الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إِلى أمِّه (يعني ظئره) فقالوا: إِن محمداً قد قتل: فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره (1)!
وقال: وإننا نلاحظ في ذلك الخبر أمرين (2):
أولهما: أن الخبر فيه أنه غسل بماء من زمزم، ويلاحظ أن الواقعة إن صحّت كانت في البادية، في مكان ناء عن زمزم، وإذا كان من ماء مع جبريل، فمن أين علم أنه من زمزم؟!
وثانيهما: أنه ذكر أنه كان يرى أثر المخيط في صدره عليه السلام وإذا صحت الواقعة فإن المعقول أنه عمل ملك، والملك لا يكون لعمله أثر محسوس!
ونحن نرى أن الأخبار بالنسبة للشق لا تخلو من اضطراب!
وعلى فرض أنها صحيحة، لا نقول إنها غير مقبولة، بل إنا نقبلها إن صحت، ولكن الاضطراب في خبرها يجعلنا نقف غير رادّين ولا مصدقين!
وهذا موقف عجيب، فالرواية صحيحة، ولا وجه لما ذهب إليه بحال!
السنن العامة والخاصة:
وشق الصدر من الإنسان حسيًّا، وإخراج قلبه المحسّ المعروف في التكوين الجسمي للإنسان بأنه لحمة صنوبريّة الشكل داخل القفص الصدري (3)،
(1) سبق تخريجه.
(2)
خاتم النبين: 1: 154.
(3)
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1: 137 وما بعدها بتصرف.
وسطه مائلاً إلى الجهة اليسرى قليلاً في الأعم الغالب، وتتصل به مفاتيح الحركة الدمويّة، ومغاليقها، وقنواتها .. ثم فتح هذا القلب فتحاً ماديًّا حسيًّا، وإخراج علقة دمويّة منه، وغسله بالماء ثم إعادته إلى مكانه بعد خياطته، وخياطة الصدر، والتئامه مع بقاء الحياة الإنسانيّة بعد ذلك .. كانت أموراً تأباها قوانين الحياة العامة، وتنكرها معارف العقول، وتردها أبسط قضايا العلم، وبداءة المنطق في تاريخ الحياة، ما دام الإنسان لم يؤمن بالله وبقدرة الله!
فإذا وقعت وشهدتها الحياة الوجوديّة، كانت من غير شك جارية على غير ما ألفته العقول من سنن الحياة، وعلى غير ما عرفه العلم التجريبي في قوانين الحياة، بل تكون جارية على سنن خاصة خارقة لمتعارف العقول، متخطية قضايا العلم في تجاربه الحسيّة!
وهذه السنن الخاصة لا ينكرها العقل؛ لأنه دائب البحث في أسرار الكون وسنن الله فيه، ولا يزال يكشف عن كثير من هذه الأسرار والسنن بما كان يجهله!
ولم يقف هذا العقل عند هذه القضايا العلميّة المعروفة له باعتبارها نهايات لمدركاته، ولم يؤمن بأنها هي الغاية لجولاته في الكون المحجّب بسحائب الغيب؛ بل هو مؤمن أشدّ الإيمان أن وراء ما وصل إليه من حقائق أموراً كثيرة لم تُكتشف له، وهو دائب العمل في سبيل إدراك المجهول من حقائق الكون، وسنن الله المنظمة لوجود هذا الكون العظيم!
والراسخون من علماء الكونيّات يرون أن ما وصلوا إليه في الكشف عن