الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما ما استدل به بعضهم على نقض الوضوء من ألبان الإبل، وهو ما رواه ابن ماجة عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا توضئوا من ألبان الغنم، وتوضئوا من ألبان الإبل» . وما رواه ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «توضئوا من لحوم الإبل، ولا تتوضئوا من لحوم الغنم، وتوضئوا من ألبان الإبل، ولا توضئوا من ألبان الغنم، وصلُّوا في مُراح الغنم ولا تصلوا في معاطن الابل» . فهما حديثان ضعيفان، في الأول حجَّاج بن أرطأة ضعيف، وفي الثاني بقية بن الوليد ضعيف، وخالد بن يزيد بن عمر مجهول الحال، فلا يصلحان للاحتجاج، فيسقط قولهم.
مسائل
المسألة الأولى
ما ينقض الطهارة الكبرى يعتبر ناقضاً للوضوء كالجماع وإنزال المني والردة عن الأسلام والحيض والنفاس، ولم نذكرها في نواقض الوضوء مكتفين بإدراجها في موجبات الغسل، وقد مرَّت.
المسألة الثانية
إذا شفي دائم الحَدَث مثل مَن به سَلَسُ البول أو الريح أو المستحاضة انتقض وضؤوه بمجرد حصول الشفاء، لأن طهارة هؤلاء طهارة ضرورة تقَدَّر بقدرها، ومثلهم صاحب الجبيرة فإنه إذا شفي جرحه أو جُبر كسره انتقض وضؤوه. وهذه الحالات كحال المتيمِّم طهارتهُ مرهونةٌ بوجود الماء، فإذا وجد الماء بطلت طهارته وبطل تيمُّمه.
المسألة الثالثة
من تيقَّن الطهارة، أي الوضوء، ثم شك هل انتقض وضؤوه أم لا فهو على طهارته، باق وضؤوُه، لما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخَرج منه شيءٌ أم لا، فلا يخرجنَّ من المسجد حتى يسمع صوتاً
أو يجد ريحاً» رواه مسلم والترمذي وأبو داود. ولما روى عباد ابن تميم عن عمه «شُكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجلُ يخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» رواه مسلم والبخاري وأحمد وأبو داود والنَّسائي. قوله حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً: لا يعني وقوعَ الشيئين بالضبط بقدر ما يعني تيقن الخروج، فقد يحِسُّ بخروج الريح دون أن يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، فينتقض وضؤوه في هذه الحالة أيضاً. والحديثان يفيدان اطِّراح الشكوك والوساوس، والبناءَ على المتيقن، وهما إن ذكرا الريح كناقض فإنما ذكراه كمثالٍ فحسب، وإلا فكلٌّ ناقض يشمله الحديثان أيضاً. فلو شك في أنَّه بال أو شك في أنه تغوَّط، أو شك في أنه مسَّ فرجه فإن وضوءه باق، وهكذا. وأما ذِكْرُ المسجد في الحديث الأول فليس يفيد التقييد، وكذلك القول في ذِكْرِ الصلاة في الحديث الثاني، فالوضوء باق ولا يُنقض بالشك سواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها، وسواء كان في المسجد أو خارجه، وهذا مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف، إلا أن عبد الرزاق روى عن الحسن وإبراهيم النخعي قولهما إنه يلزمه الوضوء إن كان الشك حصل خارج الصلاة، ولا يلزمه الوضوء إن كان شكُّه في الصلاة، وهذا رأيٌ ظاهرُ الضعف.