الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما أن هذا الاغتسال سُنة وليس فرضاً فلِما روى ابنُ خُزَيمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه «صُبُّوا عليَّ من سبع قرب لم تُحْلل أَوكِيَتُهُنَّ لَعلِّي أستريح فأعهد إلى الناس، قالت عائشة: فأجلسناه في مِخْضَبٍ لحفصة من نحاس، وسكبنا عليه الماء منهن، حتى طفق يُشير إلينا أن قد فعلتنَّ، ثم خرج» فقوله عليه الصلاة والسلام «لعلِّي أستريح» يدل على القصد من اغتساله، وأنه بالتالي لم يكن اغتسالَ فرضٍ واجب.
غُسل من غسَّل ميتاً
وردت فيه الأحاديث التالية:
1-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من غَسَّل مَيْتاً فلْيغتسل، ومن حمله فلْيتوضأ» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حِبَّان والبيهقي.
2-
عن عبد الله بن الزُّبير عن عائشة أنها حدَّثته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يُغتَسَلُ من أربع: من الجنابة ويوم الجمعة وغُسل الميت والحِجامة» رواه ابن خُزَيمة والبيهقي وأبو داود.
3-
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من غسَّل ميتاً فلْيغتسل» رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وابن ماجة. ورواه التِّرمذي وحسنه. وصحَّحه ابن حزم.
4-
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس عليكم في غُسل ميتكم غُسل إذا غسَّلتموه، إنه مسلم مؤمن طاهر، وإن المسلم ليس بنجس، فحسبُكم أن تغسلوا أيديكم» رواه البيهقي.
5-
عن عبد الله بن أبي بكر «أنَّ أسماء بنت عُمَيس غَسَّلت أبا بكر الصِّدِّيق حين توفي، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إني صائمة وإنَّ هذا يوم شديد البرد، فهل عليَّ مِن غُسل؟ فقالوا: لا» رواه مالك.
6-
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال «دخل علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بموت أبي طالب، فقال: اذهب فاغسله، ولا تُحْدِثنَّ شيئاً حتى تأتيني، فغسلته وواريته ثم أتيته، فقال: اذهب فاغتسل» رواه البيهقي.
7-
عن ابن عمر رضي الله عنه قال «كنا نغسل الميت فمنَّا مَن يغتسل ومنَّا من لا يغتسل» رواه البيهقي والخطيب. وصححه ابن حجر.
وقد اختلف الأئمة في حكم الاغتسال من غسل الميت، فذهب علي وأبو هريرة في رواية عنهما، وابن حزم إلى وجوب الاغتسال. وذهب مالك وأحمد وأصحاب الشافعي إلى أن الاغتسال مُستحبٌّ، وذهب أبو حنيفة والليث إلى أن الاغتسال لا يجب ولا يُستحب.
وقبل أن نعمد إلى استنباط الحكم، لِننْظُر في هذه النصوص حتى نتبين الصالح منها للاستدلال من غير الصالح. الحديث الأول قال فيه البيهقي (قال البخاري: إن أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله قالا لا يصح في هذا الباب شيء) ، وقال (هو الصحيح موقوفاً على أبي هريرة كما أشار إليه البخاري) . والحديث الثاني ضعَّفه أحمد بن حنبل والبخاري وأبو داود. والحديث الرابع رواه البيهقي من طريقين، وقال عن إحداهما (لا يصح رفعه) ، وقال عن الأخرى (هذا ضعيف) . والحديث السادس ضعَّفه البيهقي، فقد قال (فيه علي بن أبي علي اللهبي، ضعيفٌ جرَّحه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وجرَّحه البخاري وأبو عبد الرحمن النَّسائي) . وإذن فإن الأحاديث: الأول والثاني والرابع والسادس ضعيفة، فتسقط عن مرتبة صلاحها للاستدلال، فيبقى عندنا الحديث الثالث والحديث الخامس والحديث السابع.