المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أما عن استشهادهم بالآية {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا} فأقول: نعم - الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة - جـ ١

[محمود عبد اللطيف عويضة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولأحكام المياه

- ‌الماء الطَّهور

- ‌الماءُ النَّجِس

- ‌ الماء المستعمَل

- ‌ فضل الماء في حديثين

- ‌تطبيقاتٌ على الماء

- ‌سُؤْر الحيوان

- ‌الفصل الثاني أعيانُ النجاسات

- ‌ البول

- ‌النجاساتُ من الإنسان

- ‌الغائط:

- ‌ المَذِي:

- ‌ الوَدِي:

- ‌النجاساتُ من الحيوان

- ‌2. الخنزير:

- ‌3. الميتة:

- ‌النجاسةُ المشتركة بين الإنسان والحيوان

- ‌الدم المسفوح

- ‌النجاسةُ من غير الإنسان والحيوان

- ‌الخمر:

- ‌شُبُهات

- ‌أولاً: بول ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل:

- ‌ثانياً: الميتة وأجزاؤها من حيث النجاسة:

- ‌ثالثاً: نجاسة الدم:

- ‌رابعاً: ما يُظنُّ أنه نجس:

- ‌أ - النبيذ:

- ‌ب - لحوم الحُمُر الأهلية:

- ‌ج - الصَّديد:

- ‌هـ- القيء:

- ‌الفصل الثالث أحكامُ النجاسة

- ‌تمهيد

- ‌حكمُ الانتفاعِ بالنَّجِس

- ‌هل يجب العدد في إزالة النجاسة

- ‌ما يُستعمل في إزالة النَّجِس

- ‌تطهيرُ المتنجس

- ‌الاستحالة

- ‌الفصل الرابعأحكامُ وآدابُ قضاء الحاجة

- ‌أحكامُ وآدابُ قضاء الحاجة في الخلاء

- ‌أحكامُ وآدابُ قضاء الحاجة في البيوت والعُمران

- ‌الفصل الخامسسُنَنُ الفِطرة

- ‌السواكُ

- ‌قصُّ الشَّارب

- ‌إعفاءُ اللحية

- ‌نتفُ الإبط

- ‌قصُّ الأظفار

- ‌غسل البراجم

- ‌حلقُ العانة

- ‌الخِتان

- ‌الفصل السادسالسُّننُ المُلحقة بالفِطرة

- ‌ أحكام الشَعَر

- ‌1. إكرام الشعر

- ‌2. نتف الشعر الأبيض:

- ‌3. صبغ الشعر الأبيض:

- ‌4. وصل الشعر:

- ‌5. نفش الشعر:

- ‌6. فرق الشَّعَر:

- ‌الفصل السابعالأغسالُ المستحبَّة بالنصوص

- ‌غسلُ يوم الجمعة

- ‌غُسل الإحرام ودخول مكة

- ‌غُسل مَن أُغمي عليه

- ‌غُسل من غسَّل ميتاً

- ‌الفصل الثامنالغُسل

- ‌صفة الغُسل

- ‌الغُسل المُجْزئ

- ‌الغُسل الأكمل

- ‌تفصيلات تتعلق بالغسل

- ‌الفصل التاسعمُوجباتُ الغُسل

- ‌أولاً: الجنابة

- ‌أحكامُ الجُنُب

- ‌ثانياً: إسلام الكافر

- ‌ثالثاً: الموت

- ‌رابعاً: الحيض

- ‌أحكام الحائض

- ‌الأمور الثلاثة التي تختلف فيها الحائض عن الجُنُب

- ‌دمُ الحيض ومدَّته

- ‌المستحاضة وأحكامها

- ‌خامساً: النفاس والولادة

- ‌الفصل العاشرالوضوء

- ‌تعريف الوضوء ومشروعيته

- ‌فضلُ الوضوء

- ‌صفةُ الوضوء

- ‌1ـ النِّيَّة:

- ‌2ـ التسمية:

- ‌3 ـ غسل الكفين:

- ‌4 ـ المضمضة:

- ‌5- التَّسوُّك:

- ‌6- الاستنشاق والاستنثار:

- ‌7- غسل الوجه:

- ‌8- غسل اليدين إلى المرفقين:

- ‌9- مسح الرأس:

- ‌10- مسح الأذنين:

