الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والخلاصة هي أن وصل الشعر بما يماثله من شعر الآدمي، أو يشابهه من شعر الحيوان أو الخيوط الصناعية حرام كله، وما سوى ذلك مما لا يخفى ويبدو متمايزاً مغايراً للشعر فجائز لا إثم فيه، وهو من الزينة التي أباحها الله سبحانه للنساء كالقرامل، وغرز الأزهار الصناعية والطبيعية، ولبس الأطواق وتوشيته بأصناف الزخارف التي تبدو أنها ليست شعراً، فكل ذلك جائز.
5. نفش الشعر:
إن ما تفعله النساء في هذه الأيام من رش شعورهن بمواد تُصلِّب الشعر فيبدو كثيفاً منتصباً، أو تسليطِ هواء ساخن يخرج من أداة كهربية يسمينها السِّشْوار يؤدي إلى نفش الشعر وجعله يبدو أكبر من حجمه، هو جائز ولا يدخل تحت النهي عن الوصل، ولا يقال إنه تغيير في شكل الشعر وحجمه وإنه بالتالي تزوير وتدليس، لا يقال ذلك وإلا لكان دهن الشعر وتلبيده وتضفيره حراماً، لأنه يغير من شكله وحجمه، والتلبيد جائز لما روى البخاري «كان ابن عمر يقول: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مُلبِّداً» وضغط الشعر لتسكين ثائِرِه جائز لحديث عطاء بن يسار المارِّ في بحث [إكرام الشعر] .
6. فرق الشَّعَر:
يجوز فرق الشعر لما رُوي أنَّ ابن عباس رضي الله عنه قال «كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبُّ موافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤْمر فيه، وكان أهل الكتاب يَسْدِلون أشعارهم، وكان المشركون يفرُقون رؤوسهم، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد» رواه البخاري ومسلم والنَّسائي.
حكمُ الاكتحال والتَّطيُّب
وردت في الاكتحال والتًّطيُّب أحاديث كثيرة نذكر منها ما يلي:
1-
عن ابن عباس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له مكحلة يكتحل بها كل ليلة، ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه» رواه الترمذي وحسَّنه. ورواه ابن حِبَّان.
2-
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير أكحالكم الإِثْمِد، يجلو البصر ويُنبت الشَّعر» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي والدارمي وابن ماجة. والإِثمِد هو حجر الكحل المعروف لونه أسود يضرب إلى الحمرة.
3-
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «حُبِّبَ إليَّ من الدنيا النساءُ والطِّيبُ، وجُعِل قُرَّةُ عيني في الصلاة» رواه أحمد والنَّسائي والبيهقي. ورواه الحاكم وصحَّحه، وحسنه ابن حجر والسيوطي، وجوَّد العراقي إسناده.
4-
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من عُرض عليه طيبٌ فلا يردَّه، فإنه خفيف المحمل طيِّب الرائحة» رواه النَّسائي وأبو داود. ورواه مسلم بلفظ «من عُرض عليه ريحان فلا يردَّه
…
» ورواه الترمذي عن النهدي بلفظ «إذا أُعطي أحدكم الرَّيْحان فلا يردَّه
…
» .
5-
عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال «ذُكر المِسك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هو أطيب الطِّيب» رواه أحمد ومسلم والحاكم ومالك والنَّسائي.
6-
عن محمد بن علي قال «سألتُ عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطيَّب؟ قالت: نعم بذِكارة الطِّيب: المسكِ والعنبر» رواه النَّسائي. والذِّكارة: ما يصلُح للذكور.
7-
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «طِيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه» رواه النَّسائي والبيهقي وأبو داود. ورواه الترمذي وحسنه.
8-
عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «غُسل يوم الجمعة على كل محتلم، وسواك، ويمس من الطّيب ما قدر عليه
…
ولو من طِيب المرأة» رواه مسلم وأحمد. وروى البخاري من طريق سلمان بلفظ «ويدَّهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج» .
9-
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّزعفر للرجال» رواه الترمذي وأبو داود والبخاري ومسلم.
10-
عن يعلى بن مرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً مُتخلِّقاً قال: اذهب فاغسله، ثم اغسله، ثم لا تَعُد» رواه التِّرمذي والنَّسائي وأحمد. قال التِّرمذي: هذا حديث حسن. قوله متخلِّقاً: أي مطليَّاً بالخَلوق، وهو طيب تغلب عليه الحُمرة والصُّفرة.
11-
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم «كل عينٍ زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس فهي كذا وكذا، يعني زانية» رواه الترمذي والنَّسائي وأحمد والدَّارمي. قال التِّرمذي: حديث حسن صحيح.
