأول، وأن (عزرا) هذا هو الذي كتب التوراة وغيرها بعد النبي بالحروف الكلدانية، واللغة الكلدانية الممزوجة ببقايا اللغة العبرية التي نسي اليهود معظمها، ويقول أهل الكتاب: إن (عزرا) كتبها كما كانت بوحي أو بإلهام من الله، وهذا ما لا يسلمه لهم غيرهم، وعليه اعتراضات كثيرة مذكورة في مواضعها من الكتب الخاصة بهذا الشأن، حتى من تآليفهم، كذخيرة الألباب للكاثوليك، وأصله فرنسي، وقد عقد الفصلين: الحادي عشر، والثاني عشر، لذكر بعض الاعتراضات على كون الأسفار الخمسة لموسى. ومنها قوله:
(7 - جاء في سفر عزرا (4 ف 14 عدد 21) أن جميع الأسفار المقدسة
(1) المرجع السابق.
حرقت بالنار في عهد (نبوخذ نصر)، حيث قال:(إن النار أبطلت شريعتك، فلم يعد سبيل لأي امرئ أن يعرف ما صنعت ويزاد على ذلك أن عزرا أباح بوحي الروح المقدس تأليف الأسفار المقدسة التي أبادتها النار، وعضده فيها كتبة خمسة معاصرون، ولذلك ترى (ثرثوليانوس) والقديس (إيريناوس) والقديس (إيرونيموس) والقديس (يوحنا الذهبي) والقديس (باسيليوس) وغيرهم، يدعون عزرا مرمم الأسفار المقدسة المعروفة عند اليهود!
نكتفي بهذا البيان هنا، ولنا فيه غرضان:
أحدهما: أن جميع أهل الكتاب مدينون لعزير هذا في مستند دينهم، وأصل كتبهم المقدسة عندهم!
وثانيهما: أن هذا المستند واهي البيان، متداعي الأركان، وهذا هو الذي حققه علماء أوروبا الأحرار، فقد جاء في ترجمته من دائرة المعارف البريطانية بعد ذكر ما سفر (نحميا) من كتابته للشريعة:
(إنه جاء في روايات أخرى متأخرة عنها، أنه لم يعد إليهم الشريعة التي أحرقت فقط، بل أعاد جميع الأسفار العبرية التي كانت أتلفت، وأعاد سبعين سفراً غير قانونية (أبو كريف) ثم قال كاتب الترجمة فيها:
وإذا كانت الأسطورة الخاصة بعزرا هذا قد كتبها من كتبها من المؤرخين بأقلامهم، من تلقاء أنفسهم، ولم يستندوا في شيء منها إلى كتاب آخر، فكتّاب هذا العصر يرون أن أسطورة عزرا قد اختلقها أولئك الرواة اختلافاً)!
(انظر ص 14 جـ 9 من الطبعة الرابعة عشر سنة 1929 م)!