- ‌11- غسل الرِّجلين إلى الكعبين:

- ‌12- غسل الأعضاء سوى الرأس والأُذنين ثلاثاً:

- ‌13- الترتيب:

- ‌14- التيمُّن:

- ‌15- الموالاة:

- ‌الدعاءُ عقب الفراغ من الوضوء:

- ‌الصلاة ركعتين عقب الفراغ من الوضوء:

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثة

- ‌ما يُستحبُّ له الوضوء

- ‌ما يُلبس على الرأس

- ‌ما يُعْصَب على الجُرح والجَبيرة

- ‌ما يُلبس في القدم

- ‌1) الخارج من السبيلين

- ‌2) خروج الدم

- ‌3) القَيء

- ‌4) مسُّ الفرْج

- ‌5) النوم

- ‌6) أكل لحم الجَزور

- ‌مسائل

- ‌المسألة الخامسة: لمس المرأة لا ينقض الوضوء

الفصل: أما عن استشهادهم بالآية {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا} فأقول: نعم

أما عن استشهادهم بالآية {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا} فأقول: نعم هذا نصٌ يفيد حصر الوضوء والاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس بالماء، وهذا لا خلاف فيه بيننا، لأن طلب الآية عدم الانتقال إلى التراب إلا إذا عدم الماء، دليل على وجوب استعمال الماء في هذا الصنف من الطَّهارات، ولكن أَنْ يُستشهد بهذه الآية وهذا الحصر على موضوع البحث فهو خلط وخطأ، لأن البحث موضوعه إزالة النجاسة وليس الوضوء والأغسال المطلوبة شرعاً، فهذان موضوعان مختلفان. فالوضوء والأغسال عبادات محضة تحتاج إلى نيَّة، وإزالة النجاسات ليست كذلك فافترقا، وإذن فلا قياس. فالماء واجبٌ وحده في الطَّهارات الخاصة بالعبادة، ولكنه ليس واجباً مطلقاً في إزالة النجاسات، لأن الاثنين مختلفان تماماً فيسقط الاستدلال بهذه الآية الكريمة على ما ذهبوا إليه.

أما الرأي الثاني فهو صحيحٌ جملةً ولكنَّ أصحابه وقعوا في أخطاء، فاستشهادهم بحديث الولوغ ضعيف ولا يفيدهم، وكان الأَوْلى بهم أن يستشهدوا بما استشهدنا به من أدلة مختلفة على إزالة النجاسات بوسائل متعددة ويكتفوا به، أما قولهم إن الحديث أطلق الغسل ولم يقيده بالماء فهو تعِلَّة، فإن معظم أحاديث إزالة النجاسات ذكرت الماء، فماذا يقولون بها؟.

والخلاصة هي أن كل ما يصلح لقلع النجاسة من المكان المراد تطهيره يصح استعماله في الإزالة شرعاً، وأن الشرع طلب قلع النجاسة دون تحديد ودون تقييد.

‌تطهيرُ المتنجس

ص: 154

الأصل في تطهير المتنجِّس إزالة عين النجاسة وقلعها من الموضع الذي حلت فيه دون أن تُخلِّف أثراً، ولكن هناك نجاسات إذا أصابت الموضع أحدثت فيه أثراً ثابتاً يصعب خلعه أو قلعه كلِّيَّة من الموضع كدم الحيض مثلاً وكالدَّم عموماً، خاصة إن جفَّ، ولكن الله الرحيم اللطيف خفف عن المسلمين في هذه الحال، فعفا عن بقاء الأثر بعد عملية الغسل، فعن أبي هريرة «أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حج أو عمرة فقالت: يا رسول الله ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، قال: فإذا طهُرتِ فاغسلي موضع الدم ثم صلي فيه، قالت: يا رسول الله إن لم يخرج أَثرُه؟ قال: يكفيك الماء ولا يضرُّك أثره» رواه أحمد والبيهقي وأبو داود. فقول رسول الله عليه الصلاة والسلام «ولا يضرُّك أثره» صريح الدلالة على العفو عن بقاء أثر الدم في الثوب بعد عملية الغسل.