والاكتحال هو وضع الكُحل في الجفون لتقويتها وتجميلها، وهو يتحقق باستعمال أية مادة صالحة وليس الإِثْمِد فحسب، فكل مادة سوداء ناعمة تثبت في الأجفان يجوز الاكتحال بها، فيجوز الاكتحال بالكحل السائل الذي يوضع بالفرشاة، ويجوز الاكتحال بالكحل الصلب المصنوع على هيئة الأقلام، كما يجوز الاكتحال بالكحل المسحوق باليد أو بالمِيل. والكحل زينة مشتركة للرجال والنساء فلا يكون أحدهما مُتَشَبِّهاً بالآخر إن هو اكتحل. ويُندب للرجل وللمرأة إن هما اكتحلا أن يُوتِرا، بأن يكتحلا في كل عين ثلاثاً أو خمساً أو أقل أو أكثر، وذلك للحديث الأول، ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام يحثّ على الوتر «
…
إن الله وتر يحب الوتر» رواه مسلم والبخاري وأحمد وأصحاب السُّنن. وهذا الفعل من قبل الرجال قد أوشك على الانقراض. والاكتحال يجوز للنساء الظهور به على أن لا يكون صارخاً يُلفت نظر الرِّجال، فيكون من التبرُّج المُحرَّم. أما التَّطيُّب فهو أيضاً مشترك بين الرجال والنساء، وحكمه الندب، فالحديث الرابع يقول «مَن عُرض عليه طيبٌ فلا يردَّه» وهو عام يشمل الرجال والنساء، وكذلك الحديث الخامس.
إلا أن هناك فارقاً بين طيب الرجال وطيب النساء ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابع، وهو أن طيب الرِّجال له رائحة وليس له لون، كالمسك والعنبر والعود والعطور والبخُّور التي لا لون لها، وأن طيب النساء ما له لون وليست له رائحة، كالزَّعفران والخَلوق وأشباههما، يدل على هذا الحديثان التاسع والعاشر، اللهم إلا أن تستعمل النساء ما له رائحة في بيوتهن وأمام محارمهن والنساء فحسب فإن ذلك جائز، لأن هؤلاء يحل لهم الاطِّلاع على زينة المرأة، فإن فعلت فلا يحل لها الظهور به أمام الرجال الأجانب ولا الخروج به، وإلا وقعت تحت تحذير الحديث الحادي عشر الذي يفيد التَّشديد في التَّحريم، والحديث الذي رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيُّما امرأةٍ أصابت بخُّوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي.
وفي المقابل فإنه يجوز للرجال التَّطيُّب بما له لون إن عدم ما له رائحة دون لون، ودليل ذلك الحديث الثامن. ولكن ينبغي أن يكون ذلك في أضيق الحدود، كما لو استعمله في أيام عرسه، بدليل ما رُوي عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه رَدْعُ زعفران، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَهْيَم؟ فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، قال: ما أصدقتَها؟ قال: وزن نواةٍ من ذهب، قال: أولِم ولو بشاة» رواه أبوداود. ورواه أحمد ولفظه «لقي عبد الرحمن بن عوف وبه وَضَرٌ من خَلوق
…
» والرَّدع هو أثر الطيب. وكلمة مهيم كلمة استفهام معناها ما شأنك؟ والوضَر هوالأثر. فهذا الحديث يذكر مرة الزعفران، وهو نبات يُصبغ به فيعطي صفرة، ومرة الخَلوق، وهو يعطي حمرة وصفرة. والزعفران والخَلوق من طيب النساء إلا أن عبد الرحمن قد استعملهما في أيام عرسه، فلم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
والاكتحال والتعطر مندوبان للرجال والنساء إلا في حالة الحداد فيَحْرُمان، فلا يصح للمعتدَّة المتوفَّى عنها زوجها أن تكتحل وتتطيب طيلة فترة العدة وهي أربعة أشهر وعشرة
أيام وسائر النساء ثلاثة أيام فحسب، وقد وردت عدة أحاديث تبين هذا الحكم أذكر منها:
1 -
عن أم سلمة رضي الله عنها «أن امرأة توفِّي زوجها فخشوا على عينيها، فأتَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنوه في الكُحل، فقال: لا تكتحل، قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها
- أو شرِّ بيتها - فإذا كان حولٌ فمرَّ كلبٌ رمت ببعرة، فلا حتى تَمضي أربعةُ أشهر وعشرٌ» رواه البخاري ومسلم وأحمد. والأحلاس: هي الثياب.
2 -
عن زينب بنت أبي سلمة قالت «دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيبٍ فيه صُفرة خَلوق أو غيره، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضَيْها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحدُّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً
…
» رواه مسلم والبخاري وأحمد.
ولكن رُخِّص للمعتدَّة إذا طهرت من الحيض وأرادت الاغتسال أن تمس شيئاً من المواد المُزيلة للروائح لإزالة رائحة دم الحيض، لما روت أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «
…
ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهُرت نُبْذة من قُسْطٍ أو أَظفار» رواه مسلم. والقُسط والأظفار: هما نوعان من البخور.
أما المطلَّقة فإنه لم يرد فيها أي نصٌّ يفيد وجوب امتناعها عن التزيُّن ومنها الاكتحال والتطيُّب، فلا يحرم عليها ذلك، لا فرق بين المدخول بها وغيرها، ولا بين الرجعية والبائنة خلافاً لعدد من الفقهاء الذين يُلحقونها بالمعتدَّة في وجوب الامتناع عن التَّزين. ونحن هنا لسنا بصدد بحث هذه المسألة تفصيلاً، وحسبنا هذه الإشارة فحسب.