الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الحديث الثالث فيقول «من غسَّل ميتاً فلْيغتسل» فهو يأمر بالاغتسال، والأمر يفيد مجرد الطلب، والقرينة هي التي تحدِّد أياً مِن أنواع الطلب هو المقصود، وليس في هذا الحديث قرينة، ولكننا نجد القرينة في الحديث الخامس والحديث السابع. أما الخامس فإن عدداً من الصحابة المهاجرين أفتَوْا زوجة أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنهما بأنه لا غُسل عليها من تغسيل الميت، وقد أفتَوْها بعد أن قالت «إني صائمة وإن هذا يومٌ شديد البرد» وهذا الجواب من الصحابة ينفي وجوب الغُسل. وأما السابع فهو أن ابن عمر قال «منا من يغتسل ومنا من لا يغتسل» وهذا الفعل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي أيضاً وجوب الغسل، فلا يبقى أمامنا إلا الإباحة وإلا الندب فحسب. وحيث أن الغُسل مندوب لأنه تنظيف، فإن قوله عليه الصلاة والسلام «مَن غسَّل ميتاً فلْيغتسل» يجعله يُحمَل على الندب والاستحباب، والمندوب يصح تركه، وهذا ما يفسر ترك ناس من الصحابة لهذا الغسل، وما يفسر فتواهم لامرأة أبي بكر - وكانت صائمة وكان اليوم آنذاك شديد البرد - بأن لا غُسل عليها. ومن ذلك يترجح رأي مالك وأحمد والشافعية القائل بالاستحباب.
الفصل الثامن
الغُسل
الغُسل بالضم اسم للاغتسال، والماء الذي يُغتسل به، وبالفتح المصدر، وحقيقة الغُسل جريان الماء على الأعضاء دون الحاجة إلى الدلك. وقد جاء الأمر به في القرآن الكريم، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تَقْرَبوا الصَّلاةَ وأَنتم سُكَارى حتى تَعلَمُوا ما تَقُولُون ولا جُنُباً إلا عابِري سبيلٍ حتى تَغْتَسِلوا} الآية 43 من سورة النساء. كما جاءت الأحاديث تأمر به وتبيِّن صفته وكيفيته.
صفة الغُسل
وردت في صفة الغسل الأحاديث التالية:
1-
عن عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يُفرغ بيمينه على شماله فيغسل فَرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيُدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه» رواه مسلم والبخاري. وفي روايةٍ للبخاري «
…
ثم يخلِّل بيده شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات
…
» .
2-
عن ميمونة رضي الله عنها قالت «وضعتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماء يغتسل به، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثاً، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيرَه، ثم دلك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ويديه، وغسل رأسه ثلاثاً، ثم أفرغ على جسده، ثم تنحَّى من مقامه فغسل قدميه» رواه البخاري ومسلم. وفي روايةٍ للبخاري عن ميمونة رضي الله عنها «
…
قالت: فأتيته بخِرقة فلم يُرِدْها، فجعل ينفض بيده» . وفي روايةٍ لمسلم «
…
ثم أتيته بالمنديل فردَّه» .
3-
عن عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل» رواه النَّسائي وأبو داود وأحمد وابن ماجة. ورواه التِّرمذي وقال: حسن صحيح.
4-
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت «قلت يا رسول الله إني امرأة أشدُّ ضَفْرَ رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تُفيضين عليك الماء فتطهرين» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي.
5-
عن ثوبان أنهم استفتَوْا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك - يعني الغسل من الجنابة - فقال «أما الرجل فلْينشر رأسه فلْيغسله حتى يبلغ أصول الشعر، وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضَه، لتغرف على رأسها ثلاث غَرَفات بكفَّيها» رواه أبو داود بسند قوَّاه الشوكاني.
6-
عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة، وفيه «
…
ثم مضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً، ثم صبَّ على رأسه وجسده الماء، فإذا فرغ غسل قدميه» رواه البيهقي وصححه ابن حجر.
7-
عن أبي سلمة قال «دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة فسألها أخوها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم، فدعت بإناءٍ نحوٍ من صاع فاغتسلتْ وأفاضتْ على رأسها، وبيننا وبينها حجاب» رواه البخاري.
8-
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قالت ميمونة «وضعتُ للنبي صلى الله عليه وسلم ماء للغسل فغسل يديه مرتين أو ثلاثاً، ثم أفرغ على شماله فغسل مذاكيره، ثم مسح يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه ثم أفاض على جسده، ثم تحول من مكانه فغسل قدميه» رواه البخاري. وفي رواية أخرى له عنها «توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءَه للصلاة غير رجليه، وغسل فرجه وما أصابه من الأذى، ثم أفاض عليه الماء، ثم نحَّى رجليه فغسلهما
…
» . وفي رواية ثالثة له عنها «أفرغ بيمينه على يساره فغسلهما ثم غسل فرجه، ثم قال بيده الأرض فمسحها بالتراب ثم غسلها ثم تمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه وأفاض على رأسه، ثم تنحَّى فغسل قدميه
…
» . وفي رواية رابعة له عنها «فصبَّ على يده فغسلها مرة أو مرتين، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل فرجه، ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ويديه، وغسل رأسه ثم صبَّ على جسده، ثم تنحى فغسل قدميه..» .