ص: 155

ولكن الأفضل والأَوْلى أن يُغسل بموادَّ حادةٍ تزيله أو تغيِّر لونه على الأقل، لما رُوي عن معاذة قالت «سألتُ عائشة رضي الله عنها عن الحائض يصيب ثوبَها الدم، قالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره فلْتغيِّره بشيء من صُفْرة، قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حِيَضٍ جميعاً لا أغسل لي ثوباً» رواه أبو داود والدارمي. ولما رُوي عن عدي بن دينار أنه قال: سمعت أم قيس بنت محصن تقول «سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب قال: حُكِّيه بضِلْع واغسليه بماء وسدر» رواه أبو داود وأحمد والنَّسائي وابن ماجة ورواه ابن خُزَيمة وابن حِبَّان. قال ابن القطان: إسناده في غاية الصحَّة. قوله الضلع - بتسكين اللام وفتحها -: أي هو العود. فقول الحديث «اغسليه بماء وسِدْر» يدل على طلب استعمال الحادِّ لأن السِّدر آنذاك يماثل الصابون عندنا، فهذا الحديث يطلب من المسلم أن يجتهد في إزالة أثر النجاسة باستعمال مادَّة حادَّة. وروى سليمان بن سُحيم عن أمية بنت أبي الصَّلت عن امرأة من بني غِفار قد سمَّاها لي، قالت «أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيبة رحله، قالت: فوالله لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح فأناخ، ونزلتُ عن حقيبة رحله فإذا بها دم مني، فكانت أول حيضة حضتها، قالت: فتقبَّضْتُ إلى الناقة واستحييت، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بي ورأى الدم قال: ما لك لعلك نُفِستِ؟ قلت: نعم قال: فأصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء فاطرحي فيه ملحاً، ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم، ثم عودي لمركبك

» رواه أبو داود. فهذه الأحاديث متعاضدة في الطلب من المسلمين إزالة النجاسة باستعمال الموادِّ الحادَّة، ولكن سائر الأحاديث تطلب استعمال الماء فحسب في الإزالة، مما يدل على أن المواد الحادَّة ليست واجبة بل مستحبَّة فحسب.

ص: 156

أما ما يقوله بعض الأئمة من تطهير السمن المتنجِّس بصبِّ ماء كثير عليه وخضِّه فيه، ثم تركه يهدأ حتى يطفو فوق الماء فيُؤخذ طاهراً فلا أذهب إليه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حين سُئِل عن السمن وقعت فيه فأرة فماتت فنجَّسته قال «ألقوها وما حولها فاطرحوه، وكلوا سمنكم» رواه البخاري وغيره وقد مرَّ. فقد أمر بإلقاء الميتة وما حولها من السمن وطرحه ولم يأمرهم بتطهيره. وأما ما قاله الفقهاء من أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمر، أو لم يأذن بتطهيره لأن ذلك أمرٌ يشق على الناس فهو قولٌ لا دليل عليه.

أما تطهير النِّعال، فيكفي فيه الدلك بالأرض دون الغسل، خلافاً لمن أوجبوا الغسل، لحديث أبي هريرة المار «إذا وطيء أحدكم بنعليه الأذى فإن التراب له طهور» رواه أبو داود وابن حِبَّان. وقولهم بغسل النعل هو قياس على غسل ما أصابه الدم والخمر وغيرهما، والقياس لا يصمد أمام النص القائل بالوطء والمسح بالأرض.

وحبل الغسيل المتنجِّس تطهِّره الشمس بالتجفيف، والأرض التي بال فيها الإنسان أو الكلب مثلاً تطهِّره الشمس كذلك بالتجفيف دون فعلٍ من الإنسان، والأرض المتنجِّسة تطهِّرها مياه الأمطار دون فعلٍ من الإنسان، لأن إزالة النجاسة كما أسلفنا لا تحتاج إلى نيَّة، ولا تحتاج بالضرورة إلى فعل الإنسان، فكل متنجِّس يمكن تطهيره بفعل الإنسان بالماء وبغير الماء كما يمكن اعتباره طاهراً بغير فعل الإنسان، خلافاً للوضوء وأغسال الجنابة وأمثالها التي لا تحصل إلا بفعل الإنسان وبِنيَّة معاً. فالمسلم إذا انتقض وضوؤه أو أصابته جنابة ثم سبح في بركة ماء أو في البحر لا يصير متوضئاً ولا رافعاً للحدث الأكبر بمجرد السباحة، خلافاً لرأي بعض الفقهاء.

ص: 157